توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حديث المبادرة وما حولها!

  مصر اليوم -

حديث المبادرة وما حولها

بقلم - عبد الله السناوي

لم تتوافر فرص حقيقية لنجاح المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار فى غزة.
المبادرة بنصوصها وسياقها أقرب إلى محاولة وسط حقول ألغام سياسية لإنهاء أكثر الحروب الحديثة بشاعة وتدميرا على ثلاث مراحل لا مرة واحدة بقرار دولى، كما سعت أغلبية ساحقة من دول العالم دون جدوى.
بدا لافتا أن الأطراف المخاطبة بالمبادرة تحفظت عليها فى بيانات رسمية دون إشارة إلى الجهة التى أطلقتها بالاسم.
هكذا عدلت السلطات المصرية توصيفها إلى مقترحات أولية تصلح أساسا لاستطلاع آراء كافة الأطراف قبل بلورة «موقف متكامل».
المعنى أنه لم يكن هناك تداول حقيقى ومتكامل بشأنها، رغم المباحثات المطولة مع قيادات «حماس» و«الجهاد الإسلامى» فى القاهرة، ولا جرت تفاهمات مسبقة مع أى أطراف إقليمية متداخلة ومؤثرة فى الملف.
تأسست المرحلة الأولى فى الخطة المقترحة على تجربة الهدنة المؤقتة الأولى، التى شهدت إفراجات متزامنة فلسطينية وإسرائيلية بنسب متفق عليها عن أسرى ورهائن من النساء والأطفال.
إعادة إنتاج الفكرة نفسها لتشمل هذه المرة تبادل كبار السن والمرضى وقدامى الأسرى بنفس النسبة السابقة استدعى موقفين متعارضين، قبول إسرائيلى مراوغ ورفض فلسطينى معلن خشية الوقوع فى فخ خسارة ورقة الأسرى والرهائن دون أن يكون هناك وقف مستدام لإطلاق النار.
فى بيان مشترك لممثلى فصائل المقاومة الفلسطينية عقد فى بيروت، لم تشارك فيه حركة «فتح»، جرى التأكيد على «الوقف الفورى لحرب الإبادة والأرض المحروقة والتطهير العرقى للعدوان الإسرائيلى».
كان ذلك الموقف بتوقيته ودواعيه نوعا من التحفظ على الخطة المقترحة دون إشارة إلى أصحابها خشية إفساد العلاقات مع أكبر دولة عربية فى ظروف غير محتملة.
لم يكن ذلك موقفا جديدا، فقد أعلنت المنظمات نفسها رفضها لأية هدنة مؤقتة جديدة، قد تمتد لفترة أطول هذه المرة، يعود إطلاق النار بعدها.
الموقف الإسرائيلى يبدو أكثر تعقيدا بشأن المرحلة الأولى.
هناك ضغط داخلى متزايد من أسر الأسرى والرهائن وتجمعات احتجاجية فى قلب تل أبيب تطالب بصفقة تبادل أسرى شاملة فورا وتدعو بالوقت نفسه لوقف إطلاق النار.
وتيرة الغضب ارتفعت بعد فشل الجيش الإسرائيلى فى إحراز علامة نصر واحدة ومقتل ثلاثة جنود أسرى بنيران الجيش رغم رفعهم رايات بيضاء وهم يصرخون: «أنقذونا».
التشققات السياسية الداخلية فى بنية الحكومة وخياراتها، كما فى المجتمع الإسرائيلى كله، وانخفاض مستوى الثقة فى الجيش والاستخبارات فى السجال العام استدعت تطورين كاشفين:
الأول ــ توسيع نطاق الرقابة العسكرية على وسائل الإعلام.
والثانى ــ الدعوات المتواترة إلى نبذ الخلافات بذريعة أن الدولة تمر بأوقات صعبة وحرب قاسية، كما قال رئيسها «إسحاق هرتزوج» فى خطاب متلفز.
المجتمع منقسم والجيش مأزوم، وحدود المناورة شبه معدومة.
فى مثل تلك الأجواء يصعب تماما على رئيس الحكومة الإسرائيلية «بنيامين نتنياهو» أية ممانعة فى ضرورة المرحلة الأولى خاصة أن الداعم الأمريكى يؤيد دوما الهدن المؤقتة.
بنظر الرئيس الأمريكى «جو بايدن» فإن هناك انحسارا للدعم الدولى، الذى كانت تحظى به الدولة العبرية.
معضلاته الداخلية والدولية تدعوانه إلى تبنى جوانب عديدة من الخطة المقترحة.
إنها تعفيه ــ أولاــ من المساءلة الداخلية فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، التى اقتربت مواعيدها، بذريعة أن هناك خطة سلام أكثر واقعية من مشروعات وقف إطلاق النار!، التى حال دون استصدارها بحق النقض مرة بعد أخرى فى مجلس الأمن الدولى.
ثم إنها تخفف ــ ثانيا ــ من وطأة العزلة الدولية، التى وضع فيها بلاده، واتساع مدى الانتقادات فى صفوف الحلفاء الغربيين للطريقة التى يدير بها الحرب على غزة.
ثم كانت المرحلة الثانية فى الخطة المقترحة أقرب إلى مخرج سياسى آخر لأزمة اليوم التالى، وهو سؤال لا إجابة متماسكة واحدة عليه.
بنيت الافتراضات الأمريكية والإسرائيلية على اجتثاث «حماس»، وهو ما يعترف القادة العسكريون الميدانيون أنفسهم الآن أنه لم يعد واقعيا.
حسب ما هو مقترح: تشكيل حكومة «تكنوقراط» تشرف على الإغاثة وإعادة الإعمار والتمهيد لانتخابات فلسطينية رئاسية وبرلمانية.
هنا تبدت على سطح الحوادث خلافات وصراعات مبكرة ولا لزوم لها داخل البيت الفلسطينى.
بصورة صريحة احتدت السلطة الفلسطينية برئاسة «محمود عباس» على الخطة المقترحة خشية خسارة أدوارها فى اليوم التالى بذريعة أنها تتحدث فى تشكيل حكومة فلسطينية بعيدا عن «مسئوليات منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطينى».
فى بيان باسم المنظمة، الذى لم يعد لها وجود فعلى على الأرض، أو دور مؤثر فى حركة الحوادث أكدت: «إن المبادرة لم يجر حولها تنسيق مسبق، وأنه قد جرى تجاهل دورها فى اليوم التالى للحرب». لكنها عادت لاحقا لتعلن على لسان بعض مسئوليها أنها تواصلت مع القاهرة وتأكدت أن الأفكار أولية، وأنها بصدد مواصلة التشاور مع مصر من أجل صالح القضية الفلسطينية.
بتعبير رئيسها: «قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية وأن أى حل سياسى يجب أن يكون شاملا لكل أرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس».
إنه سؤال اليوم التالى: لمن السلطة؟!
بنظر «حماس» فإنها توافق على بحث ترتيبات البيت الفلسطينى بعد وقف إطلاق النار لا قبله.
بصورة صريحة أخرى مالت الفصائل الفلسطينية التى اجتمع ممثلوها فى بيروت إلى الكلام فى المبادئ الحاكمة دون دخول فى تفاصيل لا تقتضيها ظروف وتحديات الحرب.
فى بيان رسمى مشترك أعلنت التزامها بـ«تطوير النظام السياسى الفلسطينى وتعزيزه على أسس ديمقراطية عبر الانتخابات العامة الرئاسية والمجلسين التشريعى والوطنى وفق نظام التمثيل النسبى الكامل فى انتخابات حرة ونزيهة وشفافة وديمقراطية يشارك فيها الجميع».
هكذا اصطدمت الخطة المقترحة بتعقيدات الوضع الداخلى الفلسطينى، السلطة متمترسة فى مواقعها دون رصيد شعبى يسندها والمقاومة المسلحة مرشحة لاكتساح أى انتخابات ذات صدقية، وهذا يتعارض مع الاستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية المشتركة فى منع «حماس» من حكم غزة مجددا فإذا بها تحكم الضفة معها.
هذا سبب كاف لرفض إسرائيلى وأمريكى مشترك وربما عدم الانتقال إلى المرحلة الثالثة، التى تدعو لـ«استكمال وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وانسحاب الجيش الإسرائيلى من غزة بالكامل وعودة النازحين إلى مناطقهم وبيوتهم».
أمام كل تلك التعقيدات وحقول الألغام يصعب المضى فى الخطة المقترحة، ولا هو ممكن التوافق بين الأطراف المتعارضة بعد استطلاع وجهات نظرها لبلورتها بصورة كاملة حسب التصريحات الرسمية.
الحل الممكن الوحيد هو الحل المباشر الذى يتوافق عليه العالم بأسره، باستثناء الإدارة الأمريكية: الذهاب إلى وقف إطلاق نار مستدام وصفقة تبادل للأسرى والرهائن وفق مبدأ «الكل مقابل الكل».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حديث المبادرة وما حولها حديث المبادرة وما حولها



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon