توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اليوم التالي.. سؤال السلطة الفلسطينية

  مصر اليوم -

اليوم التالي سؤال السلطة الفلسطينية

بقلم - عبد الله السناوي

ماذا بعد غزة والحرب عليها؟
إنه سؤال اليوم التالى بكل حمولاته السياسية والاستراتيجية والإنسانية المتفجرة.
الإجابات تتعدد باختلاف المواقع، تتناقض وتتباين، بدرجات مختلفة من الحدة والعصبية، رغم أن الحرب لم تتوقف، ولا استبانت نتائجها الأخيرة.
لا الجيش الإسرائيلى حسم الحرب على غزة ولا فصائل المقاومة الفلسطينية هزمت فيها.
فى استباق النتائج إيحاء ظاهر للعالم المفزوع من مشاهد الإبادة الجماعية، التى يتعرض لها الفلسطينيون، بأن آلة الحرب سوف تتوقف قريبا ويعاد ترتيب الأوراق المبعثرة فى القطاع المعذب بعد اجتثاث «حماس».
بتعبير موجز ودال للبيت الأبيض: «الوقت يضيق».
الدعم الأمريكى المطلق لآلة الحرب الإسرائيلية بدأ يتزعزع، أو يقل مستوى ثقته فى قدرتها على الحسم رغم الغطاء السياسى الذى توفره وإمدادات السلاح التى لا تتوقف.
الكلفة الاستراتيجية باهظة، والتضامن مع الفلسطينيين تتسع رقعته فى العالم وداخل الولايات المتحدة كما لم يحدث من قبل، ومواقف الحلفاء الغربيين بدأت تتشقق تحت ضغط الرأى العام فى بلدانهم.
الخيار الأمريكى الأفضل لليوم التالى: إسناد الإشراف على غزة إلى السلطة الفلسطينية باسم «اتفاقية أوسلو»، أو بادعاء العودة إلى ما قبل الانشطار الفلسطينى عام (2007).
لا تقبل إعادة احتلال قطاع غزة ولا توافق على فرض هيمنة أمنية إسرائيلية لفترة غير محددة كما يدعو رئيس وزرائها «بنيامين نتانياهو».
من حيث المبدأ لا تمانع السلطة الفلسطينية فى ذلك الاقتراح، لكنها تشترط لقبوله توافر حل سياسى شامل حتى لا تتهم أنها قد عادت فوق دبابة إسرائيلية.
لم تكن هذه المرة الأولى التى يطرح فيها سؤال اليوم التالى على السلطة الفلسطينية.
عند كل منعطف يطرح السؤال نفسه.
فى أواخر يوليو (2010) تجلت المأساة الفلسطينية بصورة منذرة بما سوف يحدث مستقبلا من تراجعات.
أخذ رئيس السلطة «محمود عباس ــ أبو مازن» يتحدث بإسهاب أمام رؤساء تحرير الصحف المصرية عن الموقف الصعب الذى يجد نفسه فيه، فهو مطالب بالذهاب إلى مفاوضات مباشرة مع إسرائيل دون أن يكون مقتنعا بتوافر أية شروط موضوعية لنجاحها.
لم يكن يعرف ما قد يحدث فى اليوم التالى، ومصير قضية شعبه متروك لأطراف أخرى دولية وإقليمية تحدد القرار الأخير فى العودة إلى المفاوضات المباشرة.
قال مؤكدا: «لن أذهب إلى المفاوضات».. لكن أحد من محاوريه لم يعتبر ذلك خبرا، أو أنه لن يذهب فعلا.
تبدت حيرته فى أنه كان مطلوبا منه أن يقفز إلى المفاوضات المباشرة بلا أرضية يقف عليها، أو ضمانات تحفظ ماء وجهه أمام معارضيه الفلسطينيين.
لم تكن الحقائق خافية عليه فـ«نتنياهو» لم يجب إطلاقا عن سؤال الحدود مع الوسيط الأمريكى ــ على ما أكد بنفسه.
هو رجل عملى يدرك أن غياب معطيات توفر للمفاوضات جديتها يحيل الموضوع كله إلى نوع من العبث واستنفاد الوقت.. لكنه ــ مع تلك الاستخلاصات ــ ترك الباب مفتوحا لاتصالات وتطمينات قد تأتيه فى اللحظة الأخيرة من إدارة «باراك أوباما»، أو من الرئيس «حسنى مبارك»، أو من العاهل السعودى «عبدالله»، أو أن يرفع «نتنياهو» الهاتف ويتصل به مطمئنا على جدية المفاوضات! عندها «سوف أوافق فورا».
كان يدرك جيدا أن القرار عند أطراف أخرى، والباقى تفاصيل وإخراج أمام الكاميرات.
فى ذلك اليوم البعيد كان مشغولا فى مداخلاته أن يؤكد أنه يملك قراره، وأنه فى مرات سابقة رفض طلبات أمريكية فى أوقات حرجة، فقد اتصل به نائب الرئيس الأمريكى السابق «ديك تشينى» ليدعوه إلى الامتناع عن المشاركة فى قمة الدوحة العربية، لكنه رفض هذا الطلب، فالقمة تناقش القضية الفلسطينية، وهى قضيته، ولا يمكن أن يغيب عنها.
«يقولون إننى أمريكى.. لكننى غير واقع تحت الضغوط».. رغم أن الولايات المتحدة تساهم فى دعم السلطة الفلسطينية بـ(450) مليون دولار سنويا!
اعترف بالضغوط المتصاعدة عليه، وأن الأمر أكثر تعقيدا وصعوبة من أى وقت مضى.. لكنه سوف يقبل بالمفاوضات المباشرة لدى أول اتصال أمريكى!
كان مستعدا أن يذهب لـ«الإيباك» بنفسه، وأن يتجاهل نصيحة تلقاها من أطراف فى الإدارة الأمريكية بعدم الإقدام على هذه المخاطرة، فقد يجرى اصطياد تصريحات يطلقها وتتعقد الأمور أكثر مما هى معقدة.
كان مستلفتا للانتباه أن «أبو مازن» مانع فى الذهاب إلى غزة بينما يشعر بالفخر أنه ذهب إلى «الإيباك».
يومها وجه إليه سؤال محرج: «الذى يذهب إلى الإيباك.. لا يحق له عدم الذهاب إلى غزة أيا كانت حججه.. لماذا لا تذهب إليها الآن؟».
لم تكن لديه إجابة على شىء من التماسك والإقناع.
كان السؤال الأخير فى ذلك اللقاء عن تصوراته للمشهد الفلسطينى المقبل فى ظل المعطيات التى أسهب فيها، وعن تقديراته السياسية لما يتوجب عمله عند الأبواب المغلقة.. نظر نحوى مدركا فداحة الموقف الذى يقف فيه: «ما رأيك أنت.. بم تنصحنى؟«.. قلت: «حل السلطة الفلسطينية التى تترأسها».. قال على الفور: «موافق.. لكن ليس الآن!».
العبارة بذاتها وفى توقيتها لها دلالتها ومغزاها، فالرجل الذى يوصف بأنه «عراب أوسلو» يدرك أنها قد انتهت، إن لم يكن الآن، ففى وقت لاحق سوف يعلن نهايتها رسميا.. والكلام يدخل فى النهايات وينذر بها.
كانت السلطة الفلسطينية قد استهلكت أية أوهام ورهانات على التفاوض دون أن تعلن أية قطيعة مع «أوسلو»، ظلت فى مكانها كأنها فى بيت أشباح.
الآن تطلب الإدارة الأمريكية أن تلعب سلطة استنفذت شرعيتها وشعبيتها دورا فى إعادة ترتيب أوراق غزة، دون أن تدرك أن الأوضاع فى غزة والضفة الغربية لن تعود إلى ما قبل السابع من أكتوبر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليوم التالي سؤال السلطة الفلسطينية اليوم التالي سؤال السلطة الفلسطينية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon