توقيت القاهرة المحلي 22:38:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بايدن ونتنياهو في مأزق رفح!

  مصر اليوم -

بايدن ونتنياهو في مأزق رفح

بقلم - عبد الله السناوي

بحساباته السياسية المتعارضة وأثمانه الإنسانية الباهظة يبدو الاجتياح الإسرائيلى المحتمل لمدينة رفح الفلسطينية الحدودية مع مصر مأزقًا مستحكمًا يصعب تجاوزه، أو الحد من أخطاره الماثلة.
إنه اختبار مصيرى للرئيس الأمريكى «جو بايدن» ورئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتنياهو» معًا يتوقف عليه مستقبلهما السياسى.
هناك ما يدعو إلى الاعتقاد أن اجتياحًا عسكريًا إسرائيليًا لرفح مسألة وقت، قد يتأخر لبعض الوقت بضغط أمريكى يحاول تخفيف فاتورة الدماء المتوقعة دون أن يرفضه من حيث المبدأ.
إنها مسألة حياة أو موت بالنسبة لـ«نتنياهو» أملًا فى الوصول إلى قيادات المقاومة الفلسطينية وتحرير الأسرى والرهائن دون دفع أثمان قد تقوض حكومته وتنهى حياته السياسية للأبد.
وهناك ــ بالمقابل ــ ما يدعو إلى التشكك فى أن يحدث ذلك الاجتياح خشية أن يفضى إلى مجازر جديدة تنال من قرابة مليون والنصف المليون نازح فلسطينى قيل لهم إن اللجوء لجنوب القطاع سيكون آمنًا.
إنها مسألة حياة أو موت أخرى بالنسبة لـ«بايدن»، فقد تقوض صورته الرئاسية وتسقط اعتباره أمام قطاعات متزايدة من الرأى العام فى بلاده، وداخل حزبه الديمقراطى نفسه، تكلفه خسارة الانتخابات الرئاسية، التى اقتربت مواعيدها نوفمبر المقبل.
الملفت هنا أن «دونالد ترامب» الطرف الآخر فى الانتخابات الوشيكة دعا الإسرائيليين من موقع الحليف الموثوق إلى وقف إطلاق النار محذرا من عواقب تدهور صورتها فى العالم.
لأول مرة فى تاريخ الانتخابات الأمريكية تتصدر أزمة دولية اهتمامات الرأى العام وتؤثر فى توجهاته التصويتية.
الاعتبارات الشخصية ماثلة فى المشهد المأزوم بقرب الحدود المصرية، لكن تداعياته المحتملة قد تتجاوز الرجلين معًا إلى مستقبل المنطقة بآسرها والمصالح الغربية المتمركزة فيها.
فى اللحظة التى امتنعت فيها الولايات المتحدة عن استخدام حق النقض لإجهاض قرار مجلس الأمن (2728)، الذى يدعو إلى وقف الحرب خلال شهر رمضان، تبدت ردات فعل إسرائيلية غير معتادة فى تاريخ العلاقات مع الولايات المتحدة.
أبلغ «نتنياهو» الأمريكيين قبل التصويت أنه إذا لم يستخدموا حق النقض، كما فعلوا لأربع مرات سابقة، فإنه سوف يصدر تعليماته بمنع سفر وفد من كبار معاونيه لواشنطن للاستماع إلى بدائل مقترحة لاجتياح رفح.
هذا ما حدث دون اعتراض من شريكه فى مجلس الحرب «بينى جانتس»، المقرب من إدارة «بايدن».
إنها ورقة رفح فى الضغوطات المتبادلة.
كان ذلك ثمنًا مطلوبًا لمجرد الاستماع للمقترحات الأمريكية دون أدنى تعهد بالامتناع عن الاجتياح نفسه.
بوقت قياسى تعدلت لغة الخطاب على الجانبين.
تحدثت المصالح الاستراتيجية وتراجعت أية اعتبارات شخصية.
البيت الأبيض اكتفى بإبداء «خيبة الأمل»، مؤكدًا مرة بعد أخرى ان القرار «غير ملزم»، رغم أن قرارات مجلس الأمن لها قوة الإلزام بنص ميثاق الأمم المتحدة!
بكل وضوح أكدت واشنطن أنه لا تغيير فى سياساتها وطبيعة التزاماتها تجاه إسرائيل.
بنفس الوقت جرى التراجع فى تل أبيب عن لغة الخطاب الحادة.
بنص كلام «نتنياهو» فإنه لم يمنع سفر الوفد الإسرائيلى إلى واشنطن اعتراضًا على الامتناع الأمريكى عن استخدام حق النقض رغم أنه كان إجراء خاطئًا.
ما حدث وفق كلامه المستجد كان رسالة إلى «حماس» لا «البيت الأبيض»، إلى «يحيى السنوار» لا «بايدن»: «لا تراهنوا على الضغط الدولى، فهو لن يجدى».
أعاد تعريف أسبابه لمنع الوفد الإسرائيلى من زيارة واشنطن على نحو مختلف خشية أن يشجع التصويت الأمريكى «حماس» على التشدد فى المفاوضات، لكنه قال بوضوح كامل: «سوف يكون هناك موعد جديد لإرسال الوفد إلى واشنطن».
هكذا عادت مسألة رفح موضوعًا للتشاور مع البيت الأبيض.
لم يكن ذلك التراجع على جانبى الأزمة العارضة اختياريا، إذ إن الدور الوظيفى الذى تلعبه الدولة العبرية فى خدمة الاستراتيجيات الغربية بالشرق الأوسط لا يمكن الاستغناء عنه باعتبار أو آخر.
كما أن إسرائيل يستحيل عليها أن يمضى جيشها فى عملياته العسكرية المنهكة والطويلة دون غطاء استراتيجى أمريكى وإمدادات سلاح وذخيرة تطلبها وتلح عليها.
لهذا السبب بالذات تصادف تواجد وزير دفاعها «يوآف جالانت» بالعاصمة الأمريكية أثناء الأزمة العارضة.
بتلخيص آخر لتجذر العلاقات وطبيعتها قال «إيتمار بن غفير»، وزير الأمن القومى المتطرف فى حوار لـ«النيويورك تايمز»: «بايدن ينحاز لخط يحيى السنوار ورشيدة طليب لا نتنياهو وبن غفير».
لم يكن ذلك توصيفًا حقيقيًا لحقائق الموقف، لكنه لخص التجاذبات، التى تنشأ من وقت إلى آخر، كما لو أنها داخل البيت الواحد!
إذا ما أوقفت الحرب الآن فإنها سوف تكون بمحصلتها الأخيرة هزيمة استراتيجية مزدوجة لأمريكا وإسرائيل تقوض مستقبل «بايدن» و«نتنياهو» بأقرب استحقاق انتخابى.
بعيدًا عن الاعتبارات الشخصية فإن الخيارات والاستراتيجيات شبه متطابقة فى ضرورة اجتثاث «حماس» وعدم السماح لها بتمركز جديد فى غزة، غير أن «بايدن» لديه شكوك عميقة فى كفاءة الإدارة السياسية لـ«نتنياهو»، الذى تغيب عنه أى تصورات واقعية لليوم التالى بعد الحرب على غزة.
إدارة «بايدن» غير مقتنعة بالخطط والاستعدادات الإسرائيلية لاجتياح رفح، لا تمانع فى الاجتياح نفسه، لكنها لا تثق فى جاهزية الجيش الإسرائيلى وقدرته على الحسم دون مجازر قد تفضى إلى أضرار فادحة بالمصالح الأمريكية فى المنطقة.
المقترحات والبدائل الأمريكية المسربة لا تفى بمتطلبات وتصورات «نتنياهو»، لكنها تظل نقطة اتفاق ممكنة تحقق بعض أهدافه، لا كلها.
أخطر ما فى تلك البدائل المقترحة استهداف قيادات «حماس» بالاغتيال المنهجى، أو استئصالها.
هذا نهج طويل المدى، بدأته الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بالفعل فى لبنان.
كان اغتيال نائب رئيس المكتب السياسى لـ«حماس» الشيخ «صالح العارورى» مقدمته.
ذلك الاقتراح، رغم محظوراته التى تناقض أى قانون دولى واى اعتبار لسيادات الدول على أراضيها، ينطوى على اعتراف شبه معلن بأن الحركة لا يمكن تقويضها تمامًا، أو إلغاء حضورها فى المعادلات الفلسطينية.
ثم يبدو مستلفتًا فى البدائل الأمريكية: زيادة المساعدات الإنسانية، وهو طلب تتبناه الأغلبية الساحقة من دول العالم، ويحرص الأمريكيون على تأكيد التزامهم به بدواعى تحسين الصورة، لكنه بالمقابل ينطوى على تخل نهائى عن مشروع التهجير قسريًا، أو طوعيًا.
الكلام نفسه لا تستسيغه الحكومة الإسرائيلية بتركيبتها، ويظل سيناريو الاجتياح ماثلًا.
هكذا يصعب التعويل على مباحثات واشنطن الأمريكية الإسرائيلية لوقف اجتياح رفح وإبعاد شبح المذبحة المروعة التى تترتب عليه.
السيناريوهات كلها مفتوحة على تفاهمات ممكنة حول الاجتياح.. طبيعته وحجمه ووسائل نقل المدنيين إلى أماكن أخرى وبعض ما هو مسرب عن ترتيبات وإجراءات لا تقل خطرًا عن التهجير نفسه.
إذا لم يكن للعالم العربى صوت مسموع ومؤثر فإن المذبحة المروعة سوف تحدث.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بايدن ونتنياهو في مأزق رفح بايدن ونتنياهو في مأزق رفح



GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

‫تكريم مصطفى الفقى‬

GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon