توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الصفقة وما بعدها.. الشيطان في التفاصيل!

  مصر اليوم -

الصفقة وما بعدها الشيطان في التفاصيل

بقلم - عبد الله السناوي

الالتزامات وجديتها أهم من النصوص وبنودها.
يقال عادة «الشيطان فى التفاصيل».. والتفاصيل ضرورية لمعرفة حدود الصفقة المقترحة لهدنة طويلة الأمد فى قطاع غزة وتبادل الأسرى والرهائن.
إذا أفلت الحساب الفلسطينى فقد تخسر المقاومة ما كسبته بفواتير الدم الباهظة.
التعقيدات ماثلة فى المشهد بصورة تدعو إلى التساؤل عن قدرة أية صفقة مفترضة على الصمود وأن تضمن بنفس الوقت الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتنازل.
السيناريوهات كلها ملغمة بالحسابات المتضادة والاعتبارات المتغيرة.
هناك فارق جوهرى بين أن تكون الصفقة موقوتة بإجراءات محددة ومدى زمنى لا تتجاوزه تعود بعدها العمليات العسكرية إلى كامل عنفها ووحشيتها وبين أن تكون وقفا مستداما لإطلاق النار تعقبه عملية سياسية متوافق عليها.
الأوصاف العامة لا تساعد على بناء تصور متماسك لما قد يحدث تاليا، كأن يقول البيت الأبيض إن مقترح الصفقة «قوى وبناء»، لكنها تكشف النوايا والتوجهات والضغوطات المحتملة.
تكاد تجزم الأجواء والتصريحات المتناثرة أن صفقة ما قد تحدث بأية لحظة.
صلب ما هو مطروح خطة على مراحل لتبادل الرهائن والأسرى وإدخال مساعدات إنسانية واسعة النطاق إلى القطاع المحاصر، الذى يتعرض لواحدة من أبشع حروب الإبادة فى التاريخ الإنسانى الحديث.
بصيغة أخرى فإنها هدنة طويلة الأمد غير محددة وغير موثوقة تستهدف وقفا لإطلاق النار، لكنها لا تنص عليه.
ضرورات الصفقة تضغط على اللاعبين الدوليين والإقليميين فيما يشبه الإجماع، فيما تبدو إسرائيل منقسمة بفداحة بين يمين متطرف يناهض وقف إطلاق النار ومعارضة متصاعدة تطلب إزاحة «بنيامين نتنياهو» من رئاسة الحكومة، لكنها لا تتردد فى أن تمنحه شبكة أمان فى الكنيست إذا ما أقدم على الصفقة حتى لا يكون قراره معلقا بإرادة اليمين المتطرف وحده.
قد تعلن الصفقة فى صيغتها الأخيرة الآن، أو تؤجل لبعض الوقت لدواعى سد الفجوات الواسعة بين الطرفين المتحاربين، لكنها آتية دون شك بقوة الحقائق الماثلة.
أهم تلك الحقائق أن البيئة الدولية العامة لم تعد تحتمل، ولا إسرائيل نفسها تتحمل، الاستمرار فى حرب الإبادة على غزة.
كانت قرارات محكمة العدل الدولية تلخيصا للغضب الإنسانى الواسع على جرائم الإبادة فى غزة، الذى عبر عن نفسه باتساع نطاق التظاهرات والاحتجاجات فى عواصم ومدن الغرب الكبرى.
بأثر بشاعة الصور لم يعد بوسع إسرائيل أن تلعب «دور الضحية المحاصرة» فى إقليم يناهض القيم الديمقراطية الحديثة على ما اعتادت أن تسوق نفسها.
استدعت الهزيمة الأخلاقية والاستراتيجية التى لحقتها، أيا كانت النتائج الأخيرة بالميدان، تدخلا أمريكيا وغربيا لإنقاذ إسرائيل من نفسها.
الصفقة المقترحة، أيا كانت حدودها وطبيعتها، تخفف من الأضرار الفادحة، التى كادت تقوض صورة إسرائيل أمام العالم.
كما أنها تجعل ممكنا للدولة العبرية أن تقول لمحكمة العدل الدولية إنها التزمت بالإجراءات التى طلبتها قبل موعد الشهر المقرر، وأن ما هو منسوب إليها من تورط فى الإبادة الجماعية بريئة منه!!
حسب وزيرة خارجية جنوب إفريقيا «ناليدى باندور»، التى قدمت دعوى الإبادة الجماعية لـ«العدل الدولية»، فإنه لا يمكن تنفيذ تلك الإجراءات دون وقف كامل لإطلاق النار.
كان ذلك استخلاصا سياسيا وقانونيا وإنسانيا صحيحا تماما.
فوق ذلك كله فإن الفشل الإسرائيلى فى تحقيق علامة نصر واحدة رغم مرور أربعة أشهر من الحرب الضارية استدعى استخلاصا عاما آخر أنه لا يمكن كسبها، وأن ادعاء إسرائيل بقدرتها على تقويض «حماس» واستعادة الأسرى والرهائن دون تفاوض، محض أوهام.
بدا «نتنياهو» أسيرا بالكامل لليمين المتطرف خشية أن تتقوض حكومته، التى تعتمد عليه فى بقائها.
فى ذروة الاتصالات والاجتماعات المنهكة والمطولة للتوصل إلى صفقة ما عقد مؤتمر حاشد فى القدس برئاسة وزير الأمن القومى المتطرف «إيتمار بن غفير» عنوانه: «العودة إلى غزة».
إنها دعوة صريحة بحضور (12) وزيرا إسرائيليا للتوسع الاستيطانى فى القطاع المحاصر والمقاتل معا.
الوزراء أنفسهم يتبنون مشروع التهجير القسرى من غزة إلى سيناء ومن الضفة الغربية إلى الأردن بلا أدنى استعداد للنظر فى العواقب الوخيمة.
كان تصعيد المواجهات والاعتقالات والاغتيالات فى الضفة الغربية، كما لم يحدث من قبل، تعبيرا عن ذلك التوجه دون اكتراث بالتحفظات والاعتراضات الغربية.
فى إشارة لافتة قررت واشنطن اتخاذ إجراءات غير مسبوقة بحق أربعة من قيادات المستوطنين.
كانت تلك رسالة احتجاج مخففة رد عليها «بن غفير» بوصف قادة المستوطنين بـ«الأبطال»!
فى مثل هذه الأجواء المتلاطمة لخص «نتنياهو» مواقفه بعبارة ملتبسة: «نسعى لاتفاق ما لكن ليس بأى ثمن».
المعنى المبطن أنه يوافق ويعارض فى نفس اللحظة الصفقة المقترحة، خشية أن يفلت الزمام من بين يديه.
يدرك أنه لا يقدر على تمديد الحرب دون غطاء أمريكى ولا يستطيع وقفها دون موافقة حلفائه فى الحكومة وإلا فإن سقوطه مؤكد.
رغم تعهد زعيم المعارضة «يائير لابيد» بشبكة أمان له فإنه يدرك أن الخطوة التالية إزاحته من رئاسة الحكومة.
بذات الوقت لن يتوقف الرئيس الأمريكى «جو بايدن» عن الضغط عليه بصورة مباشرة وغير مباشرة، فمصير حملته لتجديد رئاسته لفترة ثانية تكاد تتوقف على إنجاز تلك الصفقة بلا إبطاء حتى يكون أمامه وقت كاف لإقناع أنصاره الغاضبين فى الحزب الديمقراطى من عرب ومسلمين وسود ويساريين أنه صانع سلام لا شريك فى الإبادة الجماعية.
هاجس «بايدن» المقيم هو توسيع نطاق الحرب، مدركا عواقبها الوخيمة على المصالح الأمريكية وعلى مستقبله السياسى، لكنه يجد نفسه بارتباك مفرط منخرطا فى اشتباكات منذرة بالبحر الأحمر ومدعوا لعمليات انتقامية واسعة ردا على ما تعرضت له قاعدة أمريكية على الحدود السورية الأردنية العراقية من استهداف أوقع قتلى ومصابين.
إنه مستوى غير مسبوق فى الارتباك الاستراتيجى الأمريكى، أو الوجه الحقيقى لأزمة «اليوم التالى»!
التصورات كلها هشة والتداعيات خارج السيطرة.
هذه حقيقة لا يمكن إنكارها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصفقة وما بعدها الشيطان في التفاصيل الصفقة وما بعدها الشيطان في التفاصيل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon