توقيت القاهرة المحلي 21:40:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان... إعادة إنتاج الأزمة

  مصر اليوم -

لبنان إعادة إنتاج الأزمة

بقلم - مصطفى فحص

في السباق إلى الانتخابات التشريعية اللبنانية المُزمع إجراؤها في 15 مايو (أيار) المقبل، تتراجع نسبياً حماسة المواطنين، حيث من المتوقع أن يتراجع الإقبال على التصويت، وتختلف نسبته بين منطقة وأخرى، وبين بيئة وأخرى، خصوصاً أن هذه الانتخابات تأتي في ظروف اقتصادية صعبة، يتقدم فيها الهمّ المعيشي على الهمّ الانتخابي، الذي قد يؤثر أولاً في حجم المشاركة في عملية الاقتراع، وثانياً في خيارات الناخبين، مع تصاعد احتمالات المقاطعة أو التصويت بورقة بيضاء أو اللجوء إلى خيار التصويت العقابي، الذي قد يذهب لأي لائحة تعارض أحزاب المنظومة بغض النظر عن قدرتها على تحقيق نتائج تؤهل أحد أفرادها للفوز بمقعد نيابي.
الواضح أن أولويات اللبنانيين الانتخابية في هذه الدورة ستكون مختلفة ومتناقضة في كيفية اختيارهم، فقد نشهد معارك كسر عظم في المناطق المسيحية، وذلك مع صعود قوى التغيير وقدرتها على تشكيل لوائح معارضة صلبة (لائحة «شمالنا» مثالاً)، ويترافق ذلك مع عودة الشخصيات العائلية والبرجوازية الوطنية إلى لعب دور أساسي بعد انتفاضة «17 تشرين»، مع احتمال تراجع هيمنة القوى الحزبية الأساسية. أما على المستوى السني فهناك احتمال كبير في مقاطعة كبيرة، الأمر الذي سيؤدي إلى تشتيت اللوائح وضياع التمثيل السني، وهو ما سيستفيد منه «حزب الله» مباشرة، فمن المتوقع أن ترتفع نسبة حلفائه السُّنة في البرلمان المقبل.
شيعياً... الواقع يختلف كلياً في مناطق نفوذ الثنائي الحاكم في الطائفة الشيعية، الذي يتصرف بفائض وصاية على الناخبين وترهيب ضد المنافسين، حيث يُسجل غياب المنافسة العادلة وانعدام ضمانات السلامة للوائح المعارضة في الجنوب والبقاع الشمالي (بعلبك الهرمل)، ففي هذه المناطق يمكن الجزم بأن النتائج محسومة لصالح الثنائي، ولكن ما هو ليس محسوماً بعد، حجم المشاركة، مع تزايد قلق الطرفين (حركة أمل و«حزب الله») من تراجع الإقبال على التصويت، حتى من قبل بيئتهم التنظيمية وليس الجمهور الشيعي العام، ما دفع آلتهم الدعائية إلى شن حملات ترهيب وتخوين لكل معارض، وإلى قطع الطرقات وإطلاق النار لمنع إقامة لقاءات انتخابية، فيما تتعرض لائحة المعارضة في دائرة الجنوب الثالثة (معاً نحو التغيير) إلى شتى أنواع المضايقات والتهجمات، خصوصاً بعدما استطاع شباب الانتفاضة مع بعض القوى اليسارية والشخصيات المحلية تشكيل لائحة متماسكة لأول مرة في الجنوب تختلف عن جميع التجارب السابقة، وتقديم خطاب جديد تأسيسي، خصوصاً في مقاربة التساؤلات الحساسة التي يطرحها الناخب الجنوبي دائماً، لكن الأبرز أن هذه اللائحة رغم قلة إمكاناتها وحتى انعدامها ورغم فرص فوزها الضئيلة، أصبحت رمزاً للمعركة الانتخابية ليس في الجنوب فقط بل في كل لبنان.
عملياً، ستؤدي انتخابات مايو المقبل إلى إعادة إنتاج الجزء الأكبر من المنظومة السياسية الحالية، وإعادة منحها شرعية دستورية يساعدها على ذلك أمران؛ الأول قانون الانتخابات الذي فُصّل بطريقة تناسب القوى السياسية الحاكمة، وثانياً عدم تبلور جبهة معارضة شبه موحدة قادرة على خوض الانتخابات بشكل متماسك لأسباب عديدة؛ أبرزها محاولة بعض أحزاب السلطة التي رفعت شعارات التغيير مصادرة «انتفاضة تشرين»، في المقابل عدم قدرة مجموعات الانتفاضة والقوى التي تشكلت بعد «17 تشرين» تحقيق لوائح جامعة، وفشلها في إقناع جزء من الناخبين بأنها بديل فعلي يمكن الرهان عليه.
وعليه، فإن طبيعة البرلمان المقبل واضحة؛ هناك أغلبية لطرف معين ستحتفل بانتصارها، لكنها في 16 مايو، أي اليوم الأول لإعلان النتائج، ستصبح مطالبة بتقديم حلولها، وستتحمل المسؤولية وحدها من دون أي شريك، كما أن الناخب الذي أعاد انتخابها سيتحمل أيضاً مسؤولية خياراته، فمن أعاد تكليف من صنعوا أزمته، أشبه بمَن يحفر قبره وقبور اللبنانيين بيديه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان إعادة إنتاج الأزمة لبنان إعادة إنتاج الأزمة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 19:23 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
  مصر اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 10:53 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مدبولي يترأس اجتماع المجموعة الوزارية الاقتصادية

GMT 00:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الأمير ويليام يكشف عن أسوأ هدية اشتراها لكيت ميدلتون

GMT 13:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية

GMT 01:05 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النيابة العامة تُغلق ملف وفاة أحمد رفعت وتوضح أسباب الحادث

GMT 15:39 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

"المركزي المصري" يتيح التحويل اللحظي للمصريين بالخارج

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الزمالك يتأهل لربع نهائي دوري مرتبط السلة علي حساب الزهور

GMT 10:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز اتجاهات الديكور التي ستكون رائجة في عام 2025

GMT 22:30 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

5 قواعد لإتيكيت الخطوبة

GMT 14:43 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

أحمد مالك وطه دسوقي يجتمعان في "ولاد الشمس" رمضان 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon