توقيت القاهرة المحلي 07:52:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فيينا وسوء التقدير الأميركي

  مصر اليوم -

فيينا وسوء التقدير الأميركي

بقلم-مصطفى فحص

الحديث عن فشل المفاوضات سبق وصول وفود الدول المشاركة إلى فيينا، لكن بالنسبة لبعض المشاركين فإن مبدأ العودة إلى طاولة المفاوضات يحمل أيضاً بعض التفاؤل بإمكانية أن يصل الطرفان الأساسيان في مفاوضات فيينا «الولايات المتحدة وإيران» إلى تسوية ما تؤسس لجولات تفاوضية مستقبلية إذا نجحا في اختبار النوايا، ولكن هل لدى الطرفين نوايا حقيقية للحل، وهل بإمكانهما تقديم تنازلات صعبة ومؤلمة، أم أن ظروفهما الداخلية والخارجية تعرقل فرصة فيينا السابعة.
من الجهة الإيرانية تماسك الفريق المفاوض واضح، ويحظى هذه المرة بدعم من كافة أركان النظام، حيث وضعت طهران بنك أهداف تريد تحقيق جزء أساسي منها، كما أن أصحاب القرار لديهم خططهم في حال عاد فريقهم التفاوضي خالي اليدين من فيينا، في المقابل يبدو الفريق الأميركي مرتبكا، وذلك بسبب انقسام الإدارة في طريقة تعاطيها مع إيران بالعام ومع ملفها النووي بالخاص، هذا الانقسام يتوسع على مستوى مؤسسات الحكم في أميركا خصوصاً الكونغرس، الذي ينقسم أيضاً ما بين جمهوريين معارضين لأي اتفاق جديد أو رفع للعقوبات، وديمقراطيين حائرين بين ضرورة الانتهاء من الملف الإيراني، وبين غياب الرؤية الاستراتيجية لدى إدارة بايدن، الأمر الذي يدفع بعضهم إلى الحذر من أي خطوة تقوم بها إدارة البيت الأبيض إذا كانت تؤثر على الانتخابات النصفية، وذلك بسبب أن إدارة الرئيس السابق ترمب نجحت في تحويل إيران إلى قضية رأي عام أميركي داخلي.
عملياً يمكن القول إن جهة الخلل في المفاوضات هو الطرف الأميركي، الذي يسعى إلى تمرير اتفاقية جزئية مع طهران تهيئ تدريجياً للعودة إلى الاتفاق الأول بغض النظر عن تداعياته على الأمن الجماعي في الشرق الأوسط، إلا أن هناك طرفاً في إدارة بايدن يسعى إلى تقديم تنازلات كبرى لطهران تحت حجة احتوائها نووياً، وهذا ما دفع بالسيناتور الجمهوري بيل هاغرتي إلى القول إن «من المثير للغضب أن روب مالي، مفاوض بايدن، يريد أن يتفوق على الاتفاق النووي ويرشو النظام الإيراني من خلال رفع تام للعقوبات».
قبل وصول وفدها المفاوض إلى فيينا رفعت القيادة الإيرانية من سقف شروطها، قامت بتحديد أهداف مشاركتها في هذه الجولة بضرورة رفع العقوبات، لذلك لن تقبل بمبدأ الخطوة مقابل الخطوة ولن تقدم أي التزامات نووية جديدة خارج بنود الاتفاق. ورغم شروطها المستحيلة، لا يمكن لطهران إخفاء رغبتها في التوصل إلى اتفاق يلبي جزءاً من شروطها، نظراً لظروفها الاقتصادية والمعيشية، لكن طبيعة نظامها لا يمكن أن يتراجع تحت وطأة استحقاقات داخلية وضغوط خارجية، فصناع القرار الإيرانيون ورغم حاجتهم الملحة للمنافع التي يقدمها الاتفاق ولو المبدئي، إلا أنهم ليسوا بوارد تقديم تنازلات كبيرة، وهذا ما يدفع إلى الاعتقاد بأن هذه الجولة ستنتهي كما سابقاتها، وبأن طهران لم تزل مُصرة على أن تأخذ أكثر مما يمكن أن يعطيه الطرف الآخر.فعلياً لا تبدو طهران مستعدة للعودة إلى الامتثال الكامل للاتفاق النووي، قبل رفع العقوبات عنها، إلا أن المفاوض الإيراني يريد تأكيدا من الإدارة الأميركية بسرعة تنفيذ قرارها برفع العقوبات، فبالنسبة لطهران فإن الالتزام السريع والكامل بالاتفاق، يقابله التزام أميركي برفع سريع للعقوبات وضمان عدم الانسحاب من الاتفاق.ورغم صعوبة المفاوضات والقلق من تفاصيلها، لم تتوقف طهران عن ممارسة ابتزازها لمجموعة الدول الخمس إضافة إلى الولايات المتحدة، حيث أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الأربعاء الفائت أن إيران بدأت عملية تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 20 في المائة بأجهزة طرد مركزي متطورة في منشأة فوردو المبنية داخل جبل، وهذه خطة تكشف عن حجم التحدي الإيراني وعن تراجع الموقف الأميركي، وعليه فإن التبسيط الذي يتبعه بعض أركان إدارة بايدن في قضية احتواء إيران النووية قد يتسبب في إعادة تعويم الاتفاق السابق بكل مساوئه على المنطقة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فيينا وسوء التقدير الأميركي فيينا وسوء التقدير الأميركي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon