توقيت القاهرة المحلي 13:28:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان بين الفوضى الداخلية والتداعيات الإقليمية

  مصر اليوم -

لبنان بين الفوضى الداخلية والتداعيات الإقليمية

بقلم - مصطفى فحص

جريمتان؛ واحدة طبيعتها الأمنية واضحة والمشتبه به واضح، وتحمل علامات استخباراتية (الموساد الإسرائيلي) على أدلّتها الجنائية، والأخرى تبدو جنائية ولكنها تحمل علامات سياسية على أدلتها الجنائية. حادثان أمنيان كُشف عنهما من دون الكشف الواضح والشفاف عن ملابساتهما، فما بين تصفية المصرفي اللبناني محمد سرور الذي ينتمي إلى «حزب الله» والموضوع على قائمة العقوبات الأميركية بتهمة تسهيل نقل أموال إيرانية لحركة «حماس»، الأرجح على يد عملاء الموساد، وبين تصفية المسؤول في القوات اللبنانية باسكال سليمان على يد عصابة سرقة منظمة، وفق الرواية الرسمية، فإن لبنان دخل مرحلة فوضى أمنية قد تُحوِّله إلى ساحة تصفية حسابات داخلية وخارجية، ستؤدي إلى خلط «الحابل بالنابل»، وتدفع الشارع إلى فتنة لم تعد بحاجة إلى من يوقظها.

الأولى كشفت عن أن استخبارات إسرائيل تتحرك في الداخل اللبناني بحرّية، وليس مستبعَداً أن تكون لديها قائمة مستهدفين، وليس ضرورياً أن يكونوا عناصر في «حزب الله» فقط، بل يمكن أن يكونوا من الفصائل الفلسطينية، فتل أبيب فتحت من لبنان معركة تصفية كلّ من تشتبه أن لديه صلة بعملية «طوفان الأقصى»، واغتالت القيادي الحمساوي صالح العاروري، وهي على الأغلب تريد تطبيق نموذج ميونيخ؛ أي تصفية كل من كانت له علاقة بتلك العملية، والذاكرة اللبنانية مع الموساد الإسرائيلي مملوءة بمحطات خطيرة؛ من عملية فردان 1973 إلى اغتيال علي حسن سلامة 1979 وغيره من القادة الفلسطينيين واللبنانيين.

في الجريمة الثانية، لا تزال الرواية الرسمية اللبنانية عن ملابساتها غير مقنعة لجزء كبير من اللبنانيين، وهذا سببه أن جرائم كبيرة وقعت في السنوات الأخيرة، أو للحصر منذ انفجار مرفأ بيروت مروراً بلقمان سليم وجو بجاني وإلياس الحصروني، وصولاً إلى باسكال سليمان. لم تصل التحقيقات إلى أي نتيجة تساعد مَن تبقّى من القضاء على تقديم اتهامه؛ فالتحقيقات في هذه الجرائم إمّا مهمَلة، وإما شبه مغلقة، وإمّا قُيدت ضد مجهول، ولكن بالنسبة إلى أولياء الدم فإن هذا المجهول معلوم، وبات المشتبه الأول الذي توجّه إليه الاتهام قبل نهاية أي تحقيق، لأن هناك قناعة عامة بأن أي تحقيق لن ينتهي إذا كانت الجريمة تحمل شبهة سياسية.

ففي بلد منقسم أفقياً وعمودياً ومناطقياً وطائفياً، لم يعد ممكناً إقناع ذوي المجني عليهم ببراءة من يتهمون أو عدم توجيه اتهامهم قبل انتهاء التحقيق، خصوصاً إذا كانت تصرفات المشتبه به مريبة، ولكثرة الارتياب وحالات التجني فإن اللبنانيين فقدوا الثقة بأغلب مؤسسات دولتهم، ويدفعون الآن ثمن تغييبها وتعطيل أجهزتها أو مصادرة قرارها، فردّ الفعل على مقتل باسكال سليمان يكشف مستوى الطلاق بين الجماعات اللبنانية ورفض الآخر، حيث يصبح القابض على ما تبقى من العيش المشترك كالقابض على الجمر.

إقليمياً، كل المؤشرات حتى الآن تؤكد حتمية الرد الإيراني على إسرائيل، انتقاماً لضربة دمشق، الأمر الذي يضع ما تبقى من استقرار في لبنان والمنطقة على كفّ الرد، وما يزيد المخاطر الإقليمية تلميح الولايات المتحدة إلى إمكانية انخراطها في الرد الإسرائيلي على الانتقام الإيراني، وهذا يكفي تل أبيب ويدفعها بعد رفع الضغوط الأميركية عنها إلى توسيع المواجهة إقليمياً وتحويلها مباشرةً مع إيران على الرغم مما تحمله من عواقب إقليمية وخيمة على الجميع، ليصبح لبنان دولةً وشعباً رهينة الرد الإسرائيلي على الرد الإيراني، واحتمالية توسيع المواجهة على الحدود الجنوبية أو في الجولان المحتل، إذ سيصبح لبنان تحت تأثير عاملين: الأول حجم انخراط «حزب الله» في الرد الإيراني وما سيتلقاه من الرد على الرد، والآخر جحم التدخل الأميركي من جهة، ومن جهة أخرى رفع قيوده التي وضعها على تل أبيب فيما يخص جبهة لبنان.

من الإقليمي إلى المحلي، هناك «طوابير خامسة» داخلية وخارجية تسعى إلى تنفيذ سيناريو أمني، أي فوضى أمنية متنقلة بين المكونات اللبنانية وبين اللبنانيين واللاجئين السوريين، مما سيجعل من الأبرياء ضحايا لا ناقة لهم ولا جمل، وسيسمح للملثمين بالوصول إلى أهدافهم خصوصاً أن كل اللبنانيين مكشوفون وباتوا أهدافاً سهلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان بين الفوضى الداخلية والتداعيات الإقليمية لبنان بين الفوضى الداخلية والتداعيات الإقليمية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon