توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العراق... تسريب يُسرّب الإطار

  مصر اليوم -

العراق تسريب يُسرّب الإطار

بقلم - مصطفى فحص

وفقاً لما جاء في معجم المعاني فإن الفعل من كلمة تسريب هو سرّب بالشدة على الراء، وهو من سرّب الشيء أي أرسله قطعة قطعة، أو من سرّب خبراً أي أشاعه أو أذاعه. لكن التسريب في المعجم السياسي العراقي له تفسيرات أخرى مختلفة ومتعددة، تبدأ من الفاعل مروراً بظرفين (مكان وزمان)، وقد تنتهي بجملة مسلحة تتسبب في حذف كثير من أحرف العلة المتصلة بآخر فرصة متصلة بالعملية السياسية. فإعراب التسريب الصوتي لرئيس كتلة دولة القانون رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي الذي تناول فيه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بشكل شخصي، وتحدث بشكل طائفي عن باقي الجماعات الوطنية وبلغة تحريضية، يُنذر بحذف ما تبقى للإطار التنسيقي من فرص في العملية السياسية الحالية قبل إحالتها إلى المجهول. وفي الحالة العراقية فإن المجهول شبه معلوم، يتمثل باستمرار الانسداد الذي سيكرّس الفوضى التي ستمهد الطريق إلى اقتتال داخلي ثم حروب أهلية. إذا لم يتحمل عقلاء الإطار مسؤوليتهم ويبادروا إلى معالجة الأزمة فقد تطيح بما تبقى من نظام 2003.
داخل الإطار قوى عاقلة ومتعقلة، منذ البداية رفضت التعامل باستسهال مع خروج الصدر من البرلمان، ولم تكن في وارد الدخول في معركة تصفية حسابات معه، وتعاملت بحذر مع كرة النار التي رماها بوجهها، وتمايزها الدائم في مقاربتها، وإصرارها على استيعاب الصدر يفرض عليها الآن معالجة أزمتين؛ الأولى التسريب كشأن عام، والثانية مستقبل الإطار كشأن خاص. في العام فإن التسريب يضع كل الإطار أمام تحد صعب، يتصل بكيفية تعاطي الصدر وأنصاره مع كلام المالكي مستقبلاً، لذلك على عقلاء الإطار استغلال الفرصة التي منحهم إياها الصدر من خلال تغريدته الأخيرة المتصلة بصلاة الجمعة الموحدة (اليوم 15 الشهر الحالي) والتي دعا إليها سابقا، حيث قال: «صلاة الجمعة عبادة خالصة» بهدف احتواء الأزمة، خصوصاً أنه استخف بما صدر عن المالكي بقوله: «فنحن لا نقيم له وزناً»، وبعيداً عن تغريدة الصدر يبقى حجم المشاركة في الصلاة والشعارات التي ستُرفع والخطبة التي ستسبقها ستكون عنواناً للمرحلة المقبلة، أي أنها سترسم ملامح المواجهة السياسية والشعبية بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، أما في الخاص فإن على عاتق عقلاء الإطار كبح جماح القوى المتصلبة التي تدفع إلى مواجهة سياسية مع الصدريين ومع باقي المكونات (السنة والأكراد) الذين تعرض لهم المالكي أيضاً، وهذا ما قد يتسبب في خضات أمنية، وهو ما لا يتحمل تداعياته لا الإطار التنسيقي ولا الطبقة السياسية الشيعية.
منذ أن أصبح الإطار أغلبية، انحصرت نتائج مشاوراته المكثفة في التعديل المستمر لمواصفات رئيس الوزراء، وفي إضافة أو إزالة بعض الأسماء من قائمة المرشحين، هذه العطب الذاتي المستمر داخل الإطار ازداد تعقيداً بعدما أعلنت أطراف وازنة داخلية عن عزوف قادتها عن الترشح إلى منصب رئاسة الوزراء، وقرار أطراف أخرى الامتناع حتى عن المشاركة في الحكومة، أي تخليها طوعياً عن حصتها الوزارية، ولكن كأغلبية فإن عدم قدرة الإطار على حسم ترشيحاته يعتبر انتكاسة سياسية قاسية أمام منافسيه، كما أدت المنافسة على المناصب الكبرى إلى إخراج أسماء الصفين الأول والثاني من المنافسة على رئاسة الوزراء، لذلك فإن حجم الصراعات داخل الإطار قد تدفعه إلى تكليف موظف درجة ثالثة بمنصب الوزير الأول وليس رئيس الوزراء، أي تحويل هذا المنصب إلى مدير لرئاسة الوزراء، لتكن بذلك أكبر جريمة سياسية ترتكبها القوى الشيعية بنفسها عندما تقوم بإفراغ أهم منصب في الدولة من صلاحياته، وهذا ما لم يعد يناسب لا الداخل والخارج، فالداخل ورغم ضعفه وتشتته والخارج رغم تناقض مصالحه، فإن الظروف الإقليمية والدولية تفرض على الجميع اختيار رئيس وزراء فاعل قادر على أن يحافظ على التوازنات الداخلية والخارجية في هذه المرحلة، وهذه معايير أساسية غير متوفرة لدى أغلب مرشحي الإطار.
وعليه أطاح التسريب ما تبقى من أُطر حكومية سعى الإطار التنسيقي إلى كسبها، فالتكلفة السياسية والشعبية لكلام المالكي يحددها الصدر في الأيام المقبلة، ولكن بعيداً عن رد فعل الصدر فإن الإطار خسر فرصته الأخيرة تقريباً، والأحداث المقبلة ستؤثر في العلاقة بين مكوناته، وستؤدي حتماً إلى تراجع خططه كافة للاستحواذ على السلطة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق تسريب يُسرّب الإطار العراق تسريب يُسرّب الإطار



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon