توقيت القاهرة المحلي 20:37:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«فيينا»... والارتدادات الأوكرانية

  مصر اليوم -

«فيينا» والارتدادات الأوكرانية

بقلم - مصطفى فحص

تصريحان إشكاليان في توقيتهما، صدرا عن طرفين يجلسان جنباً إلى جنب في مفاوضات فيينا النووية مع إيران، ويهدد كل منهما الآخر بحرب عالمية ثالثة في أوكرانيا، لذلك يمكن القول إن طهران وقعت في الجولة الحالية من المفاوضات، التي قد لا تكون الأخيرة، ضحية المواجهة الأميركية - الروسية في أوكرانيا، التي انعكست بشكل ما على مسار المفاوضات، فالتصريح الأول كان لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وقال فيه إن «الطريق ما زالت طويلة قبل إحياء الاتفاق النووي»، أما الثاني فقد صدر عن وزارة الخارجية الأميركية التي قالت إن «مفاوضات فيينا النووية بلغت مرحلة بات فيها إبرام الاتفاق ملحاً».

فعلياً كأن التصريحين جاءا من خارج سياق المواقف السابقة لكلا البلدين، فالطرف الروسي كان في مقدمة المتحمسين لتوقيع الاتفاق منذ جولات المفاوضات الأولى، فيما الطرف الأميركي كان؛ لأسباب داخلية وخارجية، يتعاطى بحذر مع مواقيت المفاوضات وغالباً ما كان يشدد على السقوف الزمنية، لذلك يمكن القول إن هذا الانقلاب المفتعل في المواقف الذي يمكن ربطه بالأزمة الأوكرانية قد أدى إلى ارتباك إيراني، وقطع الطريق على طهران من أجل استثمار النزاع الغربي - الروسي، واللعب على تناقضات المصالح الروسية - الأميركية لصالحها.
الأرجح أن الأزمة الأوكرانية كانت إغراءً للمفاوض الإيراني بهدف انتزاع بعض المكاسب، ولعله راهن أو انتظر ترضية أميركية من أجل إبعاده عن موسكو أو تعطيل تموضعه ضمن المحور الصيني - الروسي، وكان الإيراني يأمل أن تهدد مخاطر اندلاع الحرب توريد الطاقة إلى أوروبا؛ لذلك لا غنى عن إيران لتعويض احتياجات الأسواق الأوروبية التي تعتمد بشكل رئيسي على الغاز الروسي، وهنا تكمن فرصته الذهبية بأن يتمسك أكثر بشروطه التفاوضية.
في المقابل؛ لم تكن موسكو غافلة عما يفكر فيه الإيراني، لذلك ربطت سريعاً بين حساباتها الإيرانية المحدودة مقارنة بالأزمة الأوكرانية، وهي فعلياً ليست في وارد تهدئة الصراعات، خصوصاً تلك التي تنخرط فيها الدول الغربية حتى تسمح لهم بأن يتفرغوا لمحاصرتها، كما أن عصا الغاز الروسي الغليظة وصعوبة تعويض المصدر الروسي للطاقة التي تعدّ إحدى أهم أوراق روسيا الرابحة، لا يمكن تسليمها مجاناً لطهران، لذلك أصبح من الطبيعي أن تتسبب موسكو في تأخير التوصل إلى اتفاق.
الواضح أن الأزمة الأوكرانية قد زادت نسبة الضغوط التفاوضية على طهران، خصوصاً إذا ربطت واشنطن إلحاحها على الوصول السريع إلى اتفاق بسلوك إيران تجاه الأزمة الأوكرانية، مما دفع بموسكو إلى التحرك في الاتجاه المعاكس؛ الأمر الذي شكل صدمة لطهران، خصوصاً بعد الاجتماع الذي عقده رئيس الوفد الروسي المفاوض في فيينا ميخائيل أوليانوف مع رئيس الوفد الإسرائيلي نائب المدير العام للشؤون الاستراتيجية في وزارة الخارجية الإسرائيلية، جوشوا زركا، الذي زار فيينا منذ أيام، والذي أثار حفيظة الإيرانيين الذين عدّوا هذا اللقاء لا ينفصل عن الدور التخريبي الذي تلعبه إسرائيل؛ الأمر الذي دفع بالسفارة الروسية في طهران إلى إصدار بيان ردت فيه على ما وصفتها بـ«المزاعم الإيرانية» حول «موقف روسيا غير البناء» و«الدور السلبي» للمندوب الروسي في مفاوضات فيينا.
محنة طهران الجديدة في فيينا أنها خسرت ورقة الضغط الأوكرانية، بعد أن تراجعت نسبياً حدة التهديدات ومنحت الأطراف المعنية الدبلوماسية فرصة جديدة قد تكون الأخيرة، لكن الوقت الذي ستستنفده الأطراف الغربية من أجل أوكرانيا، سيقتطع من وقت إيران في فيينا، التي ستعود لتكون تحت مجهر الجميع الآن، خصوصاً واشنطن وموسكو اللتين لن تحصلا على موقف طهران قبل أن تحصل على ما يطمئنها.
وعليه؛ تبدو «فيينا» المتقلبة والمرتبكة تحت التأثير الأوكراني أكثر تعقيداً مما فات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«فيينا» والارتدادات الأوكرانية «فيينا» والارتدادات الأوكرانية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 19:23 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
  مصر اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 10:53 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مدبولي يترأس اجتماع المجموعة الوزارية الاقتصادية

GMT 00:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الأمير ويليام يكشف عن أسوأ هدية اشتراها لكيت ميدلتون

GMT 13:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية

GMT 01:05 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النيابة العامة تُغلق ملف وفاة أحمد رفعت وتوضح أسباب الحادث

GMT 15:39 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

"المركزي المصري" يتيح التحويل اللحظي للمصريين بالخارج

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الزمالك يتأهل لربع نهائي دوري مرتبط السلة علي حساب الزهور

GMT 10:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز اتجاهات الديكور التي ستكون رائجة في عام 2025

GMT 22:30 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

5 قواعد لإتيكيت الخطوبة

GMT 14:43 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

أحمد مالك وطه دسوقي يجتمعان في "ولاد الشمس" رمضان 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon