توقيت القاهرة المحلي 21:21:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زوبعة في فنجان «أربيل»

  مصر اليوم -

زوبعة في فنجان «أربيل»

بقلم - مصطفى فحص

احتاجت طهران هذه المرة إلى التصويب على أربيل بصواريخ باليستية من أجل تصويب المسار السياسي في بغداد، والفضيحة هنا أن مستوى أزماتها الداخلية والخارجية فرض عليها الانتقال من صواريخ الـ«كاتيوشا» إلى صواريخ الـ«سكود»، ومن الوكلاء إلى الأصل، في معالجتها الخشنة لأغلب الملفات المرتبطة بما تعدّها مصالحها الحيوية، والفارق النوعي في مستوى الصواريخ المستخدمة دليل على أن أزماتها بلغت مستوىً غير مسبوق، ليس فقط في العراق؛ بل في الإقليم من سوريا إلى اليمن، وفي تأثيرها السلبي على الداخل المحتقن الذي احتاج فعلياً إلى هذا النوع من الاستعراض الباليستي من أجل ترميم صورة النظام وهيبته بعد انتكاسات أمنية وعسكرية عدة في الداخل والخارج.
كانت هيبة النظام الإيراني على المحك، فقد تعرض لانتكاسات أمنية وعسكرية كبيرة؛ كانت أُم الفضائح الأمنية الأخيرة، هي ما كشفت عنها الجاسوسة الإسرائيلية كاثرين بيرز شكدم التي عملت لسنوات في إيران على أنها صحافية فرنسية داخل مؤسسات الدولة الإعلامية ونجحت في الإيقاع بأكثر من مائة شخصية إيرانية وحصلت منهم على معلومات دقيقة خصوصاً بعد إقامتها علاقات غرامية مع أغلبهم؛ كما أكدت أنها التقت المرشد الإيراني في أول زيارة لها إلى إيران، ورافقت إبراهيم رئيسي في بعض جولاته الانتخابية، وعملت في وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري».
وفي تقارير لم يتسن التدقيق في صحتها عن بعض التسريبات من داخل الأجهزة الأمنية الإيرانية، أن الاختراق الإسرائيلي في مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية بلغ ذروته، وأن هناك شبكات من مئات العناصر وفي مستويات وظيفية عالية جرى تجنيدها، وأن إسرائيل عبر هذه الشبكات نجحت في سرقة أرشيف إيران النووي واغتيال كبير علمائها النوويين؛ وساعدتها في تنفيذ عمليات نوعية داخل المنشآت النووية ومنشآت أخرى حيوية، كما نجحت تل أبيب مؤخراً في ضرب واحد من أكبر مستودعات الطائرات المسيّرة في قاعدة كرمنشاه الجوية، وهذه الأحداث تضاف إلى سجل حافل من الاختراقات الأمنية والعسكرية في سوريا تحدث منذ سنوات، إضافة إلى ما سُرب أخيراً عن اختراقات بالمستوى نفسه في لبنان.
لذلك يصح القول إن صواريخ أربيل ليست إلا رد فعل فارغاً من أجل التغطية على فشل أمني وعسكري أحرج النظام الإيراني وكسر هيبته وأفرغ ادعاءاته بامتلاك توازن الرعب الذي كان يدعيه طوال هذه الفترة مع إسرائيل، خصوصاً بعد عجزه عن ردعها وافتقاره أصلاً للقوة الرادعة، التي قد تدفع تل أبيب إلى التفكير في عواقب اعتداءاتها داخل إيران وخارجها، وأبسط دليل أن حجم الأضرار التي أصابت المنزل في أربيل أو الموقع المتوهم (وفقاً لرواية طهران) تدفع إلى الاعتقاد بأنه تعرض إلى صواريخ من الألعاب النارية وليس إلى 6 صواريخ باليستية بصناعة إيرانية.
إذن؛ بعد الانفعال الإيراني في أربيل، فإن السؤال السياسي الذي يطرح نفسه بقوة الآن هو: هل حجم التمرد العراقي وصل إلى مستوى تحتاج فيه طهران إلى صواريخ باليستية من أجل تنبيه العراقيين إلى أنها لم تزل الآمر الناهي في شؤونهم؟ لكن هل هذه الصواريخ الرديئة نجحت في تصحيح رداءة أدائها في العراق؟ يبدو أن العكس هو الصحيح، فالضربة فاقمت الأزمة السياسية وعززت الاعتقاد بأنها فشلت في إعادة تعويم موقف الجماعة المؤيدة لها، ولم تثنِ خصومهم عن التمسك بموقفهم؛ فلا أربيل المستهدفة بحجج واهية تراجعت، ولا دفعت «الحنانة» إلى التخلي عن طرحها حكومة أغلبية وطنية، بل العكس؛ ساهمت في إنهاء بعض التصدعات التي أصابت التحالف الثلاثي، وأعادت الدفء إلى العلاقة التي أصابها الفتور برئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وعوّمته من جديد.
وعليه؛ كشف الاعتداء على أربيل عن عقم إيراني في فهم طهران المتغيرات العراقية، وأحرج وكلاءها العاجزين عن تبرير فعلتها، وقدم لخصومهم مزيداً من أوراق القوة في مسار التسويات الداخلية... لكن الأبرز أن الكاظمي عاد من أربيل وفي جعبته ورقة التوازن الداخلي والخارجي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زوبعة في فنجان «أربيل» زوبعة في فنجان «أربيل»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 19:23 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
  مصر اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 10:53 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مدبولي يترأس اجتماع المجموعة الوزارية الاقتصادية

GMT 00:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الأمير ويليام يكشف عن أسوأ هدية اشتراها لكيت ميدلتون

GMT 13:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية

GMT 01:05 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النيابة العامة تُغلق ملف وفاة أحمد رفعت وتوضح أسباب الحادث

GMT 15:39 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

"المركزي المصري" يتيح التحويل اللحظي للمصريين بالخارج

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الزمالك يتأهل لربع نهائي دوري مرتبط السلة علي حساب الزهور

GMT 10:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز اتجاهات الديكور التي ستكون رائجة في عام 2025

GMT 22:30 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

5 قواعد لإتيكيت الخطوبة

GMT 14:43 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

أحمد مالك وطه دسوقي يجتمعان في "ولاد الشمس" رمضان 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon