توقيت القاهرة المحلي 11:36:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فيينا... حسابات روسية جديدة

  مصر اليوم -

فيينا حسابات روسية جديدة

بقلم - مصطفى فحص

إذا كانت غاية واشنطن «النفطية» تبرر وسيلتها «الاتفاق النووي»، فإنها ليست بهذه السهولة أو الاستسهال الذي تمارسه مع طهران في فيينا، فغريمتها موسكو لم تعد بوارد الاستعجال في التوصل إلى اتفاق نووي؛ خصوصاً إذا كان الهدف الحقيقي من تطبيع العلاقة ما بين المجتمع الدولي وطهران هو عودة الأخيرة، بالسرعة القصوى، إلى أسواق الطاقة العالمية، وهذا ما تقف موسكو بوجهه ولن تسمح، لا لأعدائها الغربيين، وفي مقدمتهم واشنطن، ولا حليفتها «المفترضة» طهران، بتحقيقه على حساب مصالحها الاقتصادية في زمن مواجهتها شبه العالمية والمفتوحة على الاحتمالات كافة، حتى غير التقليدية.

يبدو أن موسكو وضعت معضلتين على طاولة المحادثات النووية في فيينا، ترتبطان مباشرة بطهران؛ الأولى تتعلق بمشروعها النووي في ظل انقسامات دولية حادة، وفرز تمارسه واشنطن (إما معنا وإما ضدنا)، ويضاف إليه عدم ثقة موسكو الكاملة بطهران، تعززها رغبة واضحة لدى بعض الأطراف الإيرانية بالتطبيع السريع مع الدول الغربية وكسب ثقتها، فأمام هذه الشكوك الروسية يصبح المشروع النووي الإيراني، في حال بدّلت طهران تموضعها الدولي بعد توقيع الاتفاق، تهديداً مباشراً للأمن القومي الروسي... بالنسبة للروس فإن موسكو هي أقرب عاصمة أوروبية للقنبلة النووية الإيرانية المفترضة بعد سنوات، كما أن بلادهم هي أقرب مسافة للصواريخ الباليستية الإيرانية. الأمر الذي يدفع صناع القرار الاستراتيجي والأمني في موسكو إلى التريث كثيراً قبل التوقيع على الاتفاق النووي القديم بنسخته الجديدة.
أما معضلة موسكو الثانية مع طهران ولا تقل أهمية عن الأولى، فهي موارد الطاقة (من الغاز والنفط) التي تحولت إلى أداة تستخدمها واشنطن من أجل إغراء طهران بمنافع ضخمة إذا حددت خياراتها السياسية والاستراتيجية في فيينا؛ حيث ستفتح أمامها أسواق الطاقة العالمية لتعويض النقص الحاد بعد فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا التي أخرجتها من الأسواق العالمية، فقد تنبهت موسكو سريعاً إلى أن الغرب يخطط إلى تعويض جزء من الإنتاج الروسي؛ خصوصاً الغاز، من إيران، ما دفعها إلى تنبيه طهران أنها جاهزة لتعطيل التوصل إلى الاتفاق إذا كانت هذه الاحتمالات جزءاً من غاياته، وهذا ما يبدو قد حدث مؤخراً وفقاً لبعض التصريحات الصادرة من أروقة المفاوضات في فيينا، فإن موسكو تربط هذا الملف بما تعتبره حرباً عالمية اقتصادية عليها.
الواضح أن موسكو لا يمكن أن تقبل فرض العقوبات عليها بالتزامن مع رفعها عن طهران؛ خصوصاً أن تطبيق العقوبات عليها سيمنع تعاملاتها مع طهران بعد رفعها عن الأخيرة، ما يعني أنها لن تحصل على أي مكاسب اقتصادية من الاتفاق. وفي المقابل تتخوف من أن إيران ستقوم من جهتها بتطبيق العقوبات عليها، وهذا سيحرمها من استخدامها في عملية الالتفاف على العقوبات، وخسارتها كسوق بديلة؛ خصوصاً ما يتعلق بالاستثمارات الروسية بالبنية التحتية لقطاع الطاقة الإيراني وعقود التسلح.
في فيينا بات واضحاً أن أولويات موسكو مختلفة بعد اجتياح أوكرانيا والمواجهة العالمية معها، ولا يمكن أن تعطي إيران أي هامش للمناورة مع واشنطن؛ خصوصاً إن كانت الاعتبارات السابقة في علاقتها معها لم تعد مجدية بالنسبة لأمنها القومي وأولوياتها الجديدة في السياسة الخارجية، والأفضل أن تستثمر التباين من الاتفاق بين واشنطن وحلفائها التقليديين في المنطقة، مستفيدة مما يثيره الاتفاق من مخاوف إسرائيلية، إذا كان ضعيفاً، ولا يضمن عدم امتلاك إيران لسلاح نووي من جهة، ومن جهة أخرى إذا كان يهمل عن قصد مشروع إيران الباليستي ونفوذها الإقليمي، وهما الأمران الأكثر تهديداً لجوارها العربي.
وعليه وأمام هذه الرزمة من التعقيدات الدولية حول الاتفاق النووي لجأت موسكو إلى وضع عراقيلها في طريق طهران، فهي ليست بوارد إعطائها من جعبتها وعلى حسابها، كما أن المسألة ليست بمستوى السهولة التي توقعها الغرب، حتى إيران التي ينطبق عليها المثل الشعبي المعروف «قُم لأقعد مَحلك»، أي بمعنى آخر «أخرجوا إيران وضعوا روسيا».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فيينا حسابات روسية جديدة فيينا حسابات روسية جديدة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 11:36 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

مي عمر تكشف عن مصير فيلمها مع عمرو سعد
  مصر اليوم - مي عمر تكشف عن مصير فيلمها مع عمرو سعد

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon