توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العراق: «سيتي أوكي... إمام علي نو»

  مصر اليوم -

العراق «سيتي أوكي إمام علي نو»

بقلم - مصطفى فحص

قبل تسعة عشر عاماً وتحديداً في السابع من أبريل (نيسان) 2003، أطلق أحد أبناء النجف جملته الشهيرة «سيتي أوكي... إمام علي نو» (city ok, imam Ali no) أمام أول مجموعة من الجنود الأميركيين اقتربت من البلدة القديمة لمدينة النجف، حيث يوجد مرقد الإمام علي وبيوت أغلب المراجع ومدارسهم الدينية. في تلك اللحظة لم يدرك الشاب النجفي الذي أطلق تلك الجملة العفوية أنه قد أسس بجملته المفتاحية لعلاقة لم تزل شائكة إلى الآن ما بين الولايات المتحدة والأغلبية الشيعية التي وصلت إلى السلطة لأول مرة منذ تأسيس العراق الحديث سنة 1921 بعدما أطاحت واشنطن بنظام صدام حسين في 9 أبريل 2003.

اختزلت مقولة «سيتي أوكي... إمام علي نو» بنود التسوية التي جرت ما بين واشنطن وممثلي المعارضة الإسلامية الشيعية التي كان أغلب قادتها يقيمون في إيران، ما يعني أن الصفقة ما قبل الدخول الأميركي جرت بشكل ما بين طهران وواشنطن، وقامت على مبدأ عدم اعتراض الأغلبية على الدخول الأميركي (سيتي أوكي)، أي لا اعتراض من الأغلبية الشيعية في العراق ولا من ممثلي المعارضة السياسية الشيعية، وخصوصاً أحزاب الإسلام السياسي الشيعي التي لعبت الدور السياسي الأبرز بعد سقوط البعث، ولا من راعيها الإقليمي (النظام الإيراني)، على الاحتلال الأميركي، لكن شرط ألا يتدخل في شؤونهم الدينية وانتماءاتهم العقائدية التي تفسرها عبارة «إمام علي نو». ففي تلك اللحظة المفصلية من تاريخ العراق، حيث سقطت السلطة المركزية في بغداد وتعطل الدور المركزي للعاصمة السياسية، لعبت النجف نتيجة رمزيتها العقائدية والسياسية دوراً سياسياً عاماً فرضته ضرورات ملء الفراغ بعد غياب أو تغييب موقع بغداد المركزي في صناعة القرار.
فعلياً اختصرت النجف دورها في المساعدة على تأمين مرحلة انتقالية حتى لا تمارس دوراً مخالفاً لطبيعتها التاريخية ولكي لا تتحول إلى بديل عن بغداد، خصوصاً بعد سيطرة أحزاب الإسلام السياسي الشيعي على السلطة والثروة، مستخدمةً غطاء عقائدياً أطلقت عليه حينها البيت السياسي الشيعي، الذي استمر في حكم العراق إلى أن تمكنت «انتفاضة تشرين» في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2019 من هدم أساساته، فيما تقوم الأحزاب والقوى التي انبثقت عنه وتتصارع الآن على السلطة بهدم ما تبقى من جدرانه، بعدما كشفت نتائج الانتخابات عن رفض شعبي لتجربة القوى السياسية الإسلامية المسلحة في السلطة، وعن عمق أزمتها التمثيلية نتيجة فشل خطابها، والأهم رفضها شبه الكامل من جيل ما بعد 2003، والأخطر الآن أن انكشافها انتخابياً وانعدام فرص التوصل إلى صفقة فيما بينها يعرّض العراق بجدية هذه المرة إلى اقتتال داخلي (حرب أهلية شيعية - شيعية) يصفها أستاذ التاريخ في الجامعة الأميركية في السليمانية الدكتور عقيل عباس بالتالي:
«تقوم استراتيجية الإطار في صراعه مع التيار الصدري على تخويف الناس، الشيعة تحديداً، من خلال تخييرهم بين السيئ والأسوأ: السيئ هي الحكومات التوافقية الفاشلة التي انتقدها في السابق ساسة الإطار بشدة، والأسوأ هو اقتتال شيعي - شيعي يُسفك فيه الدم وتضيع السلطة بسببه من يد الشيعة».
في تصريح لافت للقيادي في حزب الدعوة وأحد عرّابي السلطة في العراق، يعترف الشيخ عبد الحليم الزهيري بأن ما تشهده الساحة العراقية هو نتاج لتراكمات سابقة، وأن نتائج الانتخابات الأخيرة غيَّرت الموازين وفاجأت الجميع، لكنّ الأبرز في كلامه اعترافه بأن حزب الدعوة لم يكن مهيأً لتسلم السلطة سنة 2003، لكنّ هذا الاعتراف يؤكد ليس فقط فشل التجربة بل نهاية الصفقة، وبأن العراق ما بعد التشرينين (الانتفاضة والانتخابات) لم يعد محكوماً بتسويات داخلية وخارجية، بل إنه يمر بفترة ولادة عسيرة لمشروع لم يكتمل بعد، لكنّ الأبرز فيه أن النجف عادت إلى طبيعتها الرعوية وأغلقت أبواب المدينة في وجه طبقة سياسية فاشلة، وباتت مساحات بغداد السياسية ضيقة على أصحاب السلطة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق «سيتي أوكي إمام علي نو» العراق «سيتي أوكي إمام علي نو»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon