توقيت القاهرة المحلي 12:02:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فيينا... عدم الاتفاق أقل ضرراً من الاتفاق

  مصر اليوم -

فيينا عدم الاتفاق أقل ضرراً من الاتفاق

بقلم - مصطفى فحص

توحي الأطراف الدولية المجتمعة في العاصمة النمساوية فيينا بأن الاتفاق النووي مع إيران بات وشيكاً، لكنها لم تظهر إلى العلن ملامح الصيغة النهائية لما جرى الاتفاق عليه، فحتى هذه اللحظة هناك تسريبات متناقضة تتعلق بالخطوط الحُمر الأميركية - الإيرانية، وأخرى متباينة حول ما سيعلَن عنه؛ هل هو تجديد للاتفاق القديم؛ أي العودة المتوازية، أم إنه اتفاق مؤقت يريح طهران قليلاً، ويعطي إدارة بايدن بعض الوقت حتى تتمكن من إقناع المشرعين في الكونغرس بتمرير اتفاق كامل؟ الاتفاق بالصيغة القديمة، أو حتى إذا كان قريباً مما سربته وكالة «رويترز»، يبدو أنه سيكون عامل توتر جديداً في المنطقة وليس عامل استقرار؛ بداية من إيران المعنية الأولى بالاتفاق التي يعاني شعبها من ضغوط اقتصادية ومعيشية، إضافة إلى أزمة سياسية بين أركان السلطة الواحدة؛ أي النظام الثوري الذي يغطي المفاوضات، حيث وصف مرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي فريق بلاده المفاوض بالثوري، وهذا دليل على أن النظام يتحمل كامل المسؤولية عن نتائج المفاوضات والاتفاق، وأن أي تداعيات مستقبلية لا يمكن رميها على طرف آخر كما جرت العادة في إيران، مما يزيد الأعباء على صناع القرار العالقين بين ضرورة تخفيف الضغوط عن المواطنين وكيفية الحفاظ على طبيعة الصراع مع واشنطن.
في واشنطن يبدو أن ارتدادات ما بعد أي اتفاق ستنعكس داخلياً على مستويات عدة؛ بداية من إدارة البيت الأبيض المنقسمة على نفسها بسبب استعجال أحد أطرافها استرضاء طهران، وثانياً أي نوع من الاتفاق سيكون عرضة لانتقادات الجمهوريين الذين سيستغلونه في انتخاباتهم النصفية، كما أنهم سيحاولون إعاقة تمريره في الكونغرس.
إقليمياً؛ لا يمكن لدول الجوار، خصوصاً دول الخليج العربي، أن تقبل اتفاقاً نووياً من دون قيود على مشروع إيران الباليستي ونفوذها الإقليمي، حيث المخاوف من حصر الاتفاق في الشأن النووي ستؤدي إلى تصعيد التوترات الإقليمية، وإلى دفع طهران نحو مزيد من الاستثمار في مشاريعها الخارجية بعدما وفر لها الاتفاق غطاءً سياسياً ومالياً.
يبقى العامل الأخطر بعد الاتفاق؛ وهو الإسرائيلي، حيث أعلنت تل أبيب أنها غير ملزمة بأي اتفاق نووي بين الدول الكبرى وإيران، وهذا يفتح احتمال العمل الإسرائيلي المنفرد ضد منشآت إيران النووية، وقد يكون هذه المرة علنياً يؤدي إلى تصعيد عسكري لا يقف عن حدود الضربات المحددة، بل قد يصل إلى مواجهة، خصوصاً إذا وسّعت إسرائيل بنك أهدافها خارج إيران أو قامت الأخيرة باستخدام أذرعها الخارجية في رد انتقامي على ضربة إسرائيلية باتت شبه محتملة.
إذن؛ يمكن القول إن عدم الاتفاق أقل ضرراً من الاتفاق، فعدم الاتفاق سيُبقي النزاع مع إيران محصوراً في القوى العظمى؛ نزاعاً ستدير واشنطن توازناته، وستستمر بلعبة شد الحبال مع طهران، التي ستعود إلى استفزاز وابتزاز الأطراف كافة ولكن من دون تخطٍّ للحدود المحرمة؛ إذ يمكن لطهران أن تعلن عن رفع مستوى التخصيب قدر ما تشاء، ولكنها تعلم جيداً أنه من غير المسموح لها بأن تعلن عن امتلاكها سلاحاً نووياً أو قيامها بتجربة نووية، فهي ستخسر مباشرة أقرب حلفائها الروس الذين؛ بحسابات أمنهم القومي، تعدّ عاصمتهم موسكو أقرب مدينة أوروبية للقنبلة النووية الإيرانية المحتملة.
كما أنه بعدم الاتفاق وبالرخاوة الأميركية المتعمدة في تطبيق العقوبات، وانعكاسات الأزمة الأوكرانية، وحاجة أوروبا إلى تعويض سوق الغاز الروسي، ستستطيع طهران الصمود من دون تقديم تنازلات قاسية، وهي مطمئنة إلى أن إدارة بايدن لن تذهب نحو خطوات غير دبلوماسية مهما تصعد الموقف، ولن تفرض مزيداً من العقوبات، لذلك؛ فإن عدم الاتفاق قد يناسب طهران أيضاً إن رفضت التراجع عن بعض مطالبها الأساسية وتمسكت بشروطها.
وعليه؛ عدم الاتفاق يُبعد شبح مواجهة يحاول طرفاها الأساسيان تجنبها، أما الاتفاق بالصيغة المطروحة فسيفتح باب الأزمات على مصراعيه، وفي كلتا الحالتين يبدو أن مرحلة شبه الاستقرار الإقليمي قد وصلت إلى نهايتها... ولكن يبقى في فيينا الخبر اليقين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فيينا عدم الاتفاق أقل ضرراً من الاتفاق فيينا عدم الاتفاق أقل ضرراً من الاتفاق



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:54 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نانسي عجرم تكشف عن مفاجأة خاصة
  مصر اليوم - نانسي عجرم تكشف عن مفاجأة خاصة

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon