توقيت القاهرة المحلي 21:51:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فيينا... عدم الاتفاق أقل ضرراً من الاتفاق

  مصر اليوم -

فيينا عدم الاتفاق أقل ضرراً من الاتفاق

بقلم - مصطفى فحص

توحي الأطراف الدولية المجتمعة في العاصمة النمساوية فيينا بأن الاتفاق النووي مع إيران بات وشيكاً، لكنها لم تظهر إلى العلن ملامح الصيغة النهائية لما جرى الاتفاق عليه، فحتى هذه اللحظة هناك تسريبات متناقضة تتعلق بالخطوط الحُمر الأميركية - الإيرانية، وأخرى متباينة حول ما سيعلَن عنه؛ هل هو تجديد للاتفاق القديم؛ أي العودة المتوازية، أم إنه اتفاق مؤقت يريح طهران قليلاً، ويعطي إدارة بايدن بعض الوقت حتى تتمكن من إقناع المشرعين في الكونغرس بتمرير اتفاق كامل؟ الاتفاق بالصيغة القديمة، أو حتى إذا كان قريباً مما سربته وكالة «رويترز»، يبدو أنه سيكون عامل توتر جديداً في المنطقة وليس عامل استقرار؛ بداية من إيران المعنية الأولى بالاتفاق التي يعاني شعبها من ضغوط اقتصادية ومعيشية، إضافة إلى أزمة سياسية بين أركان السلطة الواحدة؛ أي النظام الثوري الذي يغطي المفاوضات، حيث وصف مرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي فريق بلاده المفاوض بالثوري، وهذا دليل على أن النظام يتحمل كامل المسؤولية عن نتائج المفاوضات والاتفاق، وأن أي تداعيات مستقبلية لا يمكن رميها على طرف آخر كما جرت العادة في إيران، مما يزيد الأعباء على صناع القرار العالقين بين ضرورة تخفيف الضغوط عن المواطنين وكيفية الحفاظ على طبيعة الصراع مع واشنطن.
في واشنطن يبدو أن ارتدادات ما بعد أي اتفاق ستنعكس داخلياً على مستويات عدة؛ بداية من إدارة البيت الأبيض المنقسمة على نفسها بسبب استعجال أحد أطرافها استرضاء طهران، وثانياً أي نوع من الاتفاق سيكون عرضة لانتقادات الجمهوريين الذين سيستغلونه في انتخاباتهم النصفية، كما أنهم سيحاولون إعاقة تمريره في الكونغرس.
إقليمياً؛ لا يمكن لدول الجوار، خصوصاً دول الخليج العربي، أن تقبل اتفاقاً نووياً من دون قيود على مشروع إيران الباليستي ونفوذها الإقليمي، حيث المخاوف من حصر الاتفاق في الشأن النووي ستؤدي إلى تصعيد التوترات الإقليمية، وإلى دفع طهران نحو مزيد من الاستثمار في مشاريعها الخارجية بعدما وفر لها الاتفاق غطاءً سياسياً ومالياً.
يبقى العامل الأخطر بعد الاتفاق؛ وهو الإسرائيلي، حيث أعلنت تل أبيب أنها غير ملزمة بأي اتفاق نووي بين الدول الكبرى وإيران، وهذا يفتح احتمال العمل الإسرائيلي المنفرد ضد منشآت إيران النووية، وقد يكون هذه المرة علنياً يؤدي إلى تصعيد عسكري لا يقف عن حدود الضربات المحددة، بل قد يصل إلى مواجهة، خصوصاً إذا وسّعت إسرائيل بنك أهدافها خارج إيران أو قامت الأخيرة باستخدام أذرعها الخارجية في رد انتقامي على ضربة إسرائيلية باتت شبه محتملة.
إذن؛ يمكن القول إن عدم الاتفاق أقل ضرراً من الاتفاق، فعدم الاتفاق سيُبقي النزاع مع إيران محصوراً في القوى العظمى؛ نزاعاً ستدير واشنطن توازناته، وستستمر بلعبة شد الحبال مع طهران، التي ستعود إلى استفزاز وابتزاز الأطراف كافة ولكن من دون تخطٍّ للحدود المحرمة؛ إذ يمكن لطهران أن تعلن عن رفع مستوى التخصيب قدر ما تشاء، ولكنها تعلم جيداً أنه من غير المسموح لها بأن تعلن عن امتلاكها سلاحاً نووياً أو قيامها بتجربة نووية، فهي ستخسر مباشرة أقرب حلفائها الروس الذين؛ بحسابات أمنهم القومي، تعدّ عاصمتهم موسكو أقرب مدينة أوروبية للقنبلة النووية الإيرانية المحتملة.
كما أنه بعدم الاتفاق وبالرخاوة الأميركية المتعمدة في تطبيق العقوبات، وانعكاسات الأزمة الأوكرانية، وحاجة أوروبا إلى تعويض سوق الغاز الروسي، ستستطيع طهران الصمود من دون تقديم تنازلات قاسية، وهي مطمئنة إلى أن إدارة بايدن لن تذهب نحو خطوات غير دبلوماسية مهما تصعد الموقف، ولن تفرض مزيداً من العقوبات، لذلك؛ فإن عدم الاتفاق قد يناسب طهران أيضاً إن رفضت التراجع عن بعض مطالبها الأساسية وتمسكت بشروطها.
وعليه؛ عدم الاتفاق يُبعد شبح مواجهة يحاول طرفاها الأساسيان تجنبها، أما الاتفاق بالصيغة المطروحة فسيفتح باب الأزمات على مصراعيه، وفي كلتا الحالتين يبدو أن مرحلة شبه الاستقرار الإقليمي قد وصلت إلى نهايتها... ولكن يبقى في فيينا الخبر اليقين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فيينا عدم الاتفاق أقل ضرراً من الاتفاق فيينا عدم الاتفاق أقل ضرراً من الاتفاق



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 19:23 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
  مصر اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 10:53 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مدبولي يترأس اجتماع المجموعة الوزارية الاقتصادية

GMT 00:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الأمير ويليام يكشف عن أسوأ هدية اشتراها لكيت ميدلتون

GMT 13:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية

GMT 01:05 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النيابة العامة تُغلق ملف وفاة أحمد رفعت وتوضح أسباب الحادث

GMT 15:39 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

"المركزي المصري" يتيح التحويل اللحظي للمصريين بالخارج

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الزمالك يتأهل لربع نهائي دوري مرتبط السلة علي حساب الزهور

GMT 10:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز اتجاهات الديكور التي ستكون رائجة في عام 2025

GMT 22:30 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

5 قواعد لإتيكيت الخطوبة

GMT 14:43 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

أحمد مالك وطه دسوقي يجتمعان في "ولاد الشمس" رمضان 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon