توقيت القاهرة المحلي 07:52:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان والخليج... ملاحظات على جدار الأزمة

  مصر اليوم -

لبنان والخليج ملاحظات على جدار الأزمة

مصطفى فحص

تتقن معظم الطبقة السياسية اللبنانية مهنة التسويف، فهي بارعة في تسويف الوقت والمواقف والحلول، وتتصرف مع الداخل والخارج على أساس أن هذه المهنة تمنحها القدرة على تسيير أمورها الخاصة والعامة، وتراوغ دفاعاً عن مكاسبها، مستخدمة ما تبقى من الحد الأدنى الذي تحتاجه الدولة ومؤسساتها لكي تستمر. منهج المراوغة وكسب الوقت والتسويف استمر مع كل النكسات التي تعرضت لها الطبقة السياسية، من انتفاضة تشرين إلى انفجار المرفأ وما بينهما من انهيار اقتصادي، إضافة إلى الفشل الحكومي، وصولاً إلى أزمة دبلوماسية مع دول الخليج العربي هي الأولى بمستوى خطورتها في تاريخ العلاقة اللبنانية الخليجية، ورغم تداعياتها فإن التعامل معها لم يصل إلى مستوى المسؤولية.
عملياً قضت أزمة تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي على فكرة التشاطر اللبناني الرسمي، وهذا ينطبق على كافة المشاركين في السلطة الذين انقسموا ما بين من قرر التماهي مع تصريحات قرداحي وتبنيها، ومن ارتقى التمايز عنها ومقايضتها، هذه الطبقة تعاملت مع قرداحي كأنه سبب لأزمة حتى تتجنب الاعتراف بأنه نتيجة سياسات ممنهجة فرضت على لبنان تموضعاً يخالف كافة شروط الكيان والدولة والانتماء والاقتصاد، الأمر الذي قسم الأزمة إلى مستويين؛ الأول خارجي وهو مستقبل العلاقات اللبنانية الخليجية، أما المستوى الثاني فهو طبيعة العلاقات الداخلية ما بين الجماعات الداخلية. ومخاطر الانقسام على النسيج الوطني مغامرات تراود طرفاً يستشعر الغلبة.
ففي ذروة الشعور بالغلبة استعانت حكومة ثنائي العهد «التيار العوني» - «حزب الله» بواشنطن من أجل احتواء أزمة تصريحات قرداحي، فكان لافتاً حتى الآن الدعم ولو المحدود من واشنطن لحكومة تمثل ذروة الانتقال اللبناني إلى المحور الإيراني، وهذا طبعاً لا ينسجم مع الخطاب الاتهامي الذي يسوّق له «حزب الله» حول المؤامرة الأميركية والحصار على لبنان، وحتى التوسط الأميركي باعتراف وزير خارجية العهد قد فشل، حيث لم تستوعب هذه الطبقة السياسية أن المصالح الغربية مع الخليج أكبر من أن يؤثر فيها شأن لبناني، وكأنهم نسوا أن هذه الدول ليس بوارد المساومة على مصالح أمنها القومي.
مفارقة أخرى في الدعم الغربي لحكومة ثنائي العهد «التيار العوني» و«حزب الله»، أن باريس التي صنعت التسوية الحكومية وتبنت بطريقة ما لعبة التسويف الرسمية اللبنانية، باتت مبادرتها في مهب الريح، فلا الحكومة قادرة على الاجتماع بسبب ملف تحقيقات المرفأ، ولا قادرة على الاستمرار بسبب الموقف من قرداحي، ولا وزيرها الأول قادر على إقناع من كان يمثل بضرورة استمراره بمنصبه، ولا من أعطاهم تنازلات أضرت بموقعه وبدور حكومته بضرورة تسهيل مهمته، ميقاتي المحاصر بشركاء مضاربين جميعهم غير معنيين بإعطائه أي فرصة ولا حتى بنجاح حكومته.
فعلياً عمق الأزمة يتجاوز كلام قرداحي ويتصل بطبيعة لبنان ومستقبله، وكيفية تحديد موقعه وانحيازاته، وهذا كان واضحاً في تصريح وزير الخارجية السعودي عن طبيعة الأزمة مع لبنان، الأمر الذي يضع الراعي الدولي الذي أنتج التسوية الحكومية أمام تحديات صعبة؛ إما الحفاظ عليها مهما بلغت خسائرها الداخلية والخارجية، وإما إعلان الفشل. هذه المعادلة ستحددها الوقائع الداخلية أكثر من أروقة السياسة الدولية، لذلك فإن المعني الأساسي من دول الخليج قرر الانسحاب والنأي بنفسه عن لبنان بعدما فشل لبنان في النأي بنفسه.
وعليه... تبدو أزمة لبنان الرسمي مع دول الخليج العربي قد وصلت إلى حائط مسدود يصعب تجاوزه، أو حتى التنقل بين جهتيه في المدى المنظور والمتوسط، وكأن هذا الحائط كجدار برلين يحتاج إلى تحولات كبرى داخلية وخارجية حتى يسقط، وبما أن اللحظة غير مواتية لهذه التحولات، وتستدعي انتظارات طويلة حتى تتبلور، وهو ما كان واضحاً في تغريدة السفير السعودي في بيروت وليد البخاري مساء الأربعاء والتي تظهر «غرامشية» سعودية بالتعاطي مع لبنان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان والخليج ملاحظات على جدار الأزمة لبنان والخليج ملاحظات على جدار الأزمة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon