توقيت القاهرة المحلي 16:02:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

النظام الإيراني والرسائل الغربية القاسية

  مصر اليوم -

النظام الإيراني والرسائل الغربية القاسية

بقلم - مصطفى فحص

نجحت حركة الاحتجاجات المستمرة في إيران، منذ 13 أسبوعاً، في فرض واقع دولي جديد في كيفية التعاطي مع النظام الإيراني في ملفات داخلية وخارجية، فعلى ما يبدو أنَّ دولاً غربية أساسية معنية قد تخلت عن مرونتها المعتادة منذ عقود، والتي وصلت إلى حد «الميوعة السياسية» في تعاطيها مع النظام الإيراني. وتتجه حالياً نحو مراجعة مقارباتها السابقة في الملف النووي وغير النووي بعدما تسببت طائرات النظام المُسيرة بتهديد الأمن الجماعي الأوروبي أولاً، أما ثانياً فلم يعد بإمكان القادة الغربيين صمّ آذانهم عن سماع هتافات الشابات والشبان في ساحات وشوارع المدن الإيرانية وهم يطالبون بالحرية والعدالة الاجتماعية، هتافات تبناها صُناع الرأي العام الدولي وتضامنوا معها، فتحولت إلى رأي عام داخلي في بلدانهم، لذلك لم يعد بإمكان القادة الغربيين، خصوصاً في واشنطن وبعض عواصم القرار الأوروبي، إهمالها.
فما يمكن اعتباره شبهَ دليل يثبت أن المسألة الإيرانية قد أصبحت رأياً عاماً محلياً في الولايات المتحدة، شريط الفيديو المُسرب للرئيس الأميركي جو بايدن بتاريخ 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في تجمع انتخابي لمناصري الحزب الديمقراطي، عشية الانتخابات النصفية الأميركية، الذي اعترف فيه أمام أنصاره بأن الاتفاق النووي مع إيران قد مات.
الإقرار الأميركي بأن الاتفاق النووي ميت، ليس بالضرورة تخلياً كاملاً عن الدبلوماسية من أجل التوصل إلى حل، ولا يعني أنه لم يعد أمام الدول الغربية إلا الخيار العسكري، فالرئيس بايدن في التصريح نفسه أكد أن بلاده لن تعلن رسمياً عن موت الصفقة مع إيران، وهذا مؤشر على أن الأبواب لم تزل مفتوحة أمام طهران، ولكن هذه المرة بشروط مختلفة تبدأ من مُسيّراتها، ولا تنتهي بانتهاكات النظام ضد مواطنيه ولا في تدخلاته الخارجية.
جوهر ما قاله الرئيس بايدن أن النظام الإيراني لن يحصل على امتيازات الاتفاق النووي لا سياسياً ولا اقتصادياً، وكأن لسان حال البيت الأبيض أنه لا مجال لعقد اتفاق مع هكذا نظام. وهي الرسالة الأميركية الأكثر قساوة في تاريخ العلاقة الشائكة ما بين واشنطن وطهران، والتي يمكن ترجمتها بلجوء واشنطن إلى اتخاذ إجراءات حقيقية لدعم المحتجين، وإضافة مزيد من الشروط على مفاوضات فيينا النووية، ما يعني أن الأوضاع في داخل إيران وفي خارجها، أي جوارها الإقليمي وما يتصل بالشأن الدولي، ستدخل مرحلة تصعيد مختلفة عما سبق، حيث لم يعد ممكناً للنظام تطويق الاحتجاجات أو إخمادها، ولا يمكن للمجتمع الدولي التكهن بتصرفات إيران وردات فعلها.
حتى الآن لم يلتقط النظام الإيراني إشارات التصعيد الغربي ضده والمرتبطة بتجاوزاته الخارجية في أوكرانيا والداخلية ضد المحتجين، وكأن وزير خارجيته أمير عبد اللهيان يعاني من حالة إنكار كامل لما يحدث في بلاده وللمقاربة الغربية الجديدة في التعاطي معهم، فعبد اللهيان عاد واستخدم لغة النظام الاستعلائية، وحاول إظهار تمسك طهران بشروطها التفاوضية، معتبراً أن الاتفاق النووي ممكن إذا راعت الدول الكبرى «خطوطنا الحمراء»، وفقاً لقوله، وعلى الأرجح أن هذا الموقف قد أثار حفيظة منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، حيث نقلت وكالة «بلومبرغ» أن بوريل قد وبَّخ إيران بسبب أوكرانيا والاحتجاجات، وأكد أنه لا يمكن استعادة الاتفاق النووي إلا بقبولها بشروط القوى العالمية.
وعليه، من جوزيب بوريل إلى روبرت مالي، صديق طهران المفترض في البيت الأبيض، وآخرين، أدار النظام أذنه الطرشاء لِما وصله على لسان مسؤولين كبار نبهوه إلى ارتكاباته الأوكرانية وجرائمه ضد المحتجين، وهما أمران دفعا روبرت مالي إلى التخلي عن دبلوماسيته وعن حرصه المعهود في الحفاظ على قنوات التواصل معه، والقول إن قادة النظام الإيراني قد سجنوا أنفسهم في دوامة مغلقة، بسبب قمع الانتفاضة الشعبية للإيرانيين ودعم روسيا في مجال السلاح، وكأنهما خطيئتان لا يمكن أن تغتفرا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النظام الإيراني والرسائل الغربية القاسية النظام الإيراني والرسائل الغربية القاسية



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

ميس حمدان تصرح الظهور كضيفة شرف لا ينتقص من مكانتي الفنية
  مصر اليوم - ميس حمدان تصرح الظهور كضيفة شرف لا ينتقص من مكانتي الفنية

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 13:37 2020 الأحد ,24 أيار / مايو

الفيفا يهدد الرجاء المغربي بعقوبة قاسية

GMT 12:48 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 19 مايو

GMT 16:51 2020 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

إصابة طبيب رافق بوتين في جولة "فيروس كورونا"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon