توقيت القاهرة المحلي 06:59:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران... إرهاب غب الطلب

  مصر اليوم -

إيران إرهاب غب الطلب

بقلم - مصطفى فحص

لم تعد أساليب نظام البعث احتكاراً عربياً، بل نحن أمام نموذج بعث إيراني، فمن عاشر القوم أربعين يوماً أصبح منهم، فكيف إذا عاشرهم أكثر من أربعين سنة، فمن الطبيعي أن يتمثل بهم، ففي لحظة إيرانية حرجة ظهرت على النظام الإيراني عدوى البعث، واستعان بالإرهاب والتطرف كما استعان شقيقه النظام السوري من أجل إخماد ثورة شعبية تحت حجة مكافحة الإرهاب؛ إرهاب يتحرك بفعل فاعل ويخترق بشكل مدروس في العمق القومي والروحي، هدف مزدوج يحرك مشاعر مزدوجة لدى الأغلبية الفارسية الإيرانية.
لست ممن يؤمنون بفكرة المؤامرة أو يغض الطرْف عن أفعال إجرامية، فالإدانة واجب أخلاقي وسياسي، ولكن في العودة إلى نشاطات هذه التنظيمات المتطرفة في العقدين الأخيرين تبرز الشكوك في كثير من استهدافاتها الدقيقة وتوقيتاتها في العراق والسعودية ولبنان وسوريا وبعض العواصم الأوروبية، فالمريب في التوقيت الذي تحدده هذه الجماعات لبعض عملياتها يبعث على الشك أنها ترتبط بمواقف إقليمية تتصل بسياسات دولية، والأكثر استهجاناً في هذه اللحظة الإيرانية المؤلمة أن هذه التنظيمات لديها موقف عقائدي من النظام الإيراني وتجاهر في عدائها له، ولكن لم تقم بأي عملية في الداخل الإيراني منذ نشأتها إلا واحدة فقط منذ أعوام، بل على العكس فإن تنظيم «القاعدة» وجد في إيران ملاذاً آمناً له وأقام عَقد مساكنة بينه وبين النظام ما بعد سقوط نظام طالبان في أفغانستان، فإذا السؤال الذي يطرح نفسه من الذي فتح الباب لـ«داعش» وأخواتها نحو الداخل الإيراني وأوصلهم أو دلّهم على شيراز.
في اليوم الذي كان فيه المحتجون الإيرانيون يحتفلون باليوم الأربعين لتحركاتهم والذي يصادف ذكرى مرور أربعين يوماً على مقتل مهسا أميني، حيث خرج عشرات الآلاف من سكان مدينتها في مسيرة حاشدة لم يستطع الأمن قمعها أو تفريقها، وكانت شوارع وساحات المدن الإيرانية تشهد تصعيداً لا سابق له، تعرض مرقد ديني في مدينة شيراز عاصمة محافظة فارس إلى اعتداء إرهابي... اعتداء يحمل بُعدين؛ الأول قومي أنه حصل في عاصمة أحد الأقاليم الفارسية أي ضد الأغلبية، أما الثاني فهو عقائدي حيث استهدف المصلين في مزار ديني لأحد أحفاد الإمام علي بن أبي طالب، ما قد يؤدي إلى تأجيج المشاعر القومية والدينية لدى الفرس وهذا ما قد يستفيد منه النظام في محاولته قلب الرأي العام الفارسي ضد الاحتجاجات وإعطاءها بعدين؛ قومياً انفصالياً ودينياً تطرفياً، وحسب رد فعل النظام هما بعدان يهددان وحدة التراب الإيراني وحكم الأغلبية القومية.
لذلك فإن التساؤل حول تداعيات الاعتداء مشروع بعد أن حاول النظام طوال الأسابيع الستة الماضية من عمر الاحتجاجات تقليب الرأي العام الإيراني بداية ضد الأكراد باعتبار أنهم مشروع انفصالي، وتصدير معركته إلى الخارج عبر عمليات عسكرية في شمال العراق لم تحقق أهدافها الداخلية والخارجية، وعندما تصاعد الخطر الأذري وازداد انخراط المدن الأذرية في الاحتجاجات وجه النظام جيشه إلى الحدود مع دولة أذربيجان وهدد باكو بعملية عسكرية في محاولة يائسة لقلب الأذريين ضد أشقائهم في دولة أذربيجان، كما حاول استغلال الورقة البلوشية ببعدها المذهبي وتحريض الأغلبية الدينية الإيرانية ضد البلوش السُنة.
رد فعل المسؤولين الإيرانيين على العملية الإرهابية يكشف استعجالهم على ربطها بالاحتجاجات وتقديمها كذريعة لقمعها بوحشية، فقد قال وزير الداخلية في أول تعليق له «تجدر الإشارة إلى أن الاضطرابات التي تسببت في إزعاج الناس في الأيام الماضية ينقلها العدو الآن بطريقة مختلفة إلى مسارات خطيرة، فقد استغل التيار الإرهابي الاحتجاجات للنفوذ والاستهداف». أما رئيس مجلس شورى البرلمان فقال: «حادثة الضريح الإرهابية نهاية الحجة على الجميع الذين أربكوا الوضع الأمني خلال الأسابيع الماضية ووفروا فرصة للعدو لتنفيذ مؤامرته».
وعليه، فإن النظام الإيراني في وضع صعب وهو يستعد إلى «دعشنة» الاحتجاجات لكي يبرر قمعها، ولكن رهانه مفتوح على مخاطر كبيرة من صمود المحتجين إلى العنف المفرط الذي قد ينقل إيران إلى مرحلة العنف الأهلي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران إرهاب غب الطلب إيران إرهاب غب الطلب



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon