توقيت القاهرة المحلي 05:04:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان... سياسة بلا اقتصاد واقتصاد بلا سياسة

  مصر اليوم -

لبنان سياسة بلا اقتصاد واقتصاد بلا سياسة

بقلم - مصطفى فحص

تُتقن منظومة السلطة في لبنان سياسة المراوغة وتسويف الوقت والمواقف، وبرغم انهيار الدولة ومؤسساتها لم تزل ترهن الداخل برهانها على الخارج، لعل التسويات الإقليمية المتسارعة تنعكس انفراجة على لبنان، تأخذ بعين الاعتبار مقاربتها للاستحقاقات الرئاسية والمعالجات الاقتصادية، وتمكنها من القفز فوق المطالب الإصلاحية، التي يحتاجها الاقتصاد اللبناني، والتي باتت مرتبطة كثيراً بكيفية إنهاء الفراغات الدستورية. أمام هذه المراوغة المدروسة والمرتبطة كليّاً بالخارج، يمكن القول إنه لا شيء يوحي باقتراب انفراج الأزمة السياسية في لبنان، فما بين الضغوط الإقليمية والدولية والتعقيدات الداخلية يستمر الانسداد السياسي، وتتسارع وتيرة الانهيار الاقتصادي، فيما المعالجة الاقتصادية لم تتجاوز محاولات ضبط انخفاض سعر صرف العملة الوطنية أمام الدولار الأميركي، بينما الإدارة السياسية لهذا الملف تستثمر جهودها وطاقتها في كيفية الالتفاف على الشروط الإصلاحية التي وضعها صندوق النقد الدولي، وهذا ما دفع القوى المهيمنة على السلطة داخل المنظومة إلى الرفض العلني للربط بين السياسة والاقتصاد.
بالرغم من إدراك المنظومة أهمية تماسك أعضائها في المرحلة المقبلة حتى تخرج من هذه الاستحقاقات بأقل الخسائر، وتحافظ على مواقعها وامتيازاتها، فإن صراعاتها كشفت عن تباينات كبيرة في مقاربتها للاستحقاقات الدستورية ستؤدي إلى مزيد من التعطيل والفراغ، خصوصاً بعد الكلام الأخير لرئيس كتلة «حزب الله» البرلمانية النائب محمد رعد، الذي اتهم الولايات المتحدة الأميركية بأنها تريد مرشحاً رئاسياً ذا خلفية اقتصادية. وتساءل رعد: «ماذا يعني أن لديه خلفية اقتصادية؟ يعني أن البنك الدولي يستطيع أن يتفاهم معه، كما صندوق النقد الدولي، لمصلحة التعليمات والتوجيهات والسياسات التي يرسمها النافذون الاستكباريون للعالم من خلال هذه المؤسسات الاقتصادية الدولية».
يمكن ربط موقف رعد بمسألتين، الأولى محاولة تملص «حزب الله» والمنظومة الحاكمة من توصيات صندوق النقد الدولي، والالتفاف على ما جاء في تقريره الأخير حول مخاطر الوضع الاقتصادي في لبنان، أما المسألة الثانية وهي طبعاً مرتبطة بالأولى فهي محاولة لقطع الطريق على من يمكن أن يطرح تسوية رئاسية من منطلق اقتصادي، أي التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية من خلفية اقتصادية، وهذا طبعاً غير متوفر في مرشح الثنائي الشيعي، ما يعني أن «حزب الله» بصفته الحزب المهيمن على الدولة والسلطة ليس في وارده تقديم أي تنازلات سياسية أو اقتصادية، مهما بلغت درجة الأزمة أو طال زمن الفراغ.
تصلب المنظومة في مواجهة الاستحقاقات السياسية والاقتصادية نابع من متانة تحالفاتها الإقليمية، وقد باتت تبني مواقفها على ما يمكن أن تعكسه حركة التسويات الإقليمية التي تجري لأول مرة بعيداً عن عيون واشنطن، وهذا ما يتيح لها الحفاظ على مواقعها وامتيازاتها على خلفية الانفراجة الإقليمية بعد الاتفاق الإيراني السعودي في بكين، وعلى واقع حديث جدّي عن اقتراب عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية، واحتمال دعوة بشار الأسد إلى قمة جدة الشهر المقبل.
عملياً، يتصرف «حزب الله» من موقع المستقوي بتحالفاته السورية الإيرانية، وأنها ستصب في مصلحته الداخلية، وستؤثر مباشرة على الاستحقاقات السياسية التي ستعالج الأزمة الاقتصادية، لذلك يتمسك بمرشحه لرئاسة الجمهورية، الذي تتبناه باريس، ورغم إصرار الرياض وواشنطن على المواصفات والمعايير وعدم طرح الأسماء، فإن الحزب ومن خلفه منظومة السلطة يراهنان على الحراك الإقليمي، ودور موسكو وبكين في تليين موقف الرياض، وتقليص دور واشنطن في الاستحقاقات اللبنانية.
وعليه، فإن المنظومة تستمر بقراءتها المجتزأة للحراك الإقليمي وفقاً لمقاساتها بعيداً عن الواقع الحقيقي الذي تمر به العواصم المتحالفة معها، التي هي بأمس الحاجة إلى التهدئة والاستقرار نتيجة أوضاعها الداخلية القابلة للاشتعال في أي لحظة، وظروف خارجية مرتبطة بعقوبات دولية، لا يمكن تجاوزها في أي عملية تطبيع معها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان سياسة بلا اقتصاد واقتصاد بلا سياسة لبنان سياسة بلا اقتصاد واقتصاد بلا سياسة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon