توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لودريان ــ بري ــ غاليليو ومعادلة «51 = 60»

  مصر اليوم -

لودريان ــ بري ــ غاليليو ومعادلة «51  60»

بقلم - مصطفى فحص

فقط في لبنان سيواجه المبعوث الخاص الفرنسي وزير الخارجية السابق جون إيف لودريان خلال مباحثاته مع بعض الأطراف السياسية المُعطلة للاستحقاقات الدستورية محاولة إقناعه سياسياً بمعادلة رقمية مختلفة عن المعادلات الرقمية كافة التي عرفتها البشرية منذ تطور علم الحساب، فهناك طرف لبناني «ثنائي» (حركة أمل وحزب الله) لا يقبل القسمة مع أحد، سيقدم مطالعة سياسية طويلة للوزير المبعوث في محاولة لإقناعه من دون كلل بأن 51 صوتاً التي نالها مرشح الهيمنة الوزير السابق سليمان فرنجية متساوية عددياً مع 60 صوتاً نالها مرشح التقاطع الوزير السابق جهاد أزعور، فعلى الرغم مما تحمله نتائج الجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس لبنان من تحولات سياسية وتموضعات لا يمكن إنكارها، فإن «الثنائي» مُصرّ على إنكار أن مرشحه حصل على أقصى عدد من الأصوات التي يمكن أن تعطى له، في حين ثبّت جهاد أزعور عدد الأصوات التي يمكن أن ينطلق منها.

استهل لودريان زياراته اللبنانية من قصر عين التينة، مقرّ رئيس مجلس النواب نبيه بري مهندس هذه المعادلة، الذي يُسجل له أن تمكن من إضاعة أحد أصوات النواب المقترعين في جلسة انتخاب الرئيس الأخيرة ثم جيّره لأحد المرشحين غير المنافسين، كما أضاع النِصاب في 14 جلسة مخصصة لانتخاب الرئيس في سابقة حسابية لم تشهدها الحياة البرلمانية اللبنانية منذ الاستقلال، والأرجح أن «الثنائي» مستعد لإضاعة مزيد من الوقت على أمل أن يحقق شيئاً ما من معادلته، فمهمة لودريان الصعبة مع هذا «الثنائي» في محاولة إقناعه بخطأ حساباته وبأنه لم يعد وحده مركز الثقل السياسي في لبنان والمنطقة بعدما قوضت انتفاضة «17 تشرين» 2019 إطباقه على النظام السياسي منذ 2016، ونجحت جلسة الانتخاب الرئاسية في 14 الحالي من إنهاء مفاعيل 7 مايو (أيار) السياسية.

فعلياً مهمة لودريان في إقناع «الثنائي» أنه لم يعد وحده مركز القرار ستجعله أمام معضلة أشبه بتلك التي واجهها الفيلسوف عالم الفلك الإيطالي غاليليو الذي قضى جزءاً من وقته الثمين في محاولة إقناع نخب عاصرته بنظرية «كوبرنيكوس» المعروفة بمركزية الشمس مقابل من كان يتبنى مركزية الأرض والتي كانت تلقى دعم الكنيسة حينها؛ ما أدى إلى مثول غاليليو مرتين أمام محكمة التفتيش.

ما لا يدركه لودريان أن أصحاب معادلة (51 = 60) باتوا يتعاملون معها بصفتها جزءاً من مركزيتهم التي يجب على الداخل والخارج أن يدور من حولها، وهي محطة جديدة في مسلسل انتصاراتهم الدائمة التي يحتاج إليها «الثنائي» من أجل إقناع أتباعه بأنه لم يزل قادراً على تغيير حتى الأرقام، ولا يمكن أن يغير أو يتغير، فوعوده بالنصر دائماً قد فرضت نفسها على النتائج الحسابية لجلسة انتخاب الرئيس الأخيرة، وهي معادلة يقينية عقائدية منحها معتنقوها شرعية سماوية وصفوها بالانتصارات الإلهية، ستحاول فرض رأيها في أي معادلة مقبلة ولن تتردد بتهديد الداخل والخارج بمحكمة التفتيش إذا لزم الأمر.

هذا الطرح سيكون كفيلاً بأن يعود لودريان عشرات المرات إلى بيروت حتى يتمكن من إقناع من يتبناه بالتراجع عن معادلته الخاطئة، والأخطر أنه قد يستهلك هذا المحور وقتاً طويلاً حتى يقتنع بالتراجع كما استهلك راعيه الإقليمي وقتاً طويلاً من أجل الاقتناع بأن محاولة فرض نفوذه بالقوة على المنطقة فشل وتسبب في استنزافه، فمن يتقدم في المواجهة ليس بالضرورة أن يتقدم في السِلم، وتحقيق النفوذ يعتمد على القوة العسكرية، في حين الدور يحتاج إلى القوة الناعمة، وهذا غير متوافر لدى «الثنائي» ولا لدى راعيه الإقليمي الذي يحاول لملمة حضوره الإقليمي من خلال الرهان على تسويات كبرى مع أطراف إقليمية فاعلة تحقق في السلم ما لم تحققه في المواجهة.

وعليه، من غاليليو إلى لودريان مروراً بنظرية كوبرنيكوس ومحاكم التفتيش يبدو أن أمد الفراغ طويل إلى أن يستوعب «الثنائي» لغة الأرقام ويستوعب حدود مركزيته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لودريان ــ بري ــ غاليليو ومعادلة «51  60» لودريان ــ بري ــ غاليليو ومعادلة «51  60»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon