توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حادثة الكحالة... كوع محلي إقليمي

  مصر اليوم -

حادثة الكحالة كوع محلي إقليمي

بقلم - مصطفى فحص

عند كوع الكحالة شاهد اللبنانيون والعالم حاضر بلدهم ومستقبله؛ أقله على المدى القصير وحتى المتوسط، فقد كشف انقلاب شاحنة السلاح المعروفة المصدر والمالك، عما لم يكن مستوراً منذ سنوات، أي أشياء كانوا يعلمون بها أو يسمعون عنها لكن لا يرونها رغم أنها تمر من أمامهم، ولكن الصدفة على طريق الكحالة أو المعروفة بالطريق الدولية التي تربط بيروت بدمشق، وتربط دمشق ببغداد عبر معبر البوكمال، وبغداد بطهران عبر هيمنة كاملة على ما تبقى من العراق، جعلت من المستور أو المستتر مكشوفاً ومعروفاً.

في الكحالة كان الاستثناء الوحيد الحرج الذي تسبب فيه انقلاب شاحنة السلاح للسلطة الحاكمة، التي ارتبكت أمام المشهد المنقول مباشرة على مرأى من الرأيَين العام الداخلي والخارجي وأمام أعين صُنّاع القرار الإقليمي والدولي، الذين رغم تواطؤ بعضهم مع هذه السلطة وغض طرفهم عن كثير من تجاوزاتها وفسادها في مراحل سابقة وربما لاحقة، قد لا يستطيعون التستر عليها هذه المرة، فالواضح أن ما تبقى من سلطة بعد غياب كامل للدولة في لبنان لم يعد باستطاعتها تسيير حتى أمورها الخاصة؛ فمن أحداث عين الحلوة ومحاولة أقلمة السلاح الفلسطيني في مخيمات لبنان عبر إضعاف سيطرة منظمة التحرير وحركة فتح لصالح فصائل متطرفة لا يمكن ضبطها، وسط احتقان طائفي قابل للانفجار في أي لحظة، مروراً بحوادث أمنية متفرقة واغتيالات كان أخطرها خطف وقتل المواطن إلياس الحصروني في الجنوب، أحداث لم يعد ممكناً تسجيلها ضد مجهول حتى لو مُنعت التحقيقات من الوصول إلى نتائج حقيقية.

الطبقة السياسية التي ساومت الحزب على سلاحه ضمن مقايضة معروفة بالسكوت عن السلاح مقابل السكوت عن الفساد، حوَّل سلاحه إلى متهم مباشر بالفساد وبحماية الفاسدين، وفي بعض الأحيان تحت حمايتهم (أي الفاسدين)، وهذا ما تسبب في ضربة معنوية لفكرة المقاومة التي كانت محل إجماع لدى جميع اللبنانيين، حتى الرأي العام الذي يحاول التمييز ما بين سلاح المقاومة وسلاح الحزب فقد الحجة، ولم يعد قادراً على تبرير موقفه؛ فالموقف الشعبي من السلاح بدأ حالةً تراكميةً، منذ أن استخدمه ضد أهالي بيروت في 7 مايو (أيار) 2008، مروراً بالتدخل في سوريا والتلويح به ضد شابات وشبان انتفاضة تشرين، ومحاولته قمعهم، وصولاً إلى استراتيجية وحدة الساحات التي أعادت إلى الذاكرة حتى في بيئته الحاضنة، جنوب لبنان، حالة عدم الاستقرار التي عاشتها المناطق اللبنانية المحاذية لفلسطين بسبب العمل الفدائي الذي كان ينطلق من لبنان ضد إسرائيل.

عملياً، المسألة ليست نقلَ سلاحٍ، وهو سيستمر، ولا وِجهة الشاحنة؛ المسألة احتقان بلغ ذروته، له أسباب عديدة، في مقدمتها محاولة هيمنة أصحاب شاحنة السلاح على السلطة، من خلال فرض رئيس للجمهورية، وهذا ما جعلهم في مواجهة لها بُعد طائفي تأخذ لبنان إلى الفوضى والتقسيم، وهي مرتبطة بوضع إقليمي، خصوصاً أنَّ أطرافاً في طهران تريد تحرير حركتها الإقليمية من اتفاق بكين، وتربط الاتفاق فقط بالعلاقة الثنائية ما بين الرياض وطهران، وتعدّ نفسها غير معنية بأي تفاهم حول الإقليم، وغير مستعدة لأي تسوية، وهذا ما يمكن وصفه بصراع إيراني داخلي مرتبط بالمرحلة الانتقالية الداخلية وتطورات المشهد الدولي - الإقليمي وعودة واشنطن إلى ترتيب علاقاتها مع حلفائها التقليديين في المنطقة، في مقدمتهم الرياض وأنقرة.وعليه، كشفت حادثة الكحالة وحوادث أخرى متفرقة حدثت في الآونة الأخيرة حجم الاحتقان الداخلي وقابلية أحد الأطراف لتكرار تجربة مَن سبقوه في حكم هذا البلد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حادثة الكحالة كوع محلي إقليمي حادثة الكحالة كوع محلي إقليمي



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon