توقيت القاهرة المحلي 18:47:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العسكر والسلطة في روسيا

  مصر اليوم -

العسكر والسلطة في روسيا

بقلم - مصطفى فحص

منذ تأسيس جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفياتية بعد ثورة 1917 وبعد قيام جمهورية روسيا الاتحادية سنة 1991 نجحت السلطة السياسية الروسية في إبعاد المؤسسة العسكرية عن السلطة، فلم يستطع أي جنرال أو أي شخصية من خلفية عسكرية الإقامة في الكرملين، إذ بقي دور الجنرالات الروس والسوفيات محدوداً في الحياة السياسية الروسية حتى لو كانت لهم إنجازات كبيرة على المستوى الوطني، فطوال الحقبة السوفياتية كانت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي مصدر السلطات ومصنع القيادات، وحافظت على جنرالات الجيش الأحمر في ثكناتهم، ولم تسمح لهم بالتدخل في السلطة.

بعد الحرب العالمية الثانية تمكن ديكتاتور روسيا الشهير جوزيف ستالين من تحجيم دور أبطال هذه الحرب وإبعادهم عن السلطة؛ مثل الجنرال جوكوف، كما أن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي لم تسمح بوصول أي جنرال إلى السلطة، فبعد الحقبة الستالينية حكم الاتحاد السوفياتي شخصان من خلفية أمنية جاءا من المخابرات (خروتشوف، وأندروبوف)، فيما كان قائد جهاز الأمن المركزي الشهير «كي جي بي» حيدر عالييف منافساً قوياً لغورباتشوف، لكن أصوله غير السلافية وديانته كانا سبباً رئيسياً في إبعاده عن المنصب الأول في الاتحاد السوفياتي وليس خلفيته الأمنية.

فعلياً عندما ذكّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مواطنيه بأحداث سنة 1917، فهو تعمد إحياء الذاكرة الجماعية للروس، وتحذيرهم من الفوضى التي تسبب بها تدخل العسكر بالسياسة، فحتى الآن هناك جدل واسع بين النخب الأكاديمية والمؤرخين في روسيا حول تحرك الجنرال في الجيش القيصري لافر كورنيلوف في نيسان (أبريل) 1917 عندما تم تعيينه القائد الأعلى للجيش الإمبراطوري، وقرر السيطرة على العاصمة سان بطرسبرغ للقضاء على الحركة البلشفية، في الوقت الذي كانت روسيا تخوض حرباً ضارية ضد اليابان في آخر سنة من الحرب العالمية الأولى وهُزمت فيها، كما أن ذاكرة الروس مملوءة بآلام الحرب الأهلية، بعد سيطرة فلاديمير لينين على السلطة، وتمرد أشهر أدميرال في البحرية القيصرية ألكسندر كولتشاك، الذي كان وزيراً للدفاع في الحكومة المؤقتة التي كان مقرها مدينة أومسك السيبيرية، ثم انقلب عليها، وأصبح الحاكم الأعلى لروسيا، وقاد حرب البيض ضد البلاشفة الحمر حتى هزيمته وإعدامه في شهر فبراير (شباط) 1920.

بالرغم من كونه جيشاً جراراً وكان يحتل نصف الكرة الأرضية، ويملك من العديد والعتاد ما يكفي إلى ترهيب البشرية، لم يستطع الجيش الأحمر السوفياتي الصمود لعدة أيام أمام عشرات آلاف من المتظاهرين في وسط موسكو، بعدما تحركت قطاعاته لتنفيذ انقلاب سياسي على آخر رئيس للاتحاد السوفياتي ميخائيل غورباتشوف في شهر أغسطس (آب) 1991 قادته شخصيات رفيعة في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، وقيادة عسكرية وحكومية، يتقدمهم الأمين العام المساعد للحزب الشيوعي غينادي يانايف، وعرفت حينها بـ«لجنة الدولة لحالة الطوارئ»، فبالنسبة للمؤرخين الروس هذا الانقلاب كان أحد الأسباب التي سرّعت في تفكيك الاتحاد السوفياتي بعد أن قام رئيس جمهورية روسيا السوفياتية حينها بوريس يلتسين بإفشال الانقلاب أولاً وبعد أشهر قام بإنهاء حكم غورباتشوف، الأمر الذي أدى إلى حلّ الاتحاد السوفياتي ثانياً.

بالنسبة للرئيس بوتين الذي تمر حربه في أوكرانيا بظروف صعبة، ولم تتمكن جنرالاته من تحقيق أهداف عمليته العسكرية بعد، يعمل جاهداً من أجل منع حدوث أي فوضى داخلية أو أزمة تتسبب بتكرار التاريخ الروسي، فهو يعلم جيداً أن الحرب الأفغانية كانت أحد أبرز العوامل التي ساعدت على سقوط الاتحاد السوفياتي، وأن محاولات الانقلاب سنة 1917 كانت عاملاً مساعداً في هزيمة الإمبراطورية الروسية في حرب اليابان، وفي نهاية عهد القياصرة وأحد أسباب الحرب الأهلية، التي حاول بالسبل كافة تجنبها في مواجهته الأخيرة مع زعيم «فاغنر»، كما أن هاجس الهزيمة الأفغانية يلاحق القادة الروس في أوكرانيا التي ستهدد تداعياتها هذه المرة وحدة الأراضي الروسية وليس فقط النظام السياسي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العسكر والسلطة في روسيا العسكر والسلطة في روسيا



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 18:39 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر وإيران تبحثان تطورات الأوضاع في لبنان وغزة
  مصر اليوم - مصر وإيران تبحثان تطورات الأوضاع في لبنان وغزة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon