توقيت القاهرة المحلي 13:54:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قرداحي في وفد ماكرون إلى الخليج؟!

  مصر اليوم -

قرداحي في وفد ماكرون إلى الخليج

بفلم: جورج شاهين

كاد بعضهم من محور الممانعة ان يقيس المطالبة السعودية باستقالة وزير الاعلام جورج قرداحي منذ اللحظة الأولى للأزمة الديبلوماسية التي نشأت نتيجة تصريحاته مع الرياض وحليفاتها، بميزان المفاوضات النووية في فيينا، والمحادثات السعودية – الايرانية في بغداد وبالوضع في مأرب. وعليه، فقد اثبتت الاحداث عقم هذه النظرية، فتحولت الاستقالة ورقة في ملف الرئيس ايمانويل ماكرون عندما وطأت قدماه أبو ظبي. فهل انضم قرداحي الى الوفد الفرنسي المرافق؟

لم يتريّث ماكرون في استخدام ورقة استقالة قرداحي الى ان يصل الى جدة للقاء القيادة السعودية في ختام الجولة الخليجية الثلاثية التي بدأها في دولة الإمارات العربية المتحدة قبل ان ينتقل الى قطر فالمملكة العربية السعودية، فبادرَ في اولى تصريحاته التي تلت لقاءه مع القيادة الاماراتية الى استغلالها جامعا ًبينها وبين مجموعة امنياته وآماله بـ»حدوث تقدم في شأن الأزمة اللبنانية في غضون الساعات المقبلة». مؤكداً وجازماً «اننا سنفعل ما في وسعنا لإعادة إشراك منطقة الخليج من أجل صالح لبنان». وتمنى «أن تسمح لنا الساعات المقبلة بتحقيق تقدم». داعيا الرئيس نجيب ميقاتي الى ان «يعقد اجتماعاً للحكومة بسرعة كي يتمكن من العمل بأقصى الجهود» بعدما حمّله الرسالة الاخيرة الى قرداحي.

قد يكون في ما اكده الرئيس الفرنسي اكثر من مؤشر على اهمية «ورقة الاستقالة» التي تمناها ماكرون من بيروت فتم توفيرها له، قبل ان تطأ قدماه أرضاً خليجية. وكأنها تشكل مفتاحا سحرياً يسمح بالبحث في وضع لبنان خلال أولى لقاءاته في أبو ظبي. فيما كان هناك من يعتقد انه يحتاجها في لقاءات السعودية فقط لأنها صاحبة قرار الحل والربط فيما جرى بين بيروت الرياض، قبل ان تتضامن بعض عواصم الخليج معها ولو بنحو متفاوت بين الإعتراض الجزئي وادانة مضمون تصريحات قرداحي من جهة. وذهاب آخرين الى مرحلة استدعاء سفرائها من بيروت وطَرد نظرائهم اللبنانيين من عواصمهم من جهة أخرى.

وفي مقابل هذه النظرية المبسّطة – إن كان اصحابها يعتقدون ان الازمة عابرة – هناك من يقول العكس، فما حصل لا يمكن تجاوزه بهذه «الخفة». فالخطوة متأخرة ولم تعد كافية بعدما كانت مطلوبة لفترة محدودة منذ اللحظة الاولى للأزمة. اما وقد تطورت المواقف وتلاحقت الخطوات السلبية، فزادت اجواء التحدي من حجم المطالب الخليجية ولم تعد الاستقالة ثمناً لأيّ تبديل محتمل في الموقف السعودي، وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان عندما قال: «ان المشكلة لا تقف عند تصريح وزير بمقدار ما شكلت اعتراضا على سيطرة «حزب الله» على السلطة في لبنان وتمنع اللبنانيين عن القيام بما يلجمها او يحد منها».

وعليه، كانت المراجع الديبلوماسية ترصد بدقة مفاعيل تأخر لبنان في تلبية المطلب الخليجي، وهو ما زاد من الخطوات السلبية التي تلاحقت في ساعات قليلة. وهكذا وصلت العقوبات الى مرحلة المقاطعة السعودية الشاملة للمنتوجات الزراعية والصناعية اللبنانية ووقف خطوط البريد السريع بطريقة مباشرة بين بيروت والرياض ونقل الاطقم الديبلوماسية كاملة من بعض سفارات الخليج من بيروت، وهو ما أدى الى ارتفاع منسوب التوتر بين هذه الدول وبعض القيادات اللبنانية المنضوية تحت لواء الممانعة. وقللوا من أهمية الموقف الخليجي وردّوا الخطوة إلى ما سَمّوه الفشل في وقف هجمات الحوثيين في اليمن وعدم صد الهجمات الصاروخية في اتجاه العمق السعودي، وانحسار نفوذهم في عدد من دول المنطقة على وقع فشل المشروع الاميركي بعد الانسحاب «المذلّ» وغير «المنظّم» من أفغانستان والحديث المتنامي عن انسحاب قريب من العراق وأجزاء من سوريا.

ولذلك، تعترف الأوساط السياسية والديبلوماسية التي تؤيد هذه النظرية، بأن النظرة «السوريالية» التي أسبغها خصوم السعودية على مفهوم استقالة قرداحي لم تكن منطقية ولا واقعية، فاعتبارها انها مناسبة لطلب قرداحي الضمانات التي تحدث عنها من منصة بكركي عُدّت «سخيفة» وتنم عن «عجرفة» غير «واقعية» وهو ما عبّرت عنه قيادات سياسية وروحية عالية المستوى، وعدتها محاولة لتصعيد الموقف بدلاً من تسهيل الخطوات التي يمكن ان تعيد ترميم ما انكسر مع الخليجيين. فالمواجهة القائمة بين لبنان من جهة ودول مجلس التعاون غير متكافئة تحت اي بند او فصل من فصولها، وشتّان بين القدرات السعودية وانعكاسات إجراءاتها على الوضع في لبنان وما يمتلكه من مقومات الصمود تجاه نتائجها السلبية والخطيرة.

وعليه، فإن اعتبار قرداحي الاستقالة مناسبة للتثبت من نية المملكة بالعودة عن «الطحشة» التي بدأتها قد سقطت بسرعة بعدما ظهر انها جدية وانّ ما أعاقها رفض «حزب الله» وحلفائه لها بعدما كان فرنجية قد سمح بها شرط أن لا تصب في مصلحة بعبدا، فيعتبرها رئيس الجمهورية ميشال عون انتصارا له الى ان تطورت الامور ووصلت الى مرحلة وضعها في سلة ماكرون من دون غيرها من السلال اللبنانية.

وبعيداً من كثير من التفاصيل، فقد عدّت الاستقالة في توقيتها وشكلها ومضمونها خطوة إلى الوراء أقدمَ عليها «محور الممانعة» نتيجة المصاعب التي واجهته في اليمن بعدما تأخرت سيناريوهات الحسم في مأرب التي قد تشهد انقلاباً في الصورة بطريقة عكسية لمصلحة قوى التحالف مع الشرعية في مواجهتها مع الحوثيين، وبعدما اصطدمت الطموحات الايرانية في فيينا بالشروط الاميركية وتلك التي فرضتها مجموعة الـ (5+1) الى درجة هَدّدت بوقفها قبل يومين وكاد الوفد الايراني ان يعود الى بلاده. وان اضيفت معطيات أُخرى يمكن القول ان الفشل الذي منيت به فصائل الممانعة في انتخابات العراق النيابية لجمت كثيراً من طموحات طهران التي باتت تحلم بحكومة وفاق وطني يعيدها الى جزء ولو محدود من السلطة. كما ان التقارب الاماراتي ـ السوري اقلقها لأنه قد يكون على حسابها. ولذلك لم تبق سوى ورقة لبنان في يد طهران، فقدمت هذه الخطوة عربون حسن نية لفرنسا بدلاً من ان تقدمها الى اللبنانيين أنفسهم او الى مجموعة المفاوضين في فيينا.

وبناء على كل ما تقدم، لا بد من الإشارة إلى ان في نية ماكرون الصادقة، ان يحقق خطوة ما تجاه الازمة اللبنانية، وهو يدرك سلفاً حجم العقبات امامه ولكنه يخوض تجربة دقيقة جداً فهو يحاول التسلل الى المنطقة الخليجية التي غاب عنها الاميركيون بفعل التقلبات في علاقات واشنطن بالرياض والازمات البينية الخليجية للنفاذ بسلسلة من الصفقات التي ظهرت أولاها في صفقة الطائرات الحربية مع الإمارات. والى هذه الخطوة المهمة سعى ماكرون الى ضَم قرداحي الى الوفد الفرنسي لعله يحقق خرقاً ما، فإن لم ينجح في تحقيق العودة عن الإجراءات السعودية قد ينجح بالتأكيد في لجم تطورها نحو الأسوأ، فأي خطوة ايجابية قبل الانتخابات النيابية ستبقى حلماً لبنانياً وفرنسياً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قرداحي في وفد ماكرون إلى الخليج قرداحي في وفد ماكرون إلى الخليج



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon