توقيت القاهرة المحلي 10:31:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بكين تحتضن التفاهمات الدولية وترعى الحلم الفلسطيني بالوحدة

  مصر اليوم -

بكين تحتضن التفاهمات الدولية  وترعى الحلم الفلسطيني بالوحدة

بقلم - جورج شاهين

منذ سنوات قليلة تحولت العاصمة الصينية موقعاً لإطلاق التفاهمات الدولية في عدد من الأزمات. فبعد المفاجأة الكبرى بـ "اعلان بكين" الخاص بالأزمة السعودية ـ الايرانية التي طال انتظار اي مخرج لها، أطلّت في الأمس بإعلان آخر"لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية". وكل ذلك يجري على وقع الحديث عن اعلان محتمل يسعى القادة الصينيون اليه بهدف إنهاء الحرب الاوكرانية ـ الروسية. وعليه، ما هي قيمة هذه  التفاهمات ومن يحضنها؟ وهل هي مجرد "إعلان نيات" أم أنّها حلم قابل للتنفيذ؟
في العاشر من آذار 2023 فوجئ العالم بالإعلان من بكين عن "وثيقة تاريخية" للتفاهم بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية برعاية صينية، من اجل عودة العلاقات الديبلوماسية بين الرياض وطهران المقطوعة قبل 7 سنوات تقريباً، وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهرين، مع تأكيدهما احترام سيادة الدول وعدم التدخّل في شؤونها الداخلية، وتفعيل سلسلة الاتفاقيات المعقودة بينهما منذ العام 1998 بما فيها السياسية والديبلوماسية، وتلك الخاصة في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب. مع تعهّدهما بالسعي الدائم "لتعزيز السلم والأمن الإقليمي والدولي واحترام سيادة الدول وعدم التدخّل في شؤونها الداخلية وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني الموقّعة بينهما عام 2001".
قبل تلك اللحظة، التي حاول البعض استغلالها لأغراض دولية واقليمية مختلفة، عدا عن تلك التي تنبأت بأفول أدوار الدول الكبرى، ولا سيما  منها الولايات المتحدة الاميركية وروسيا الاتحادية عن المنطقة، كانت كل المراجع الديبلوماسية والاستخبارية تتساءل عن الظروف التي دعت الى الكشف عن وثيقة التفاهم هذه، والاسباب التي دفعت الى اختيار الصين منصّة لرعايتها، على رغم من الجهود التي بُذلت لسنوات بعيداً منها. فقد كانت بغداد اول من رعت اللقاءات الاولى بين الطرفين سراً، قبل ان تتكشف مساعيها قبيل الجولة الثالثة من المفاوضات الجارية على المستويين الامني والاستخباري. علماً انّ آخرها كان اللقاء الخامس بينهما في 23 نيسان 2022، حيث تقرّر فيها الانتقال بها إلى المستوى الديبلوماسي بين البلدين، فغابت التحضيرات التي تلتها حتى الإعلان عن وثيقة بكين.
وقبل الانتقال الى البحث عن الدور الصيني في هذه الاتفاقية، كان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي آنذاك قد وفق في أن يتجاوز الطرفان حادثة اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني في بغداد، وهو الذي قصدها حاملاً معه - كما قيل في حينه - الصيغة النهائية للتعديلات الايرانية المقترحة على شكل ومضمون التفاهم الذي تمّ التوصل إليه. وكان ذلك قبل ان يتقّرر باقتراح سعودي - كما تردّد في حينه - اختيار بكين لتكون المنصة الدولية للإعلان عن هذا الإتفاق. وقيل يومها ايضاً، نقلاً عن مراجع ديبلوماسية ايرانية وسعودية رفيعة، ان طهران قبلت بالعرض السعودي بتسميتها، لعدم القدرة على اختيار اي عاصمة أخرى بالحجم المطلوب لرعاية الاحتفال بالتوصل الى مثل هذا التفاهم.
وفي التفاصيل التي كشفت عنها مصادر ديبلوماسية عراقية واميركية كانت على خط المفاوضات في المراحل الاخيرة، انّه لم يكن وارداً ان تقبل طهران باختيار واشنطن في ظل العقوبات المفروضة عليها منذ سنوات. ولم يكن وارداً اختيار موسكو للغاية عينها وهي منشغلة بغزو اوكرانيا، ولم تنته بعد من معالجة الأزمة السورية. ولذلك كان الخيار ان تكون بكين تلك المنصة من دون ان يطالبها اي من الطرفين بأي ضمانات. فقد تعهّدا أمام الراعي الصيني بتشكيل الفرق المتخصصة في كل القطاعات لترتيب العلاقات وتصفير المشكلات، كما ما بين حلفاء الطرفين، ولا سيما منها الحرب في اليمن وطريقة الخروج منها. فقد كانت الرياض تعيش الصدمة الناجمة عن قصف منشآت "آرامكو" وطاولت الصواريخ البالستية منشآت اماراتية جوية ومدنية، وهي تهدّد معظم مدن الخليج الداعمة للسعودية، عدا عن أحداث البحرين وشرق المملكة العربية السعودية، حيث الحضور الشيعي المتضامن مع ايران والحوثيين.
هذا على مستوى التفاهم السعودي ـ الايراني. اما وقد ظهرت مجموعة الاسباب الموجبة لاختيار بكين، فقد انتقلت المصادر الديبلوماسية لتقدّم رواية مماثلة للتفاهم الفلسطيني ـ الفلسطيني، فلم يكن على حدّ علم المراجع الديبلوماسية الدولية انّ للصين دوراً في هذا المجال. الّا انّ الظروف التي رافقت المفاوضات البينية بين مجموعة الفصائل قادت الى اختيار الصين مرّة اخرى. ذلك انّه لا بدّ من استعراض المراحل التي قطعتها المفاوضات بين الطرفين وخصوصاً عقب عملية "طوفان الأقصى" بعدما بات التفاهم بين السلطة الممثلة لمنظمة التحرير والفصائل الأخرى مطلوباً وخصوصاً مع حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" اللتين تسيطران على غزة قبل العدوان عليها، بهدف مواكبة المشاريع المطروحة لـ "اليوم التالي" في القطاع وطريقة إعادة الربط بينه وبين الضفة الغربية تحت عباءة الوحدة الفلسطينية التي تغلّف السلطة المعترف بها دولياً، بعد نضال استمر عشرات السنوات قبل ان يتوّجها اتفاق أوسلو منذ العام 1993.
على هذه القاعدة، توسعت المصادر الديبلوماسية في اعادة التذكير بالجهود المصرية للوحدة بين الفلسطينيين قبل أحداث غزة بأربعة أشهر على الأقل. فهي التي استضافت مؤتمراً للأمناء العامين للفصائل في القاهرة نهاية حزيران العام الماضي، ثم واكبتها موسكو وأنقرة بلقاءات ومساعٍ مماثلة في تموز، قبل ان تنتقل المساعي الى الدوحة والقاهرة، وما جرى على هامش القمة العربية ـ الاسلامية الاستثنائية في شباط الماضي، والتي لم تنته الى اي فكرة واضحة تؤسس لتفاهم سياسي فلسطيني داخلي. ولذلك جاء التفاهم في "وثيقة بكين" على تشكيل "حكومة وحدة فلسطينية" ليذكّر بما انتهت إليه مفاوضات الدوحة في آذار الماضي، التي قالت بتشكيل "حكومة وحدة وطنية محايدة"، وزراؤها من التكنوقراط، على ان تتمثل غزة بنسبة عالية من أعضائها. وقد سارعت السلطة الفلسطينية الى ترجمة هذا التفاهم بتشكيلة يرأسها  الخبير الاقتصادي محمد مصطفى بعد أسبوعين من تكليفه المهمّة. وجاءت بتركيبتها خالية من اي تمثيل للفصائل الفلسطينية كما كان يجري من قبل، فجمعت 23 وزيراً من الاختصاصيين ثلث اعضائها على الأقل من غزة. وأقسمت اليمين الدستورية أمام الرئيس محمود عباس في اول نيسان، وقال بيانها بضرورة إجراء إصلاحات في مؤسسات السلطة الفلسطينية، لطالما طالبت بها الولايات المتحدة وجهات دولية أخرى، تمهيداً لمرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزة.
عند هذه المعطيات، يتحدث العارفون عن مرحلتين من المفاوضات في بكين، انتهت الثانية بالتفاهم الذي أعلن الاثنين الفائت بما تضمنه من تفاهمات سياسية وطنية وامنية وادارية واخرى تتعلق بعلاقة السلطة الفلسطينية مع اسرائيل، عدا عن الثوابت التي تجمع عليها كل الفصائل بلا استثناء، وخصوصاً تلك التي تُعنى بحرّية تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس ضمن حدود العام 1967، الى ما هنالك من تفاهمات في إطارات مختلفة.
وبناءً على كل ما تقدّم، ينتظر المراقبون أياماً قليلة لمعرفة طريقة التعاطي الدولي واسرائيل مع التفاهم الجديد الذي تجاهل المراحل التنفيذية والمهل الفاصلة بين مرحلة واخرى، وهي نقطة ضعف كبيرة وخطيرة جداً، لصعوبة التقدير في إمكان ترجمتها. فليس واضحاً انّ هناك اي ضمانات دولية او اقليمية خارج الضمانات الصينية التي تسعى الى تفاهم روسي ـ أوكراني، وهو ما يرفع من منسوب المخاوف من ان يتحول "التفاهم الفلسطيني" الى "وثيقة نيات" لا ترقى الى "تفاهم نهائي" يمكن رؤيته أمراً واقعاً يحقق "الحلم بالوحدة الفلسطينية".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بكين تحتضن التفاهمات الدولية  وترعى الحلم الفلسطيني بالوحدة بكين تحتضن التفاهمات الدولية  وترعى الحلم الفلسطيني بالوحدة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس
  مصر اليوم - فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon