توقيت القاهرة المحلي 02:29:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القمة العربية... اليوم التالي

  مصر اليوم -

القمة العربية اليوم التالي

بقلم - ناصيف حتي

كنت قد أشرت، ولست وحيداً بالطبع، عشية الدورة الـ33 للقمة العربية على أهمية التأكيد على مقاربة الحل الشامل للقضية الفلسطينية، وذلك عبر عقد مؤتمر دولي لهذا الأمر، مؤتمر تشارك فيه بالطبع القوى الدولية والإقليمية الفاعلة والمؤثرة في الشرق الأوسط كافة. كما اقترحت أيضاً بلورة خريطة تحرك عربي (خريطة طريق) على مستوى القادة للدفع بشكل أكثر فاعلية - لترجمة ما ستكون عليه قرارات القمة بشأن القضية الفلسطينية - إلى مسار سياسي سلمي فاعل وواعد للتوصل إلى ترجمة فعلية لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ولمبادرة السلام العربية المبنية أساساً على هذه القرارات، الأمر الذي يشكل مبادرة دبلوماسية واقعية تستند في الوقت نفسه إلى الشرعية الدولية لتحقيق السلام الشامل والدائم، وتعزيز الاستقرار في المنطقة. نؤكد ذلك رغم ما ندركه من وجود عوائق قديمة وجديدة أمام مسار من هذا النوع، عوائق مبنية على تجارب الماضي البعيد والقريب. وأبرز هذه العوائق الحرب الإسرائيلية القائمة التي تهدف، ليس فقط إلى تدمير غزة، بل إلى إلغاءٍ كلي للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وأهمها إقامة دولته المستقلة.

لقد كان أبرز الأمثلة لذلك أيضاً تصعيد سياسة تهويد الأرض والشعب في الضفة الغربية؛ تسريعاً لعملية دمج الضفة الغربية في دولة إسرائيل الكبرى. يبرز ذلك من خلال التصعيد في استخدام الوسائل العسكرية والأمنية والإدارية والاقتصادية وغيرها في تسريع تحقيق هذا الهدف. وقد صنعت هيمنة اليمين الديني المتشدد في السلطة مع حليفه اليمين القومي المتشدد مزيداً من العوائق أمام احتمالات إعادة إحياء عملية السلام، التي رغم أنها صعبة، ويرى كثيرون أنها شبه مستحيلة في ظل التوازنات القائمة، فإنها تبقى الطريق الوحيدة لإنهاء هذا النزاع التاريخي، النزاع الذي يعود بقوة إلى صدارة جدول القضايا الساخنة أو الأكثر سخونة في الإقليم، والقابل بسبب طبيعته وموقعه في السياسة والاجتماع والجغرافيا، ليكون إحدى أهم أوراق الصراعات والحروب الباردة والحروب بالوكالة، خدمة لأهداف استراتيجية إقليمية ودولية لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية.

في خضم انسداد أفق وقف القتال، واحتمال الدخول في حرب استنزاف طويلة تشهد، كما نذكر دائماً، صعوداً وهبوطاً في القتال دون أن تتوقف، صار المطلوب بشكل مُلحّ ترجمة قرار القمة بالدعوة إلى عقد مؤتمر دولي للتسوية السلمية للنزاع على أساس القرارات والقواعد والمبادئ الدولية المعروفة، وعدم استبدال هذا القرار، أو الدعوة العربية، ولو تحت عنوان التحضير له، بمقاربات مرحلية، تحت عنوان العمل على انعقاد هذا المؤتمر، مقاربات تهدف إلى استثمار الوقت، أو تنفيس الاحتقان لمن لا يريد السلام، أو غير مَعْنِيّ به. إن سياسات دولية من هذا النوع تؤدي بالتالي إلى تأجيل الانفجار، وليس إلى مكافحة أسبابه الحقيقية؛ ما يزيد تعقيد الأمور مع الوقت.

إنَّ المطلوب وضع خطة لتحرك عربي على أعلى مستوى، وضمن صيغ مختلفة، وبأسرع وقت تجاه الأطراف الدولية الفاعلة، وتحديداً الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن؛ لدفعها لتبني هذه المبادرة (المؤتمر الدولي). ورغم الصعوبات الكثيرة أمام إطلاق المؤتمر الدولي إطاراً للتسوية يبقى المؤتمر الدولي ذو المرجعيات المحددة والأهداف النهائية المقررة للتسوية الشاملة الشرط الضروري، ولو كان غير كافٍ، لإطلاق فعلي وفعال لمسار التسوية السلمية والشاملة للنزاع. يقول البعض إنَّ إسرائيل ترفض كلياً التسوية السلمية بأهدافها وقواعدها ومساراتها، ولكن وصول إسرائيل إلى حائط مسدود ومكلف أمام أهدافها المعلنة وغير المعلنة، رغم أنها صارت معروفة، وأمام موقف دولي واضح وذي مصداقية، في ظل عدم قدرتها على تحقيق أهدافها ودخولها في حرب استنزاف مكلفة، يزيد من حدة أزماتها الداخلية المتنامية والمترابطة؛ ما سيدفعها مع الوقت لمواجهة التكاليف الكبيرة لسياساتها، والاضطرار للتخلي عن شجرة الأهداف المعلنة وغير القابلة للتحقيق. ومن دون شك سيستغرق ذلك وقتاً ليس بالقصير، ولكن بتكلفة قد تصبح غير محتملة؛ ما سيدفع إلى تغيير في السياسة الإسرائيلية، تغيير لن يكون سهلاً، وستكون له تداعياته الداخلية أيضاً. إن الوصول إلى ذلك الوضع الضاغط على إسرائيل يستدعي المبادرة الناشطة من قبل مختلف الأطراف العربية، أياً كانت درجة انخراط هذا الطرف أو ذاك للتوجه نحو عواصم القرار الدولية المعنية مشتركة أو ضمن صيغ مختلفة، وذلك لدفعها لتبني مقاربة المؤتمر الدولي، وبلورة الأفكار العملية والصيغ والمقترحات، من خلال الحوار الهادف مع الأطراف الدولية المعنية التي يُفترض أن تنظم عمل ومسار ودور هذا المؤتمر الحاضن، والمُواكب والضامن للتسوية السلمية الشاملة المطلوبة. إنه أمر أمامه كثير من العوائق والصعاب، ولكنَّه يبقى الطريق الوحيدة رغم كثرة الحواجز لتحقيق السلام الشامل والعادل والدائم في الشرق الأوسط. إنَّ المبادرة نحو ترجمة قرار القمة في هذا الشأن مسؤولية عربية أساساً، ولا بديل جدياً وواقعياً لوقف نهائي للحرب الدائرة والمفتوحة في الزمان والمكان، إلا إطلاق تحرك عربي مبادِر؛ لترجمة القرار إلى مسار، مسار يأتي لمصلحة الاستقرار في المنطقة، مع التذكير بضرورة التحرك اليوم قبل الغد لتلافي مزيد من المخاطر على الطريق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القمة العربية اليوم التالي القمة العربية اليوم التالي



GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

GMT 22:47 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حرب القرن

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:01 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024
  مصر اليوم - ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام
  مصر اليوم - البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 09:49 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل
  مصر اليوم - طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل

GMT 08:38 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير مادة موجودة في لعاب السحالي للكشف عن أورام البنكرياس
  مصر اليوم - تطوير مادة موجودة في لعاب السحالي للكشف عن أورام البنكرياس

GMT 22:40 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

روبي و نيللي كريم معًا في رمضان 2025 بـ«ناقص ضلع»
  مصر اليوم - روبي و نيللي كريم معًا في رمضان 2025 بـ«ناقص ضلع»

GMT 20:41 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الفيشاوي ينفي تغيير كلمات أغنية "نمبر 2"

GMT 18:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة جونيور أجاي فى نهاية تمرين الأهلي وفحص طبي غدًا

GMT 06:30 2020 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 26تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:09 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

محمد هنيدي يكشف حقيقة سخريته من الراقصة البرازيلية لورديانا

GMT 17:50 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أهم وأبرز إهتمامات الصحف الليبية الصادرة الثلاثاء

GMT 05:52 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

محمد حماقي ينعى الشيخ صالح كامل

GMT 23:14 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

أسعار الحديد في مصر اليوم السبت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon