توقيت القاهرة المحلي 11:35:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الانتخابات الأوروبية كاشفة للأزمات والتغيرات

  مصر اليوم -

الانتخابات الأوروبية كاشفة للأزمات والتغيرات

بقلم - ناصيف حتي

انتخابات البرلمان الأوروبي التي ستجري بين السادس والتاسع من هذا الشهر ستعكس كما ستكشف في نتائجها «حزمة» الأزمات المتزايدة التي تعيشها القارة القديمة. أزمات تزيد من حدة الانقسامات على المستويين الأوروبي والوطني. توقعات المتابعين للانتخابات القادمة تحظى بشبه إجماع في ما يلي: أولاً ارتفاع نسبة المشاركة التي قد تصل إلى حوالي 70 في المائة مقارنة مع الانتخابات الماضية في عام 2019 التي كانت بحدود الـ 50.7 في المائة. يدل ذلك على الرغبة في التأثير لاحقاً بالسياسات الأوروبية المشتركة. ثانياً من المنتظر أن تحافظ كل من قوى اليمين واليسار التقليدي على قوتهما في البرلمان الجديد. ولكن تشير التوقعات إلى تراجع حجم التمثيل للتيارات الليبرالية والخضر. فيما سيزيد ما يعرف باليسار الراديكالي من قوة تمثيله. كما سيزداد حجم الكتلة التمثيلية لليمين المتطرف الذي عادة ما يقدم أجوبة شعبوية تبسيطية على التحديات المختلفة التي تواجهها المجتمعات الأوروبية: أجوبة من نوع وقف مسار البناء الأوروبي أو إضعافه. صحيح أن عملية التوسيع الأوروبي التي أخذت طريقاً سريعاً من حيث عدد وسرعة انضمام دول جديدة بعد نهاية الحرب الباردة كانت لها تداعيات اقتصادية وغيرها على «الدول القديمة» في الاتحاد ولكن كان ذلك خياراً استراتيجياً لاحتضان الدول «المولودة من جديد» بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، والعمل على استقرارها.

الأزمة الأوروبية المتعددة الأوجه، والتي يقتات عليها اليمين المتطرف ناتجة بشكلٍ أساسي عن سياسة «الإغراق» الصينية والسياسة الحمائية الأميركية. فالتراجع الحاد الذي أصاب قطاع الصناعة في أوروبا والتأثير المتعدد الأوجه لذلك وبخاصة على ارتفاع نسبة البطالة وكذلك تداعيات السياسات الأوروبية لحماية البيئة مثل «الاتفاق الأخضر» على الاقتصاد الزراعي، كلها عناصر حملت تداعيات سلبية على مستوى الدخل وعلى العمالة. هناك تراجع حاد في القدرة الإنتاجية والتنافسية انعكست في خلق أزمة اقتصادية بنيوية طاولت الجميع. ذلك كله يصب في خدمة اليمين المتطرف الذي يوظف مشاعر القلق والغضب خدمة لشعارات لا تشكل سياسات تحمل أجوبة فعلية.

ازدياد الهجرة غير القانونية عبر المتوسط من الشرق الأوسط وأفريقيا نحو القارة الأوروبية أمر شكّل أيضاً أحد التحديات الرئيسة التي تعيشها أوروبا والتي توظف من اليمين المتطرف لتحميل «الآخر» المختلف سواء في اللون أو العرق أو الدين مسؤولية أساسية في ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية. «أبلسة» الآخر المختلف صار الجواب السهل عند اليمين المتشدد يبني عليه خطابه للتحريض والتعبئة والهروب إلى الأمام كبديل عن المواجهة الفعلية للتغلب على التحديات المتزايدة.

في الجغرافيا السياسية تجد أوروبا ذاتها محاطة بحزام ناري، يعكس حربين مفتوحتين: الحرب في أوكرانيا وحول أوكرانيا والحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان مع التداعيات المختلفة لكل من الحربين. كلها عناصر تزيد من حدة الأزمات في أوروبا. وإذا كان موقف اليمين المتشدد منحازاً إلى إسرائيل لأنه يعيش على عقيدة تبسيطية اختزالية تآمرية اسمها الإسلاموفوبيا وبالتالي الذي يبرئ إسرائيل من مسؤولياتها الكلية والتاريخية في هذا الصراع، فإن هنالك مواقف متباينة بعض الشيء ضمن هذا اليمين المتطرف في ما يتعلق بالحرب في أوكرانيا. وهناك تمايز يعكس نظرة مختلفة بين أطرافه في ما يتعلق بمفهوم «الغرب الاستراتيجي» أو بسياسة «اللحاق بالولايات المتحدة» أو بالانخراط كلياً وراء واشنطن في منظمة حلف شمال الأطلسي، في أدوار تهيمن على تحديدها واشنطن.

الانتخابات الأوروبية ستكرس نتائجها ما صار معروفاً من انقسامات حادة في أوروبا. تراجع الدور الأوروبي يأتي في وقت تعيش فيه أوروبا تحديات جساماً، تستدعي دوراً أوروبياً ناشطاً ومبادراً. دور يقوم على تفاهمات فاعلة بين دولها للتعامل بنجاح مع هذه التحديات. لكن الواقع يدل على أن أوروبا بعيدة كل البعد عن ذلك...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتخابات الأوروبية كاشفة للأزمات والتغيرات الانتخابات الأوروبية كاشفة للأزمات والتغيرات



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon