توقيت القاهرة المحلي 12:33:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الانتخابات الأوروبية كاشفة للأزمات والتغيرات

  مصر اليوم -

الانتخابات الأوروبية كاشفة للأزمات والتغيرات

بقلم - ناصيف حتي

انتخابات البرلمان الأوروبي التي ستجري بين السادس والتاسع من هذا الشهر ستعكس كما ستكشف في نتائجها «حزمة» الأزمات المتزايدة التي تعيشها القارة القديمة. أزمات تزيد من حدة الانقسامات على المستويين الأوروبي والوطني. توقعات المتابعين للانتخابات القادمة تحظى بشبه إجماع في ما يلي: أولاً ارتفاع نسبة المشاركة التي قد تصل إلى حوالي 70 في المائة مقارنة مع الانتخابات الماضية في عام 2019 التي كانت بحدود الـ 50.7 في المائة. يدل ذلك على الرغبة في التأثير لاحقاً بالسياسات الأوروبية المشتركة. ثانياً من المنتظر أن تحافظ كل من قوى اليمين واليسار التقليدي على قوتهما في البرلمان الجديد. ولكن تشير التوقعات إلى تراجع حجم التمثيل للتيارات الليبرالية والخضر. فيما سيزيد ما يعرف باليسار الراديكالي من قوة تمثيله. كما سيزداد حجم الكتلة التمثيلية لليمين المتطرف الذي عادة ما يقدم أجوبة شعبوية تبسيطية على التحديات المختلفة التي تواجهها المجتمعات الأوروبية: أجوبة من نوع وقف مسار البناء الأوروبي أو إضعافه. صحيح أن عملية التوسيع الأوروبي التي أخذت طريقاً سريعاً من حيث عدد وسرعة انضمام دول جديدة بعد نهاية الحرب الباردة كانت لها تداعيات اقتصادية وغيرها على «الدول القديمة» في الاتحاد ولكن كان ذلك خياراً استراتيجياً لاحتضان الدول «المولودة من جديد» بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، والعمل على استقرارها.

الأزمة الأوروبية المتعددة الأوجه، والتي يقتات عليها اليمين المتطرف ناتجة بشكلٍ أساسي عن سياسة «الإغراق» الصينية والسياسة الحمائية الأميركية. فالتراجع الحاد الذي أصاب قطاع الصناعة في أوروبا والتأثير المتعدد الأوجه لذلك وبخاصة على ارتفاع نسبة البطالة وكذلك تداعيات السياسات الأوروبية لحماية البيئة مثل «الاتفاق الأخضر» على الاقتصاد الزراعي، كلها عناصر حملت تداعيات سلبية على مستوى الدخل وعلى العمالة. هناك تراجع حاد في القدرة الإنتاجية والتنافسية انعكست في خلق أزمة اقتصادية بنيوية طاولت الجميع. ذلك كله يصب في خدمة اليمين المتطرف الذي يوظف مشاعر القلق والغضب خدمة لشعارات لا تشكل سياسات تحمل أجوبة فعلية.

ازدياد الهجرة غير القانونية عبر المتوسط من الشرق الأوسط وأفريقيا نحو القارة الأوروبية أمر شكّل أيضاً أحد التحديات الرئيسة التي تعيشها أوروبا والتي توظف من اليمين المتطرف لتحميل «الآخر» المختلف سواء في اللون أو العرق أو الدين مسؤولية أساسية في ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية. «أبلسة» الآخر المختلف صار الجواب السهل عند اليمين المتشدد يبني عليه خطابه للتحريض والتعبئة والهروب إلى الأمام كبديل عن المواجهة الفعلية للتغلب على التحديات المتزايدة.

في الجغرافيا السياسية تجد أوروبا ذاتها محاطة بحزام ناري، يعكس حربين مفتوحتين: الحرب في أوكرانيا وحول أوكرانيا والحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان مع التداعيات المختلفة لكل من الحربين. كلها عناصر تزيد من حدة الأزمات في أوروبا. وإذا كان موقف اليمين المتشدد منحازاً إلى إسرائيل لأنه يعيش على عقيدة تبسيطية اختزالية تآمرية اسمها الإسلاموفوبيا وبالتالي الذي يبرئ إسرائيل من مسؤولياتها الكلية والتاريخية في هذا الصراع، فإن هنالك مواقف متباينة بعض الشيء ضمن هذا اليمين المتطرف في ما يتعلق بالحرب في أوكرانيا. وهناك تمايز يعكس نظرة مختلفة بين أطرافه في ما يتعلق بمفهوم «الغرب الاستراتيجي» أو بسياسة «اللحاق بالولايات المتحدة» أو بالانخراط كلياً وراء واشنطن في منظمة حلف شمال الأطلسي، في أدوار تهيمن على تحديدها واشنطن.

الانتخابات الأوروبية ستكرس نتائجها ما صار معروفاً من انقسامات حادة في أوروبا. تراجع الدور الأوروبي يأتي في وقت تعيش فيه أوروبا تحديات جساماً، تستدعي دوراً أوروبياً ناشطاً ومبادراً. دور يقوم على تفاهمات فاعلة بين دولها للتعامل بنجاح مع هذه التحديات. لكن الواقع يدل على أن أوروبا بعيدة كل البعد عن ذلك...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتخابات الأوروبية كاشفة للأزمات والتغيرات الانتخابات الأوروبية كاشفة للأزمات والتغيرات



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon