توقيت القاهرة المحلي 06:24:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الهند... القوة الدولية الناشطة

  مصر اليوم -

الهند القوة الدولية الناشطة

بقلم - ناصيف حتي

سلطت الأضواء الدولية بشكل كبير على الهند مع استضافتها لقمة العشرين التي شهدت هذا العام غياب قادة طرفين أساسيين هما: روسيا، بسبب تداعيات الأزمة الأوكرانية والعقوبات المفروضة على الرئيس الروسي، والصين الشعبية التي لا يود زعيمها بالطبع تقديم هدية مشاركته في القمة إلى الهند، الدولة الجارة، ولكن الخصم التاريخي للصين الشعبية، رغم التعاون بين الطرفين في منتديات عديدة وأهمها «بريكس». وتحكم الخصومة التاريخية المقيدة بالمصالح المشتركة وما تنتجه من تنافس، العلاقات بين الجارتين.

لعبت الهند دوراً أساسياً في انضمام الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين، الأمر الذي يساهم في تعزيز علاقاتها وطموحاتها الاقتصادية والتجارية في القارة السمراء التي تشهد تزايداً كبيراً في طبيعة وحدة التنافس بين القوى الكبرى على بناء علاقات خاصة مع الدول الأفريقية؛ خدمة لمصالحها الاستراتيجية من سياسية واقتصادية وغيرها. هند نهرو وعدم الانحياز تحولت في السنوات الأخيرة بعد سقوط نظام الحرب الباردة والتغيرات الجارية والمتسارعة على المستوى الدولي، والتي تؤسس لنظام عالمي جديد لم يتبلور بعد، إلى اعتماد عقيدة جديدة في السياسة الخارجية وصفت «بالانحياز المتعدد». عقيدة تعكس التحولات الحاصلة وكيفية التعامل معها، بعد سقوط الثنائية الآيديولوجية والاستراتيجية الحادة، أو ثنائية الشرق والغرب، وإلى جانبها عالم عدم الانحياز الذي استمر بحكم الواقع، ولكنه ترهل بعد أن فقد مسببات وجوده الأساسية. فصارت التحالفات حسب هذه العقيدة الجديدة تقوم بالقطعة، أي حسب المسألة المطروحة وليس بشكل مسبق. يحكم هذه التحالفات التقاء المصالح في مسألة، واختلافها في مسألة أخرى، دون أن يعني ذلك غياباً كلياً للتحالفات الكبرى مع بقاء تمايز ضمن هذه التحالفات كما نشهد في حالة الحلف الغربي. تنافس الجوار الجغرافي التاريخي مع الصين الشعبية بمشاكله المختلفة دفع الهند نحو مزيد من التقارب مع الولايات المتحدة الأميركية.

الهند اليوم صارت الدولة الأكثر سكاناً في العالم، متفوقة على الصين الشعبية في هذا المجال. كما أن الهند هي خامس اقتصاد في العالم حالياً، وقد تصبح في الموقع الثالث في عام 2027 حسب صندوق النقد الدولي. وعلى صعيد آخر، وصل الإنفاق الدفاعي في الهند، في إطار دعم وتعزيز المكانة الدولية والدور الناشط والمتوسع دولياً، إلى حدود 76.6 مليار دولار العام الفائت.

ولكن أهم ما حصل من تطورات كان على هامش انعقاد القمة. فلقد أعلن عن ولادة مشروع «الممرات الخضراء» الذي جرى التحضير له منذ أكثر من عام. المشروع الذي حمل اسم «ممر الهند الشرق الأوسط أوروبا IMEC»، يتشكل من ممرين؛ واحد شرقي يربط الهند بالخليج العربي، وآخر غربي يربط الخليج العربي بأوروبا: ممر بري وبحري يحدث دون شك تحولاً نوعياً وكمياً في حجم وطبيعة العلاقات الاقتصادية المختلفة بين الأطراف المشاركة. الاهتمام الأميركي بالتوقيع على الاتفاق بإنشاء هذا الممر يعبر عن هدف استراتيجي واضح عند واشنطن، كون الممر بالطبع لا يصل إليها، وهو دعم وتعزيز العلاقات بين أطرافه في إطار التنافس الأميركي مع الصين الشعبية. ويضم الاتفاق المملكة العربية السعودية التي كانت قد وقعت نحو 49 اتفاقية تعاون مع الهند في إطار منتدى الاستثمار السعودي الهندي الذي انعقد في الفترة ذاتها، تناولت قضايا الطاقة والتجارة والاستثمار والغذاء والدفاع. كما يضم أيضاً الإمارات العربية المتحدة والهند والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا. الاتفاق يساهم بشكل كبير في تعزيز التجارة والاستثمار وتخفيض تكلفة النقل بين الدول المشاركة. كما يساهم أيضاً في تطوير البنية التحتية للطاقة فيما يتعلق بإنتاج ونقل الهيدروجين الأخضر.

ومن المفترض أن تتم بلورة خطة العمل للتنفيذ خلال 60 يوماً من تاريخ ولادة هذا الاتفاق. ومن غير المستبعد أن يقوم الاتحاد الأوروبي عبر استراتيجية «البوابة العالمية» التي كان قد اعتمدها في الماضي، في الإسهام في تسريع ولادة هذا المشروع الذي يعتبر كثيرون أنه يشكل منافساً لمبادرة «الحزام والطريق» الصينية، رغم أن هذه الأخيرة تضم عدداً كبيراً من الدول.

نظام عالمي جديد في طريقه للتبلور والاستقرار، حيث تلتقي الجغرافيا الاقتصادية مع الجغرافيا السياسية في لعبة التنافس على المصالح وبناء النفوذ، بين القوى الكبرى الدولية والإقليمية، ومنها الهند الآن، ضمن صيغ تعاون دولي متعدد الأشكال والأنماط والأهداف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهند القوة الدولية الناشطة الهند القوة الدولية الناشطة



GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

GMT 22:47 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حرب القرن

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:01 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024
  مصر اليوم - ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام
  مصر اليوم - البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 09:49 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل
  مصر اليوم - طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل

GMT 08:38 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير مادة موجودة في لعاب السحالي للكشف عن أورام البنكرياس
  مصر اليوم - تطوير مادة موجودة في لعاب السحالي للكشف عن أورام البنكرياس

GMT 22:40 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

روبي و نيللي كريم معًا في رمضان 2025 بـ«ناقص ضلع»
  مصر اليوم - روبي و نيللي كريم معًا في رمضان 2025 بـ«ناقص ضلع»

GMT 20:41 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الفيشاوي ينفي تغيير كلمات أغنية "نمبر 2"

GMT 18:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة جونيور أجاي فى نهاية تمرين الأهلي وفحص طبي غدًا

GMT 06:30 2020 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 26تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:09 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

محمد هنيدي يكشف حقيقة سخريته من الراقصة البرازيلية لورديانا

GMT 17:50 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أهم وأبرز إهتمامات الصحف الليبية الصادرة الثلاثاء

GMT 05:52 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

محمد حماقي ينعى الشيخ صالح كامل

GMT 23:14 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

أسعار الحديد في مصر اليوم السبت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon