توقيت القاهرة المحلي 11:54:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دبلوماسية القمم مع الصين الشعبية

  مصر اليوم -

دبلوماسية القمم مع الصين الشعبية

بقلم :ناصيف حتّي*

دبلوماسية القمم مع الصين الشعبية، أو تحديداً ترويكا القمم (القمة السعودية – الصينية، والخليجية – الصينية، والعربية - الصينية) التي نظمتها واستضافتها الرياض في العشرية الأولى من هذا الشهر، شكّلت نقلة نوعية كبيرة في العلاقات بين الأطراف المعنية. كل من هذه القمم شكّل رافداً وداعماً ومعززاً للقمة التي تلته، مع التذكير بالتكامل الطبيعي بين هذه القمم الثلاث. وللتذكير أيضاً، صارت الصين الشعبية الشريك التجاري الأول للمملكة العربية السعودية في السنوات الخمس الأخيرة. وجاءت القمة الثنائية لتؤسس لشراكة تعاونية استراتيجية شاملة بين الطرفين.

كما أن القمة الخليجية - الصينية، في وقت شهدت فيه العلاقات بين الصين الشعبية ودول مجلس التعاون تطوراً كبيراً، ولو بدرجات مختلفة بين بكين وكل من الدول الأعضاء في المجلس، أعطت دفعاً كبيراً لهذه العلاقات على الصعيدين الثنائي والتعددي.
وجاءت القمة العربية - الصينية لتؤسس وتعطي زخماً جديداً للعلاقات بين الطرفين. وللتذكير، انطلقت هذه العلاقات في عام 2004 ضمن صيغة تعاونية تعددية عُرفت بـ«منتدى التعاون الصيني – العربي» الذي ينعقد بشكل دوري، وكان الاجتماع الثامن للمنتدى قد انعقد في عام 2019 قبل جائحة «كورونا». ومن الأمور المهمة التي أكد عليها بيان القمة، النظر في إمكانية إنشاء مؤسسة عربية - صينية للتعاون الاستثماري والتمويلي، الأمر الذي يعزز التعاون الاقتصادي الشامل بين الطرفين، كما أكد البيان على ضرورة التسوية السلمية للنزاعات، وعلى ضرورة احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها كمبادئ يجب أن تحكم العلاقات بين مختلف الأطراف الدولية، الأمر الذي يشكّل شرطاً ضرورياً لإقامة وتعزيز الاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي في نظام عالمي انتقالي لم تستقر بعدُ قواعده الناظمة. نظام يشهد - كما ينوء تحت - وطأة الكثير من الصراعات العنيفة وغيرها، والمكلفة للجميع على الأصعدة كافة.
وتحتل المنطقة العربية موقعاً شديد الأهمية في استراتيجية «مبادرة الحزام والطريق» الصينية؛ الاستراتيجية التي تهدف لتكريس وتعزيز الدور العالمي للصين الشعبية. فالعالم العربي يتحكم في بابين أساسيين من أبواب أربعة في الخطوط البحرية لهذه الاستراتيجية، وهما كل من باب المندب ومضيق هرمز، إلى جانب «بوابتي» ملقا في ماليزيا وكذلك جبل طارق. أضف إلى ذلك الأهمية الخاصة للبحر الأبيض المتوسط في استراتيجية الممرات الصينية؛ البحر الذي يربط بين القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا، والموقع الخاص الذي يحتله العالم العربي على هذه الخريطة في كل من الجغرافيا السياسية والجغرافيا الاقتصادية في العالم، مع التذكير بالترابط من حيث التأثير بين الجغرافيتين.
وقد بلورت الصين الشعبية غداة إطلاق «مبادرة الحزام والطريق» رؤية للتعاون مع العالم العربي الذي يزداد اعتمادها على استيراد الطاقة منه، ونظراً لموقعه وإمكاناته الضخمة... استراتيجية اختُصرت بعنوان رقمي «1 زائد 2 زائد 3». استراتيجية تُعنى أولاً بالتعاون في مجال الطاقة، ثم تطوير البنية التحتية، وكذلك التجارة وتسهيل الاستثمار، وأخيراً التكنولوجيا الجديدة في مجال الطاقة النووية، وأيضاً الطاقة الجديدة، والأقمار الصناعية الفضائية... إنها أجندة شاملة وطموحة وحاملة لنظرة استراتيجية طويلة الأمد، وتعكس الأهمية التي تحظى بها المنطقة العربية بالنسبة للصين الشعبية «المتمددة» في بقاع العالم كافة.
في عالم اليوم، وبعيداً عن إسقاطات يأتي بها البعض من الأمس الذي مضى فيما يتعلق بالتحالفات المقفلة والقائمة على الاستراتيجيا والأيديولوجيا، والتي انتهت مع نهاية نظام الحرب الباردة، وازدياد جدول التحديات المشتركة المتجددة والجديدة التي تواجهها مختلف الأطراف في القرية الكونية التي نعيش فيها؛ صارت التحالفات، أو تحديداً أنساق التعاون، قائمة على المصالح المشتركة أو المتكاملة. فاختلطت «أوراق اللعبة»، وصارت علاقات التفاهم والتعاون والشراكة تقوم على تحديد المصلحة المشتركة في مجال أو مجالات معينة في عالم تتشابك فيه المصالح. وتقدم الصين الشعبية باستراتيجيتها المتعددة الأبعاد والناشطة على الصعيد الدولي، مثالاً حياً على ذلك؛ فالصين الشعبية لها علاقات تعاون مع أطراف وقوى متصارعة أو متخاصمة في الشرق الأوسط، وعلى قاعدة المصالح المشتركة لا تناقض في هذا الأمر ما دامت هذه العلاقات تقوم على القواعد الواضحة التي تحكم وتنظم العلاقات بين الدول.
وهذا ما يمكن الإشارة إليه أيضاً في العلاقات العربية - الدولية الجديدة. وآخر الأمثلة في هذا الصدد بالطبع دبلوماسية القمم مع الصين الشعبية التي لا تعني أنها ستأتي على حساب علاقات مصالح مع قوى دولية أخرى، ولكنها رسالة عربية واضحة بأن العرب لن يُخضعوا علاقاتهم التي تخدم مصالحهم القائمة والمستقبلية مع طرف معين لعلاقات مع طرف آخر يجب أن تقوم بالطبع أيضاً على مفهوم المصالح المشتركة والمتوازنة، وليس على عناوين، ولكنْ فراغ في المضامين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دبلوماسية القمم مع الصين الشعبية دبلوماسية القمم مع الصين الشعبية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon