توقيت القاهرة المحلي 05:25:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حرب غزة وتحديات الحل المطلوب

  مصر اليوم -

حرب غزة وتحديات الحل المطلوب

بقلم - ناصيف حتي

أعادت «حرب غزة»، أو حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة منذ أشهر ثلاثة، القضية الفلسطينية إلى طليعة جدول القضايا الإقليمية الضاغطة بسخونتها وبالاحتمالات المختلفة لتطورها، وبالتالي بانعكاسات ذلك على الإقليم ومصالح القوى الإقليمية والدولية في المنطقة. حصل ذلك بعد غياب طويل ولسنوات كثيرة لـ«القضية» عن جدول الأولويات الإقليمية، إذا استثنينا التصريحات الموسمية المتكررة دون وجود لسياسات تعكس هذه المواقف على أرض الواقع. مردّ ذلك الغياب أو التغييب كان بسبب وجود قضايا ساخنة، وبالتالي ضاغطة من حروب وصراعات مباشرة أو بالوكالة في المنطقة خفّت حدّتها عبر التسوية أو الاحتواء الذي قد يكون مؤقتاً من جهة، وعبر إدارة الوضع القائم على الجمود القاتل في الشأن الفلسطيني من جهة أخرى. الجمود الذي كان من أسبابه الرئيسية الوضع الذي يعيشه «البيت الفلسطيني» الذي أدى إلى غياب أي سياسة فلسطينية فاعلة على الأرض وفي الأروقة الدبلوماسية، وبالتالي قادرة إلى إعادة القضية الفلسطينية إلى جدول الأولويات الإقليمية.

إسرائيل التي وضعت السقف عالياً في حربها صارت أسيرة الأهداف أو الشعارات التي رفعتها، والتي تعكس رؤية وأهداف وقناعات اليمين المتشدد بشقيه السياسي والديني والمهيمن بشكل كبير في السياسة الإسرائيلية. أكثر ما يعبّر عن ذلك، الخطاب الإسرائيلي المتكرر الذي يَعدّ الأراضي الوطنية الفلسطينية كأنها مناطق خارجة عن القانون ضمن إسرائيل الكبرى، التي تجري عملية إقامتها أو مناطق تهم الأمن الإسرائيلي، وبالتالي من حق إسرائيل الهيمنة أو الإشراف الأمني عليها.

السؤال عند السلطة الإسرائيلية الذي يطرحه المأزق الإسرائيلي اليوم، هو عن كيفية الخروج من «مستنقع غزة» بأقل تكلفة وبتحقيق أهدافها ولو بالتدرج المضمون النتائج؛ الأهداف المستحيلة التحقيق.

صيغ مختلفة تُطرح وتناقَش وتتغير للوصول إلى وقف إطلاق النار بشكل تدريجي، ما دامت إسرائيل ترى أن وقف إطلاق النار هزيمة بالنسبة إليها. المسار الذي يجري تداوله يقوم على محاولة توفير إجراءات بناء ثقة متوازنة والتزامات متبادَلة (خصوصاً بشأن الأسرى). الخطاب الإسرائيلي يتحدث عن هدن متكررة أو مفتوحة، لا عن وقف إطلاق النار الذي يعد من منظور الأهداف الإسرائيلية الاعتراف بعدم القدرة على التخلص من «حماس» كلياً، كما هو الهدف الإسرائيلي الذي يتفق الكل الخارجي وبين مؤيدي إسرائيل على استحالة تحقيقه.

مأزق الأهداف الإسرائيلية المعلنة والمعروفة في قطاع غزة وعدم القدرة على تحقيقها سيدفع نحو استمرار الحرب بشكل مفتوح في الزمان وممتد أيضاً في المكان، بأشكال وصيغ ودرجات مختلفة، في الضفة الغربية والجنوب اللبناني بشكل خاص. تقابل ذلك استراتيجية «وحدة الساحات» التي بلورتها إيران وحلفاؤها والتي تشهد «لعبة تبادل الرسائل» بأشكال ودرجات مختلفة من الأهداف والحدة في مسرح مواجهة يمتد من البحر الأحمر، عبر الحوثيين، إلى البحر الأبيض المتوسط مروراً بالعراق وسوريا. بدأ الحديث أو الإيحاءات عن إقامة منطقة عازلة أو آمنة في شمال غزة كعنوان لحل مؤقت ولكنه في حقيقة الأمر قد يصبح دائماً، «لإنزال إسرائيل عن شجرة» الأهداف العالية التي وضعتها، وكبديل عن استمرار الحرب. وفي السياق ذاته ترفع إسرائيل هدف التهجير القسري رغم استحالة تحقيقه، ثم بدأ الحديث عن التهجير الطوعي للإفراغ التدريجي للقطاع من بعض أهله.

وعلى صعيد الجنوب اللبناني ما دامت الحرب الإسرائيلية استمرت من دون وقف إطلاق النار على جبهة غزة، وما دامت مخاطر التصعيد الذي ما زال «منظماً» أو مقيداً بقواعد الاشتباك القائمة والتوازنات الناظمة له في العمل العسكري منذ 2006.

إقفال جبهة الجنوب اللبناني مرتبطة بشكل مباشر بإقفال جبهة غزة، وبالتوصل إلى قواعد جديدة للاشتباك رغم الأهداف عالية السقف التي تطرحها إسرائيل بهذا الخصوص. أهداف تبقى في نهاية الأمر بمثابة مواقف تفاوضية للتوصل إلى تفاهمات جديدة ناظمة لهذه القواعد، كما دلَّت تجارب الماضي منذ تفاهمات أبريل (نيسان) لعام 1996.

لكنّ التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة وتعزيزه مروراً بالتهدئة في الضفة الغربية، لن يؤدي إلا إلى هدنة مطوَّلة، ستبقى هشة ما دامت السياسات الإسرائيلية مستمرة في العمل في الأراضي المحتلة، من جهة لإلغاء أي إمكانية لقيام «حل الدولتين»، ومن جهة أخرى لتكريس قيام نظام حسب النموذج السابق في جنوب أفريقيا والقائم على التمييز العنصري.

إن الدعوة إلى قيام حل الدولتين، وهو الحل القائم على القرارات الدولية ذات الصلة، والذي تقول به الدول الغربية أيضاً، وفي طليعتها الولايات المتحدة غير كافٍ ما دامت هذه الدول لم تبلور موقفاً حازماً وواضحاً لوقف سياسات تهويد الجغرافيا والديمغرافيا التي تقوم بها بشكل ناشط السياسات الإسرائيلية، والتي تنسف أسس قيام ذلك الحل المنشود.

إننا أمام لحظة تاريخية لإنهاء هذا النزاع، وهنالك مسؤولية، خصوصاً للقوى الدولية الفاعلة أساساً وللأمم المتحدة أيضاً لاتخاذ الموقف المطلوب، الذي يقوم على ما تُعرف في المفاوضات بالهندسة المعكوسة (reversed engineering)، قوام هذا الموقف الاعتراف بدايةً بدولة فلسطين في الضفة الغربية وغزة وعاصمتها القدس الشرقية. كما يستدعي إعلان الالتزام الواضح بالهدف النهائي للمفاوضات (حل الدولتين). وتُطلق المفاوضات التي سترعاها وتواكبها هيئة دولية (من القوى الفاعلة أو المؤثرة) أممية (الأمم المتحدة) وذلك على أساس هذا الإعلان وكذلك القرارات الدولية ذات الصلة وضمن جدول زمني محدد.

وبالطبع يبقى تحدٍّ أساسي لا يمكن تأجيله، ومن الضروري مواجهته والتعامل معه بنجاح، قوامه ترتيب البيت الفلسطيني وبدايةً من خلال انضمام «حماس» و«الجهاد الإسلامي» إلى منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة تجديد السلطة الفلسطينية، والذهاب نحو الانتخابات التشريعية والوطنية عندما تسمح الظروف بذلك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب غزة وتحديات الحل المطلوب حرب غزة وتحديات الحل المطلوب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon