توقيت القاهرة المحلي 06:23:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عام جديد من النزاعات والتحديات المستمرة والمتجددة

  مصر اليوم -

عام جديد من النزاعات والتحديات المستمرة والمتجددة

بقلم :ناصيف حتّي*

الحرب الروسية الأوكرانية ستكمل عامها الأول خلال أقل من شهرين ومعها المواجهة الغربية الروسية الذي تأخذ كل يوم منحى تصعيدياً مما جعل من القارة القديمة مسرح مواجهة متصاعدة وبأشكال مختلفة بين الحلف الغربي وروسيا الاتحادية. ولا نعرف بعد متى وكيف ستنتهي هذه المواجهة الجيواستراتيجية في المستقبل القريب أو البعيد. كما يزداد الحديث بسبب العديد من المؤشرات عن أن هذا العام قد يشهد احتمال حدوث سيناريو أوكرانيا أخرى في تايوان، أو ما يسميه البعض بأوكرانيا آسيوية. يدفع بهذا الاتجاه ازدياد التوتر الأميركي الصيني وسياسة الخطوط الحمر التي أعلنتها الصين الشعبية فيما يتعلق بتايوان، وكذلك ازدياد حجم المساعدات والمبيعات العسكرية الأميركية إلى تايوان، الأمر الذي يساهم في رفع مستوى الجهوزية العسكرية لهذه الأخيرة. يحصل ذلك في ظل تصعيد في الخطاب الدبلوماسي عند طرفي الصراع.

وما يزيد من مخاطر التصعيد والتوتر ازدياد التسلح «غير التقليدي» أو النووي عند كوريا الشمالية. يواكب ذلك التصاعد في خطاب المواجهة بين الكوريتين. كما تشهد المنطقة تصاعد النشاط التسليحي النوعي والكمي في اليابان، الأمر الذي لم تعرفه طوكيو منذ بداية عصر الحرب الباردة. وسيعزز كما يعكس هذا التوجه الياباني الجديد القمة الأميركية اليابانية التي ستعقد في منتصف هذا الشهر. كلها عناصر تؤشر دون أن تؤكد بالطبع احتمال الانزلاق نحو توترات مفتوحة وحرب أخرى في «مسرح المحيطين»: الهادي والهندي.
وعلى صعيد آخر، سيشهد هذا العام ازدياد حدة التنافس الأميركي الصيني في أفريقيا. فالقمة الأميركية الأفريقية الثانية التي استضافتها واشنطن جاءت لتؤكد أن القارة الأفريقية تحتل أهمية كبرى عند الولايات المتحدة رغم أن السياسات والسلوكيات الأميركية الماضية لم تكن تدفع بهذا الاتجاه. لكن واشنطن شعرت أن عليها مواجهة سياسة تمدد النفوذ لكل من الصين الشعبية بشكل خاص وروسيا الاتحادية في أفريقيا. مقابل ذلك أعطت القمم الثلاث «الصينية - السعودية والخليجية والعربية» رسالة واضحة حول حصول بداية تحول استراتيجي في الحجم والكثافة لهذا المسار. الأمر الذي يعكس الأهمية الكبرى التي توليها الأطراف المشاركة لإعطاء زخم قوي وشامل لتطوير للعلاقات العربية الصينية مما أوجد حالة من الاستنفار والتوتر في واشنطن لما يحمل هذا التحول، من متغيرات أيا كانت قوة هذه الأخيرة، على لعبة التنافس بين القوى الدولية الأساسية في منطقة ذات أهمية جيواستراتيجية وجيواقتصادية كبرى. فالشرق الأوسط نقطة التقاء قارات ثلاث مما يزيد من أهميته على جميع الأصعدة. وإذا كان هنالك من تفاهم كبير روسي صيني في مجال المواجهة الجيواستراتيجية مع الولايات المتحدة إلا أنه لا يصل إلى درجة التطابق الكلي في المواقف بين الطرفين؛ نظراً للاختلاف في المصالح أو في الأهمية للعلاقات مع أوروبا بسبب المصالح الاقتصادية المختلفة وحجم وطبيعة هذه المصالح عند كل من الطرفين.
كما سيشهد هذا العام مزيداً من التحديات في احتواء الخلاف المتزايد بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المجال الاقتصادي بسبب سياسات خفض التضخم التي تتبعها واشنطن والتي لها تداعيات سلبية كبيرة على الاقتصادات الأوروبية المأزومة أساساً بسبب الحرب الأوكرانية التي ما زالت تعاني، ولو بدرجات مختلفة، من تداعيات جائحة الكوفيد على الاقتصادات العالمية.
ويرى أكثر من مراقب أن العالم قد يكون اليوم على عتبة الموجة الثانية لجائحة كوفيد التي مصدرها الصين الشعبية. ورغم الخبرة والقدرات التي نتجت عن التعامل مع الموجة الأولى، لكن التكلفة ستكون أيضاً باهظة، بالطبع حسب قدرات كل دولة، على مواجهة موجة ثانية في حال حصولها. وستكون ذات تكاليف ليست بالقليلة على اقتصادات وطنية وإقليمية ما زالت تعاني من تداعيات الموجة الأولى.
ما قد يزيد أيضاً من التحديات الحاملة لمخاطر على الاستقرار في مناطق مختلفة في العالم هذا العام المشاكل الناتجة عن التغيرات المناخية وخاصة الاحتباس الحراري والتصحر والجفاف. كلها عوامل تدفع نحو التغيير الديمغرافي والهجرات الداخلية ونحو الخارج. ويبدو البحر الأبيض المتوسط كما شرق أوروبا من «أنشط» المناطق التي تشكل ممرات للهجرة الحاملة للكثير من التداعيات على الاقتصاد والاجتماع، وبالتالي على الأمن والاستقرار عند الأطراف المعنية.
كما أن حرب الطاقة التي أشعلتها الحرب الأوكرانية والتي تعتبرها روسيا ورقة مهمة في يدها، قد خلطت الأوراق وغيرت في الأولويات وفي علاقات التعاون بين كل الأطراف المعنية من مستوردة ومصدرة للطاقة. وصارت اليوم من أهم عناصر «لعبة الأمم» منذ نشوء الأزمة الأوكرانية وتزداد أهميتها كل يوم يمضي ولا تظهر أي أفق جدية لتسوية شاملة لهذا النزاع.
أمامنا عام حامل للكثير من النزاعات والتوترات المترابطة بشكل أو بآخر عبر دور اللاعبين الرئيسيين، فهل سيشهد هذا العام تكرس هذا المسار الصدامي مع ما يحمله ذلك من مزيد من التداعيات السلبية التي تطال الجميع بأشكال وأوقات مختلفة، أم سنشهد بداية مسار تعاوني دولي لاحتواء وتسوية هذه النزاعات والتوترات بشكل تدرجي وواقعي وتشاركي وشامل.
ستظهر لنا الأيام والأشهر القادمة هذا العام أي مسار ستدفع إليه «لعبة الأمم».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عام جديد من النزاعات والتحديات المستمرة والمتجددة عام جديد من النزاعات والتحديات المستمرة والمتجددة



GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

GMT 22:47 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حرب القرن

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:01 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024
  مصر اليوم - ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام
  مصر اليوم - البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 09:49 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل
  مصر اليوم - طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل

GMT 08:38 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير مادة موجودة في لعاب السحالي للكشف عن أورام البنكرياس
  مصر اليوم - تطوير مادة موجودة في لعاب السحالي للكشف عن أورام البنكرياس

GMT 22:40 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

روبي و نيللي كريم معًا في رمضان 2025 بـ«ناقص ضلع»
  مصر اليوم - روبي و نيللي كريم معًا في رمضان 2025 بـ«ناقص ضلع»

GMT 20:41 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الفيشاوي ينفي تغيير كلمات أغنية "نمبر 2"

GMT 18:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة جونيور أجاي فى نهاية تمرين الأهلي وفحص طبي غدًا

GMT 06:30 2020 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 26تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:09 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

محمد هنيدي يكشف حقيقة سخريته من الراقصة البرازيلية لورديانا

GMT 17:50 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أهم وأبرز إهتمامات الصحف الليبية الصادرة الثلاثاء

GMT 05:52 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

محمد حماقي ينعى الشيخ صالح كامل

GMT 23:14 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

أسعار الحديد في مصر اليوم السبت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon