توقيت القاهرة المحلي 06:46:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اليوم التالي... متى؟

  مصر اليوم -

اليوم التالي متى

بقلم - ناصيف حتي

 

هذا هو السؤال الذي صار متكرراً وبإلحاح، بعد شهر من الحرب الدائرة، واستراتيجية التدمير المُمَنهج التي تقوم بها إسرائيل في غزة تحت عنوان التخلص كلياً من «حماس»: تنظيماً وعسكراً وسلاحاً وسياسة.

وزير الدفاع الإسرائيلي اعتبر، في بداية الحرب، أن ذلك ممكن تحقيقه بين شهر وثلاثة أشهر. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أشار، بعد دروس المرحلة الأولى، إلى أن ذلك قد يستغرق عاماً أو أكثر. استمرار الحرب الإسرائيلية والتصعيد الحاصل يأتي تحت عنوان «حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها». البعض في إسرائيل وبين أصدقائها مَن يصف هذا التصعيد بالحرب الوقائية أو الحرب الاستباقية للتخلص من مصادر الخطر والتهديد لإسرائيل. الأمر الذي تبرره الولايات المتحدة، ومعها مُجمل القوى الغربية، ولو بدرجات وصيغ مختلفة.

آخِر المواقف في هذا الصدد «استمرار التباين» العربي الأميركي، في اللقاء الوزاري في الأردن، يوم السبت الفائت. الدول العربية تؤكد ضرورة الوقف الفوري للقتال، فيما واشنطن ترفض ذلك، حفاظاً على «حق إسرائيل في الدفاع عن ذاتها».

وتدعو واشنطن لتفعيل سياسة تقوم على الهدنات الإنسانية الضرورية بالطبع، ولكن غير الكافية كليّاً. نصائح أميركية بدأت الوصول إلى إسرائيل بضرورة إعادة النظر في «الاستراتيجية القتالية» بسبب الخسائر الفادحة في الأرواح نتيجة «المرحلة الثانية» في الحرب الإسرائيلية، والهجوم على غزة من محاور ثلاثة. الأمر الذي صار يحرِّك بقوة متزايدة الرأي العام الدولي ضد الحرب، ويُحرج السلطات المؤيدة للحرب في مجتمعاتها. وينعكس ذلك سلباً على العلاقات مع الدول العربية حاضراً ومستقبلاً.

النصائح الأميركية تدعو إلى استبدال بالاستراتيجية القتالية القائمة على القصف المكثف والشامل «carpet bombing» استراتيجية «الضربات الجراحية»؛ أي تلك المحددة بالأهداف العسكرية لتلافي حصول المجازر. يطيل ذلك بالطبع من أمد الحرب، ولكنه لن يحقق الأهداف الإسرائيلية المنشودة، والقائمة على إخراج «حماس» وحُلفائها كلياً من المشهد الغزّاوي بشكل خاص، بغية إلغاء التهديدات التي مصدرها قطاع غزة كلياً. سيناريوهات الحلول الإسرائيلية التي يجري التفكير بها هي التالية: الخيار الأول يقوم على تسليم قطاع غزة للسلطة الفلسطينية، وهو أمر مرفوض كلياً من السلطة، كما لو أنها تأتي على ظهر دبابة إسرائيلية، وهو أيضاً أمر شِبه مستحيل حصوله حتى افتراضياً، بسبب الأوضاع التي تعيشها السلطة الفلسطينية منذ سنوات. الخيار الثاني يتمثل في إنشاء سلطة محلية تقوم بتأمين الاستقرار لإسرائيل ضمن مسؤوليات أخرى تتعلق بإدارة القطاع، وهو أيضاً يعكس كلياً عدم الإدراك لوضع غزة كسجن، ذات سماء شبه مفتوحة، وكجزء من الشعب الفلسطيني بهويته ومطالبه الوطنية، أيّاً كانت العناوين الأيديولوجية والسياسية التي تحملها الأطراف الفلسطينية المُمسكة بالقرار السياسي في لحظة معينة. الخيار الثالث يتسم أيضاً بافتقاده الحد الأدنى من الواقعية، كتسليم غزة إلى سلطة عربية تنشأ لهذا الأمر، وهو أمر بالطبع مرفوض من قِبل الأطراف العربية التي يُشار إليها؛ لأن الهدف يبقى هو ذاته إخراج غزة من «معادلة» النزاع الفلسطيني الإسرائيلي لمصلحة إسرائيل.

وتعتبر إسرائيل أن وجود مسافة جغرافية، ولو صغيرة، تفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية يسمح بإحداث فصل أو فك ارتباط هوياتي ووطني وسياسي ومجتمعي في إطار المجتمع الفلسطيني ذاته، الذي يرزح تحت الاحتلال بأشكال وصيغ مختلفة.

جبروت القوة والتطرف العقائدي والسياسي القائم على عدم الاعتراف بالآخر الفلسطيني، كشعب له حقوقه الوطنية، سيؤديان إلى مزيد من التوترات والحروب بدرجات وأشكال مختلفة.

قد تفرض الحروب استقراراً يبقى هشاً وقابلاً للسقوط أمام أي معطى جديد، ولكن الحروب لا تصنع السلام الحقيقي ما دامت لا تعترف بالحقوق المشروعة للشعوب التي ترزح تحت الاحتلال، وتعمل على محاولة إلغاء هويتها الوطنية.

الحل الواقعي الوحيد يبدأ بالعمل على الوقف الفوري لإطلاق النار، مع ما يستدعيه ذلك من ترتيبات وضمانات أمنية متوازنة، ثم الولوج التدريجي نحو إحياء مسار التسوية السلمية للنزاع القائم منذ عقود سبعة ونصف عقد من الزمن. نحن أمام معادلة قوامها أن إسرائيل لا تستطيع أن تفرض سلامها القائم على إلغاء الآخر الفلسطيني بصفته شعباً، بالحرب، ولا يستطيع الفلسطينيون والعرب، اليوم، فرض سلامهم الواقعي والقائم على القرارات الدولية ذات الصلة.

السلام الإسرائيلي، سلام القوة، مستحيل؛ لأنه ضد منطق التاريخ وضد معطيات طبيعة الصراع وواقعه، والسلام العربي ممكن، ولكنه ليس بالسهل تحقيقه بسبب التوازنات الدولية والإقليمية القائمة. لكن هذه الأخيرة تبقى قابلة للتغيير من خلال مسار سياسي هادف.

ويبقى السؤال مطروحاً وضاغطاً: متى نبدأ ولوج طريق السلام الصعب، ولكن غير المستحيل، وفتح صفحة جديدة لبناء شرق أوسط مختلف؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليوم التالي متى اليوم التالي متى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon