توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اليوم التالي... متى؟

  مصر اليوم -

اليوم التالي متى

بقلم - ناصيف حتي

 

هذا هو السؤال الذي صار متكرراً وبإلحاح، بعد شهر من الحرب الدائرة، واستراتيجية التدمير المُمَنهج التي تقوم بها إسرائيل في غزة تحت عنوان التخلص كلياً من «حماس»: تنظيماً وعسكراً وسلاحاً وسياسة.

وزير الدفاع الإسرائيلي اعتبر، في بداية الحرب، أن ذلك ممكن تحقيقه بين شهر وثلاثة أشهر. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أشار، بعد دروس المرحلة الأولى، إلى أن ذلك قد يستغرق عاماً أو أكثر. استمرار الحرب الإسرائيلية والتصعيد الحاصل يأتي تحت عنوان «حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها». البعض في إسرائيل وبين أصدقائها مَن يصف هذا التصعيد بالحرب الوقائية أو الحرب الاستباقية للتخلص من مصادر الخطر والتهديد لإسرائيل. الأمر الذي تبرره الولايات المتحدة، ومعها مُجمل القوى الغربية، ولو بدرجات وصيغ مختلفة.

آخِر المواقف في هذا الصدد «استمرار التباين» العربي الأميركي، في اللقاء الوزاري في الأردن، يوم السبت الفائت. الدول العربية تؤكد ضرورة الوقف الفوري للقتال، فيما واشنطن ترفض ذلك، حفاظاً على «حق إسرائيل في الدفاع عن ذاتها».

وتدعو واشنطن لتفعيل سياسة تقوم على الهدنات الإنسانية الضرورية بالطبع، ولكن غير الكافية كليّاً. نصائح أميركية بدأت الوصول إلى إسرائيل بضرورة إعادة النظر في «الاستراتيجية القتالية» بسبب الخسائر الفادحة في الأرواح نتيجة «المرحلة الثانية» في الحرب الإسرائيلية، والهجوم على غزة من محاور ثلاثة. الأمر الذي صار يحرِّك بقوة متزايدة الرأي العام الدولي ضد الحرب، ويُحرج السلطات المؤيدة للحرب في مجتمعاتها. وينعكس ذلك سلباً على العلاقات مع الدول العربية حاضراً ومستقبلاً.

النصائح الأميركية تدعو إلى استبدال بالاستراتيجية القتالية القائمة على القصف المكثف والشامل «carpet bombing» استراتيجية «الضربات الجراحية»؛ أي تلك المحددة بالأهداف العسكرية لتلافي حصول المجازر. يطيل ذلك بالطبع من أمد الحرب، ولكنه لن يحقق الأهداف الإسرائيلية المنشودة، والقائمة على إخراج «حماس» وحُلفائها كلياً من المشهد الغزّاوي بشكل خاص، بغية إلغاء التهديدات التي مصدرها قطاع غزة كلياً. سيناريوهات الحلول الإسرائيلية التي يجري التفكير بها هي التالية: الخيار الأول يقوم على تسليم قطاع غزة للسلطة الفلسطينية، وهو أمر مرفوض كلياً من السلطة، كما لو أنها تأتي على ظهر دبابة إسرائيلية، وهو أيضاً أمر شِبه مستحيل حصوله حتى افتراضياً، بسبب الأوضاع التي تعيشها السلطة الفلسطينية منذ سنوات. الخيار الثاني يتمثل في إنشاء سلطة محلية تقوم بتأمين الاستقرار لإسرائيل ضمن مسؤوليات أخرى تتعلق بإدارة القطاع، وهو أيضاً يعكس كلياً عدم الإدراك لوضع غزة كسجن، ذات سماء شبه مفتوحة، وكجزء من الشعب الفلسطيني بهويته ومطالبه الوطنية، أيّاً كانت العناوين الأيديولوجية والسياسية التي تحملها الأطراف الفلسطينية المُمسكة بالقرار السياسي في لحظة معينة. الخيار الثالث يتسم أيضاً بافتقاده الحد الأدنى من الواقعية، كتسليم غزة إلى سلطة عربية تنشأ لهذا الأمر، وهو أمر بالطبع مرفوض من قِبل الأطراف العربية التي يُشار إليها؛ لأن الهدف يبقى هو ذاته إخراج غزة من «معادلة» النزاع الفلسطيني الإسرائيلي لمصلحة إسرائيل.

وتعتبر إسرائيل أن وجود مسافة جغرافية، ولو صغيرة، تفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية يسمح بإحداث فصل أو فك ارتباط هوياتي ووطني وسياسي ومجتمعي في إطار المجتمع الفلسطيني ذاته، الذي يرزح تحت الاحتلال بأشكال وصيغ مختلفة.

جبروت القوة والتطرف العقائدي والسياسي القائم على عدم الاعتراف بالآخر الفلسطيني، كشعب له حقوقه الوطنية، سيؤديان إلى مزيد من التوترات والحروب بدرجات وأشكال مختلفة.

قد تفرض الحروب استقراراً يبقى هشاً وقابلاً للسقوط أمام أي معطى جديد، ولكن الحروب لا تصنع السلام الحقيقي ما دامت لا تعترف بالحقوق المشروعة للشعوب التي ترزح تحت الاحتلال، وتعمل على محاولة إلغاء هويتها الوطنية.

الحل الواقعي الوحيد يبدأ بالعمل على الوقف الفوري لإطلاق النار، مع ما يستدعيه ذلك من ترتيبات وضمانات أمنية متوازنة، ثم الولوج التدريجي نحو إحياء مسار التسوية السلمية للنزاع القائم منذ عقود سبعة ونصف عقد من الزمن. نحن أمام معادلة قوامها أن إسرائيل لا تستطيع أن تفرض سلامها القائم على إلغاء الآخر الفلسطيني بصفته شعباً، بالحرب، ولا يستطيع الفلسطينيون والعرب، اليوم، فرض سلامهم الواقعي والقائم على القرارات الدولية ذات الصلة.

السلام الإسرائيلي، سلام القوة، مستحيل؛ لأنه ضد منطق التاريخ وضد معطيات طبيعة الصراع وواقعه، والسلام العربي ممكن، ولكنه ليس بالسهل تحقيقه بسبب التوازنات الدولية والإقليمية القائمة. لكن هذه الأخيرة تبقى قابلة للتغيير من خلال مسار سياسي هادف.

ويبقى السؤال مطروحاً وضاغطاً: متى نبدأ ولوج طريق السلام الصعب، ولكن غير المستحيل، وفتح صفحة جديدة لبناء شرق أوسط مختلف؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليوم التالي متى اليوم التالي متى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon