توقيت القاهرة المحلي 08:53:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل نشهد ولادة نظام إقليمي جديد في المنطقة؟

  مصر اليوم -

هل نشهد ولادة نظام إقليمي جديد في المنطقة

بقلم :ناصيف حتّي*

تساءلنا في مقالة سابقة عما إذا كنا ننتظر ولادة نظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط غداة إطلاق مسارات تطبيع العلاقات في المنطقة. مسارات انطلقت بسرعات مختلفة، نظراً لطبيعة العوامل التي تحكم كل منها، إلى جانب الوساطات القائمة حالياً. وتلعب عمان دوراً أساسياً في هذا المجال، حيث ما زالت هنالك علاقات ثنائية بين قوى أساسية (حالة العلاقات المصرية الإيرانية مثلاً) تحكمها بقايا توترات قديمة ومستمرة وتتسم بالبرودة. وتعمل عمان بشكل خاص على إعادة بناء جسور الحوار والثقة بين هذه الأطراف، وقد أحدثت تقدماً في هذا المجال لا بد أن تتضح نتائجه قريباً.

القمة العربية التي انعقدت في جدة كرَّست هذه التحولات الحاصلة، من خلال عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وكذلك لغة البيان الصادر عن القمة والأفكار التي تضمنها فيما يتعلق بالتعاون المستقبلي في مختلف المجالات، وفي ضرورة بلورة استراتيجيات في مواجهة التحديات المشتركة. تأكيد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في كلمته أمام القمة، على عدم السماح بأن تتحول منطقتنا إلى ميادين للصراعات شكَّل رسالة واضحة حول التغيير المطلوب على هذا الصعيد. التحديات كثيرة من السياسة إلى الاقتصاد إلى الأمن وإلى الثقافة والاجتماع وقضايا المناخ، والنجاح في مواجهتها يتطلب مقاربات مختلفة عما كان سائداً من قبل. مقاربات تقوم على الانخراط الفعلي، وبالتالي الفعَّال، وبالتالي التعاوني في قضايا المنطقة بغية النجاح في مقاربة هذه التحديات التي تطال الجميع. كما أن الشرط الضروري للنجاح في التعامل مع هذه التحديات المختلفة يكمن في تعزيز دور الدولة والاحترام الفعلي للسيادة الوطنية للدول. فهذا يبقى المدخل الأساسي لإقامة الاستقرار على الصعيد الإقليمي وتعزيز منطق التعاون بين الدول الذي يخدم مصلحة الجميع.

قمة جدة تشكل منعطفاً أساسياً لإطلاق عملية بناء نظام إقليمي جديد يحل مكان نظام الفوضى الإقليمية، الذي كان قائماً، والذي دفعت المنطقة دولاً وشعوباً أثماناً كبيرة بسببه. النظام الذي كان حاضناً ومعززاً لكافة أنواع الصراعات والتدخلات التي تسعر هذه الصراعات باسم عقائد كبرى عابرة للدولة الوطنية ومبررة لشرعنة التدخل بشؤونها الداخلية مما يزيد من حدة الصراعات وانعدام الاستقرار. النظام الجديد تجب إقامته على قواعد ومبادئ تحترم سيادة الدولة وعدم التدخل في شؤونها. نظام إقليمي يكرس قواعد وأعراف لإدارة الخلافات، التي هي أمر طبيعي في العلاقات بين الدول، ولكيفية احتوائها والعمل على تسويتها إذا أمكن وعدم السماح بأن تعرض هذه الخلافات العلاقات بين هذه الأطراف إلى مخاطر الصدام. نظام إقليمي يشجع على البناء على المشترك وتعزيزه لما فيه مصلحة الجميع.

نذكر بهذا الخصوص بأن مؤتمر الأمن والتعاون الذي انعقد في بغداد في 28 أغسطس (آب) 2021 شكَّل بداية واعدة لتأسيس علاقات جديدة في المنطقة. ولكن لم تكن دورة انعقاده الثانية في عمان في ديسمبر (كانون الأول) 2022 على مستوى الطموح المنتظر حينذاك. وقد حصلت هذه كلها قبل انطلاق مسارات التطبيع. الأمر الذي لم يسمح لصيغة مؤتمر بغداد بتحقيق ما كانت تصبو إليه. الظروف تغيرت الآن بعد ما أشرنا إليه من تحولات حصلت وما زالت تتعزز على مستوى تطبيع العلاقات في المنطقة. في خضم هذه التحولات ومن أجل تعزيزها والبناء عليها حتى لا تهتز أو تضعف أمام أي تحديات في المنطقة، صار إذن من المطلوب ولوج طريق إقامة نظام إقليمي جديد. الأمر الذي يستدعي مبادرة عربية لاجتماع حوار مع كل من تركيا وإيران (حوار مثلث)، بعد التطورات الإيجابية التي حصلت على مستوى العلاقات العربية مع القوتين الإقليميتين المعنيتين. حوار يهدف لبلورة «سلة» قواعد ومبادئ، يُتفق عليها بين الأطراف المعنية، ناظمة لهذه العلاقات مستقبلاً، تسمح بإدارة الخلافات واحتوائها متى تحصل، وبلورة سياسات مشتركة للتعامل بفعالية ونجاح مع التحديات المشتركة في الإقليم الشرق أوسطي. يرى كثيرون أن ذلك ليس بالأمر السهل، ولكنه يبقى بالأمر الضروري لفتح صفحة جديدة في المنطقة هي لمصلحة الجميع... ذلك كله يستدعي أساساً بلورة تفاهم عملي عربي للقيام بدور ناشط وانخراط مبادر في قضايا وتحديات «البيت العربي» يهيئ بعد ذلك لتعاون أكثر فعالية مع القوتين الإقليميتين الجارتين. فهل تكون الأطراف المعنية على مستوى هذا التحدي؟ المستقبل القريب سيحمل من دون شك الجواب عن ذلك.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل نشهد ولادة نظام إقليمي جديد في المنطقة هل نشهد ولادة نظام إقليمي جديد في المنطقة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon