توقيت القاهرة المحلي 20:52:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل نشهد ولادة نظام إقليمي جديد في المنطقة؟

  مصر اليوم -

هل نشهد ولادة نظام إقليمي جديد في المنطقة

بقلم :ناصيف حتّي*

تساءلنا في مقالة سابقة عما إذا كنا ننتظر ولادة نظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط غداة إطلاق مسارات تطبيع العلاقات في المنطقة. مسارات انطلقت بسرعات مختلفة، نظراً لطبيعة العوامل التي تحكم كل منها، إلى جانب الوساطات القائمة حالياً. وتلعب عمان دوراً أساسياً في هذا المجال، حيث ما زالت هنالك علاقات ثنائية بين قوى أساسية (حالة العلاقات المصرية الإيرانية مثلاً) تحكمها بقايا توترات قديمة ومستمرة وتتسم بالبرودة. وتعمل عمان بشكل خاص على إعادة بناء جسور الحوار والثقة بين هذه الأطراف، وقد أحدثت تقدماً في هذا المجال لا بد أن تتضح نتائجه قريباً.

القمة العربية التي انعقدت في جدة كرَّست هذه التحولات الحاصلة، من خلال عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وكذلك لغة البيان الصادر عن القمة والأفكار التي تضمنها فيما يتعلق بالتعاون المستقبلي في مختلف المجالات، وفي ضرورة بلورة استراتيجيات في مواجهة التحديات المشتركة. تأكيد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في كلمته أمام القمة، على عدم السماح بأن تتحول منطقتنا إلى ميادين للصراعات شكَّل رسالة واضحة حول التغيير المطلوب على هذا الصعيد. التحديات كثيرة من السياسة إلى الاقتصاد إلى الأمن وإلى الثقافة والاجتماع وقضايا المناخ، والنجاح في مواجهتها يتطلب مقاربات مختلفة عما كان سائداً من قبل. مقاربات تقوم على الانخراط الفعلي، وبالتالي الفعَّال، وبالتالي التعاوني في قضايا المنطقة بغية النجاح في مقاربة هذه التحديات التي تطال الجميع. كما أن الشرط الضروري للنجاح في التعامل مع هذه التحديات المختلفة يكمن في تعزيز دور الدولة والاحترام الفعلي للسيادة الوطنية للدول. فهذا يبقى المدخل الأساسي لإقامة الاستقرار على الصعيد الإقليمي وتعزيز منطق التعاون بين الدول الذي يخدم مصلحة الجميع.

قمة جدة تشكل منعطفاً أساسياً لإطلاق عملية بناء نظام إقليمي جديد يحل مكان نظام الفوضى الإقليمية، الذي كان قائماً، والذي دفعت المنطقة دولاً وشعوباً أثماناً كبيرة بسببه. النظام الذي كان حاضناً ومعززاً لكافة أنواع الصراعات والتدخلات التي تسعر هذه الصراعات باسم عقائد كبرى عابرة للدولة الوطنية ومبررة لشرعنة التدخل بشؤونها الداخلية مما يزيد من حدة الصراعات وانعدام الاستقرار. النظام الجديد تجب إقامته على قواعد ومبادئ تحترم سيادة الدولة وعدم التدخل في شؤونها. نظام إقليمي يكرس قواعد وأعراف لإدارة الخلافات، التي هي أمر طبيعي في العلاقات بين الدول، ولكيفية احتوائها والعمل على تسويتها إذا أمكن وعدم السماح بأن تعرض هذه الخلافات العلاقات بين هذه الأطراف إلى مخاطر الصدام. نظام إقليمي يشجع على البناء على المشترك وتعزيزه لما فيه مصلحة الجميع.

نذكر بهذا الخصوص بأن مؤتمر الأمن والتعاون الذي انعقد في بغداد في 28 أغسطس (آب) 2021 شكَّل بداية واعدة لتأسيس علاقات جديدة في المنطقة. ولكن لم تكن دورة انعقاده الثانية في عمان في ديسمبر (كانون الأول) 2022 على مستوى الطموح المنتظر حينذاك. وقد حصلت هذه كلها قبل انطلاق مسارات التطبيع. الأمر الذي لم يسمح لصيغة مؤتمر بغداد بتحقيق ما كانت تصبو إليه. الظروف تغيرت الآن بعد ما أشرنا إليه من تحولات حصلت وما زالت تتعزز على مستوى تطبيع العلاقات في المنطقة. في خضم هذه التحولات ومن أجل تعزيزها والبناء عليها حتى لا تهتز أو تضعف أمام أي تحديات في المنطقة، صار إذن من المطلوب ولوج طريق إقامة نظام إقليمي جديد. الأمر الذي يستدعي مبادرة عربية لاجتماع حوار مع كل من تركيا وإيران (حوار مثلث)، بعد التطورات الإيجابية التي حصلت على مستوى العلاقات العربية مع القوتين الإقليميتين المعنيتين. حوار يهدف لبلورة «سلة» قواعد ومبادئ، يُتفق عليها بين الأطراف المعنية، ناظمة لهذه العلاقات مستقبلاً، تسمح بإدارة الخلافات واحتوائها متى تحصل، وبلورة سياسات مشتركة للتعامل بفعالية ونجاح مع التحديات المشتركة في الإقليم الشرق أوسطي. يرى كثيرون أن ذلك ليس بالأمر السهل، ولكنه يبقى بالأمر الضروري لفتح صفحة جديدة في المنطقة هي لمصلحة الجميع... ذلك كله يستدعي أساساً بلورة تفاهم عملي عربي للقيام بدور ناشط وانخراط مبادر في قضايا وتحديات «البيت العربي» يهيئ بعد ذلك لتعاون أكثر فعالية مع القوتين الإقليميتين الجارتين. فهل تكون الأطراف المعنية على مستوى هذا التحدي؟ المستقبل القريب سيحمل من دون شك الجواب عن ذلك.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل نشهد ولادة نظام إقليمي جديد في المنطقة هل نشهد ولادة نظام إقليمي جديد في المنطقة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon