توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان المحاصر.. إلى أين؟

  مصر اليوم -

لبنان المحاصر إلى أين

بقلم - ناصيف حتي

لا نغالى إذا قلنا إن لبنان يعيش وضعا مفتوحا على المجهول أو على سيناريوهات مختلفة ومتناقضة تتعلق بالغد عندما يأتى ذلك الغد: حرب على الحدود من جهة وأزمة متعددة الأوجه والأبعاد والاحتمالات والتداعيات فى الداخل من جهة أخرى.
فالحرب المفتوحة فى الزمان والمكان التى تشنها إسرائيل على غزة واستراتيجية «وحدة الساحات» التى ربطت قتال الجبهتين الغزاوية واللبنانية، لا أحد يدرى بعد كيف ومتى ستتوقف. كثيرة هى الأسئلة المطروحة والسيناريوهات التى يحملها الجواب عن كل سؤال. الهدنة التى يفترض أن تقام خلال شهر رمضان قد تؤدى إلى أن تكون هدنة مطولة لشراء الوقت والبحث عن تسوية، ليست بالأمر السهل، مع الأهداف التى رفعتها إسرائيل لتلك الحرب: حرب الإبادة والتهجير التى تشنها ضد قطاع غزة. أهداف لا يمكن تحقيقها وقد بدأ الموقف الدولى وتحديدا من القوى المؤيدة لإسرائيل يتغير ولو ببطء وبسرعات مختلفة لوقف تلك الحرب عبر صيغ ما زالت تناقش وتتغير. أضف أن الهدنة فى غزة قد لا تمنع من حصول انفجار، يطيح بها بالطبع، فى الضفة الغربية مع تزايد التوتر وأعمال العنف الإسرائيلية من القوى الرسمية ومن المستوطنين بشكل أكثر ازديادا، ضد المواطنين الفلسطينيين. الأخطر هو احتمال اشتعال التوتر عبر ما تقوم به القوى الدينية المتشددة والمتزايدة عددا وقوة فى إسرائيل بشكل عام وما قد تقوم به كما تهدد ضد المسجد الأقصى. ونذكر بهذا الصدد بما حصل فى سبتمبر (أيلول) ٢٠٠٠ وأطلق ما عرف بانتفاضة الأقصى. الأمر الذى قد يطيح بالهدنة المنتظرة ويزيد من حدة نار الحريق الحاصل فى الأراضى المحتلة وبالطبع على الجبهة اللبنانية. إسرائيل تعتبر أن التوصل إلى تسوية حول جبهة غزة أيا كانت طبيعتها لا يوقف حربها على الجبهة اللبنانية، إذ لا عودة إلى الوضع الذى كان قائما على الحدود مع لبنان حتى السادس من أكتوبر (تشرين الأول) عشية اندلاع الحرب على غزة: فالتسوية على جبهة غزة متى حصلت، لا تعنى العودة إلى اعتماد قواعد اللعبة التى كانت قائمة على الجبهة اللبنانية، فلا ارتباط بهذا الخصوص بين الجبهتين، إلا ربما فى شأن الهدنة المؤقتة، وهذا أيضا غير مؤكد، كما يكرر المسئولون الإسرائيليون. وهذا ما يفسر بشكل خاص مهمة المبعوث الرئاسى الأمريكى آموس هوكشتاين إلى لبنان للبحث فى إرساء مسار تهدئة يقوم على سلة من القواعد والأهداف يلتزم بها طرفا الصراع على الجبهة اللبنانية. وهذا ليس بالأمر السهل، لا بل إنه شديد التعقيد فى ظل المعطيات التى أوجدتها الحرب على غزة واحتمالاتها المتعددة وانعكاس ذلك على الوضع على الجبهة اللبنانية. رغم ذلك يبقى سيناريو التوصل إلى قواعد جديدة ناظمة للعلاقات على الحدود أمرا غير مستبعد ولو أنه شديد التعقيد فى ظل المعطيات الجديدة التى خلقتها الحرب المستمرة على غزة، إذا لم يتم التوصل أيضا إلى إخماد الحريق ولو فى مرحلة لاحقة على الجبهة الغزاوية. هنالك أحاديث عن عملية إطلاق مسار للتوصل إلى تفاهم جديد، يذكر «بتفاهم نيسان» فى العام ١٩٩٦ والذى جرى التوصل إليه بعد عملية عناقيد الغضب الإسرائيلية ضد جنوب لبنان ومجزرة قانا. بالطبع ستكون عناصر وقواعد التفاهم الجديد مختلفة عن تفاهم ١٩٩٦ بسبب المتغيرات العديدة التى حصلت. تفاهم سيكون دون شك عاملا مسهلا ومحفزا لإطلاق عملية تفاوض «لتثبيت» الحدود البرية اللبنانية الإسرائيلية وإيجاد «صيغة دبلوماسية» للتعامل مع مسألتى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلة.
أفكار ومقترحات ما زالت فى بداياتها ولا يدرك أحد متى يتم التوصل إلى خواتمها فى ظروف شديدة التعقيد على الجبهتين الفلسطينية واللبنانية وعلى الترابط بينهما.
• • •
فى خضم ذلك كله يجرى ترحيل الأزمة الداخلية اللبنانية التى أشرنا إليها، فى أفق زمنى مفتوح، رغم مخاطر استمرارها على الوضع اللبنانى، إلى أن تتم تسوية المسألة الخارجية (الحرب على غزة ووقفها وانعكاساتها اللبنانية). ولا بد فى هذا الخصوص من إدراج ملاحظة أساسية قوامها أن الدول عندما تواجه أزمة خطيرة على صعيد أمنها الوطنى بمختلف أوجه هذا الأمن تسارع إلى إعادة تشكيل السلطة فما بالك إذا كان هنالك فراغ فى السلطة، وذلك للتعامل مع التحديات التى يفرضها هذا الجوار المباشر. فإعادة تشكيل السلطة فى لبنان من خلال ثلاثية انتخاب رئيس وتشكيل حكومة تعرف «بحكومة مهمة» تكون بمثابة «فريق عمل» مع الرئيس وبلورة برنامج إصلاحى إنقاذى يكون بمثابة خريطة طريق للعمل على إنقاذ البلد من أزمته الداخلية والتعامل بشكل فعال مع جميع أوجه التداعيات والانعكاسات للأزمة الخارجية الضاغطة والمحاصرة للبلد المعنى، أمر أكثر من ضرورى رغم العوائق الكثيرة المعروفة أمامه..
فبقدر ما تزداد الأزمة «الخارجية» حدة وتعقيدا بقدر ما يجب الإسراع فى العمل على تسوية الأزمة الداخلية من خلال إعادة تشكيل السلطة فى الداخل والخروج من حالة الفراغ القاتل. ولا يجب أن ننسى أن الانتظار، على أساس منطق القدرية السياسية الناظم للحياة السياسية فى لبنان والذى يراهن دائما على استيراد الحلول من الخارج وليس بلورتها وطنيا، إن الانتظار هو أسرع طريق للانهيار. فهل نتعظ فى لبنان قبل فوات الأوان؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان المحاصر إلى أين لبنان المحاصر إلى أين



GMT 12:55 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيديوهات غبية في هواتفنا الذكية!

GMT 12:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

«الداخلية» توضح دورها على طريق ديروط - أسيوط

GMT 12:50 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عراب كامب ديفيد.. الانقلاب على الإرث المر!

GMT 12:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محاكمة الساحرات

GMT 07:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 07:47 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 07:45 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

الهجوم الإخواني على مصر هذه الأيام

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon