توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحرب المستمرة.. والسلام المطلوب‎

  مصر اليوم -

الحرب المستمرة والسلام المطلوب‎

بقلم - ناصيف حتي

أشهر أربع مرت على «حرب غزة» وما زالت إسرائيل أسيرة الشعارات/ الأهداف التى رفعتها كالتخلص كليا من حماس. وما زال رئيس الوزراء الإسرائيلى يؤكد كل يوم أن الحرب لن تتوقف حتى «إبادة حركة حماس». وقد بدأت إسرائيل بما سمى المرحلة الثالثة من الحرب وقوامها إقامة منطقة عازلة بعرض ١٠ كلم تقريبا فى القطاع على طول الحدود مع إسرائيل والعمل على تعزيز السيطرة الأمنية على وادى غزة فى وسط القطاع، والبحث بعد ذلك عن صيغة لأطراف دولية عربية فلسطينية لإدارة القطاع فى ظل الإمساك الإسرائيلى العسكرى والأمنى بغزة فى إطار زمنى مفتوح.
وقف الحرب سيؤدى إلى السقوط السياسى المدوى لنتنياهو وتعرضه للمحاكمة لأسباب عديدة لا علاقة لها بهذه الحرب. وقف الحرب سيؤدى أيضا إلى انفجار الحكومة من الداخل كما يهدد أكثر من وزير. لا بل زادت الدعوات فى إسرائيل لإعادة الاستيطان فى غزة وبالتالى السيطرة الكلية عليها كما كان حاصلا حتى عام ٢٠٠٥. على صعيد آخر نسمع من القوى الغربية الفاعلة دعوات لهدن إنسانية مع استثناءات قليلة بين هذه الدول صارت تدعو لوقف كلى للقتال، وأخذ عددها بالازدياد مع مرور الوقت ولو أن صوتها ما زال خافتا.
نحن أمام مشهد قوامه ما يلى:
أولا، الاستمرار بالحرب بشكل مفتوح فى الزمان لأن إسرائيل صارت أسيرة أهدافها المستحيلة التحقيق، مع احتمال تصعيد وتخفيض فى حدة وحجم القتال وزيادة عدد الهدن ومدى الفترة الزمنية المقترحة.
ثانيا، ارتفاع حدة التوتر فى الضفة الغربية فى ظل تزايد أعمال العنف الإسرائيلى والرد الفلسطينى المرتبط بما هو حاصل فى غزة، والعودة إلى سياسة استيطانية ناشطة لم تتوقف من قبل ولكن صارت حاليا عنوانا تعبويا فى إطار الحرب القائمة. الأمر الذى قد يؤدى إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة.
ثالثا، يزداد الحديث فى السلطات المعنية فى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، دولا واتحادا، وفى بريطانيا حول التأكيد على «حل الدولتين» الذى استحضر فجأة كعنوان سياسى والذهاب بالتلويح بالاعتراف بالدولة الفلسطينية كمحاولة للضغط على إسرائيل من جهة ولكن للتأثير بشكل أقوى من جهة أخرى بالموقف الفلسطينى عند مختلف الأطراف الفلسطينية. يهدف ذلك إلى محاولة احتواء القتال والحديث عن ضرورة العودة لإحياء مسار سياسى للتسوية لم يعد قائما منذ سقوط أو اندثار مسار أوسلو فى نهاية التسعينات. وقد صرنا نسمع فى هذا الصدد الكثير من الأفكار والمقترحات والصيغ من قبل هذه الأطراف الغربية. وتلاقى هذه الدعوات التى ما زال مجملها خجولا رفضا كليا وقاطعا من الحكومة الإسرائيلية.
• • •
سياسة تهويد الديمغرافيا والجغرافيا التى تقوم بها إسرائيل منذ زمان ولكن بشكل متسارع فى السنوات الأخيرة فى الضفة الغربية، والسيطرة شبه الكلية لليمين الإسرائيلى الدينى والاستراتيجى المتطرف والمتشدد فى المجتمع الإسرائيلى والداعى لقيام إسرائيل الكبرى وغياب أى ضغوطات دولية فعلية وفاعلة لمنع إسرائيل من تحقيق ذلك. كلها عناصر ساهمت بنسف الأسس التى يفترض أن تقوم عليها الدولة الفلسطينية المنشودة، بشكل كبير.
إسرائيل تعمل بشكل متسارع على إقامة إسرائيل الكبرى من وادى الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، حسب نموذج جنوب أفريقيا السابق (نموذج الدولة العنصرية) فيما تنشط كما أشرنا لطرد أهل الضفة الغربية بوسائل وسبل متعددة من أرضهم. كما نسمع من جهة أخرى عن طروحات جد مثالية من قبل البعض قوامها العودة إلى عنوان الدولة الواحدة التى تضم الجميع، الشعار الذى رفع فى الماضى من البعض، والقائمة على المساواة فى المواطنة. وقد تأخذ هذه الصيغة حسب المنادين بها شكلا فيدراليا أو لا مركزية موسعة. ولكنها فى حقيقة الأمر فكرة غير قابلة للتحقيق كليا لأن مفهوم دولة اليهود التى قامت عليه إسرائيل، أيا كان الشكل الدستورى للسلطة لا يمكن أن يقبل بالمساواة فى المواطنة مع الآخر الفلسطينى.
فإذا كان حل الدولتين صعب التحقيق بسبب ما أشرنا إليه من متغيرات على الأرض فإنه يبقى الحل الوحيد الممكن للتسوية النهائية الشاملة والواقعية للقضية الفلسطينية التى هى قضية حقوق وطنية لشعب يريد التعبير عن هويته عبر إقامة دولته المستقلة. وبعدها يمكن البحث كما يدعو البعض بأى صيغ تعاونية ثنائية أو إقليمية لتعزيز السلام فى المنطقة.
ذلك كله يستدعى إذا كانت هنالك جدية عند القوى الغربية التى تدعو لقيام الدولة الفلسطينية أن تستعمل ما تملكه من أوراق تأثير تجاه إسرائيل لإطلاق عملية سلام تقوم على ما يعرف بالهندسة المعكوسة reversed engineering أى تحديد الهدف النهائى للمفاوضات وهو حل الدولتين اللتين تعيشان جنبا إلى جنب، والقاضى بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. الأمر الذى يستدعى أولا فرض الوقف الكلى لإطلاق النار على الطرف الإسرائيلى الرافض لذلك وإطلاق المسار التفاوضى المطلوب برعاية ومواكبة هذه القوى وغيرها من القوى المؤثرة والفاعلة، وعلى أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وبالأخص مجلس الأمن، وضمن جدول زمنى مرن ولكن غير مفتوح فى الزمان. ليس ذلك بالأمر السهل دون شك ولكنه بالأمر الممكن رغم العوائق الإسرائيلية تحديدا أمامه، إذا ما وجدت الرؤية والإرادة والرغبة الفعلية فى تحقيق السلام الشامل والعادل والدائم، الذى هو لمصلحة الجميع فى الإقليم الشرق أوسطى وخارجه، مع التذكير، لتحقيق هذا السلام، بالسياق ذاته فيما يتعلق بالمسارين الآخرين اللبنانى والسورى. البلدان اللتان ما زالت إسرائيل تحتل أراضيهما.
ذلك كله بالأمر الصعب التحقيق للعوامل التى أشرنا إليها سابقا ولكنه ليس بالأمر المستحيل. فرحلة الألف ميل تبدأ بخطوة ولكن يجب أن تكون تلك الخطوة بالاتجاه الصحيح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب المستمرة والسلام المطلوب‎ الحرب المستمرة والسلام المطلوب‎



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon