توقيت القاهرة المحلي 20:05:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«اتفاقية أوسلو».. دروس وعبر

  مصر اليوم -

«اتفاقية أوسلو» دروس وعبر

بقلم - ناصيف حتي

عقود ثلاث من الزمن مرت منذ ولادة اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل والتى عرفت باتفاقية إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتى الانتقالى. الاتفاقية التى كان يفترض أن تطلق مسارا تفاوضيا يوفر مقاربة تدريجية للتوصل إلى التسوية السلمية الشاملة بين الطرفين، والتى من المنظور الفلسطينى تعنى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على ٢٢ بالمائة من أراضى فلسطين التاريخية، وعاصمتها القدس الشرقية. مؤتمر مدريد للسلام الذى انعقد فى أواخر أكتوبر ١٩٩١ بهدف التوصل إلى تحقيق السلام الشامل والدائم على كل المسارات المعنية شكل نقطة الانطلاق للمفاوضات السلمية. ولكن سرعان ما رأت القيادة الفلسطينية مع التعثر الذى بدأ يظهر غداة مؤتمر مدريد، والذى كما وصفه وزير الخارجية الأمريكى حينذاك جيمس بيكر بأن أهمية المؤتمر الحقيقية تكمن فى انعقاده، إن المطلوب الذهاب فى اعتماد مقاربة التسوية التدريجية والتى تقوم على سياسة المراحل. سياسة تبدأ بإقامة الحكم الذاتى للسلطة الفلسطينية بشكل تدريجى فى الجغرافيا وفى المسئوليات والصلاحيات حتى قيام الدولة المستقلة، حسب أهداف السلطة الفلسطينية من المفاوضات. وجاء اتفاق أوسلو ٢ فى سبتمبر ١٩٩٥ ليؤكد مجددا على تنظيم ترتيبات الحكم الذاتى وإحالة قضايا الحدود والمياه والمستوطنات واللاجئين إلى مفاوضات الاتفاق الدائم التى بالطبع لم تأتِ. وللتذكير فشلت القمة الثلاثية التى استضافها الرئيس الأمريكى بيل كلينتون فى كامب ديفيد فى يوليو ٢٠٠٠ بمشاركة الرئيس عرفات ورئيس وزراء إسرائيل باراك، لإحياء الاتفاق الذى بدأ بالاحتضار، وتبعتها مفاوضات فلسطينية إسرائيلية فى ديسمبر ٢٠٠٠ لم تقلع أساسا غداة انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الثانية، انتفاضة الأقصى فى سبتمبر ٢٠٠٠.
مقابل إنجاز اتفاقية أوسلو التى كان يفترض أن تهيئ تدريجيا لإزالة الاحتلال، لم توقف سلطات الاحتلال من سياسة إقامة الطرق التى تحاصر القرى الفلسطينية وتربط بين المستوطنات. واستمرت فى سياسة تعزيز الاستيطان، ولو بسرعات مختلفة فى البداية ولكن دون التوقف. كما عززت سيطرتها على الأرض والمياه والفضاء، كما قامت بتقطيع أوصال ما يفترض أن تكون الأراضى التى ستقوم عليها الدولة الفلسطينية. فجرى فصل القدس الشرقية عن الضفة الغربية وكذلك فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية أيضا.
كان واضحا منذ البداية وتأكد مع كل يوم مضى أن هدف إسرائيل لا يتعدى إعطاء سلطات من نوع الحكم الذاتى للفلسطينيين: سلطات محلية، لا يمكن أن تتحول يوما إلى سلطات سيادية، حسب الاستراتيجية الإسرائيلية المعتمدة بشكل ظاهر أو مغطى بعض الشىء بواسطة مقترحات للتفاوض بهدف شراء الوقت وتغيير الوضع القائم على الأرض. الهدف الإسرائيلى نفذ بشكل تدريجى ولو أنه صار مع الوقت ومع تراجع القضية الفلسطينية عن جدول الأولويات الفعلية وليس الكلامية أو الشعاراتية فى المنطقة، أكثر وضوحا فى الخطاب وأكثر حدة فى الممارسة. ثم صار أكثر صراحة ووضوحا وفجاجة مع وصول اليمين الدينى المتشدد إلى السلطة وسياسة التهويد الناشطة على الصعيدين الجغرافى والسكانى التى يتبعها فى الأراضى المحتلة. السياسة التى تعمل أيضا على تغيير طبيعة ودور مؤسسات السلطة فى إسرائيل سواء فى القضاء أو فى مجالات أخرى وفقا للقناعات العقائدية لهذه القوى الدينية الأصولية فى السلطة، الأمر الذى قد يؤدى إلى صدام أهلى داخلى عنيف. كما تعمل السلطة الجديدة لإحداث مزيد من قوانين التمييز العنصرى ضد المواطنين غير اليهود فى الدولة. كلها عوامل تدفع نحو حصول انفجار فى «البيت الإسرائيلى» حول هوية السلطة ودورها كما تهيئ الأرضية من خلال ما أشرنا إليه سابقا لحصول انفجار أو انتفاضة ثالثة قد تختلف فى طبيعتها وسماتها عن الانتفاضتين السابقتين، فى الأراضى الفلسطينية المحتلة.
فى الذكرى الثلاثين لولادة اتفاقية أوسلو، التى لم تعمر فى مسارها المنتظر من أهلها، وممن راهن عليها من الخارج أكثر من سنوات قليلة جدا، نخلص إلى درس أساسى للمستقبل مفاده التالى: أن أى مسار تفاوضى لا يستطيع أن يحقق أهدافه بتحقيق السلام المنشود والعادل إذا لم يستند بشكل مستمر، لتوازن قوى ولو دينامى يخدم الأهداف التى انطلق ذلك المسار لتحقيقها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«اتفاقية أوسلو» دروس وعبر «اتفاقية أوسلو» دروس وعبر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon