توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«اتفاقية أوسلو».. دروس وعبر

  مصر اليوم -

«اتفاقية أوسلو» دروس وعبر

بقلم - ناصيف حتي

عقود ثلاث من الزمن مرت منذ ولادة اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل والتى عرفت باتفاقية إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتى الانتقالى. الاتفاقية التى كان يفترض أن تطلق مسارا تفاوضيا يوفر مقاربة تدريجية للتوصل إلى التسوية السلمية الشاملة بين الطرفين، والتى من المنظور الفلسطينى تعنى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على ٢٢ بالمائة من أراضى فلسطين التاريخية، وعاصمتها القدس الشرقية. مؤتمر مدريد للسلام الذى انعقد فى أواخر أكتوبر ١٩٩١ بهدف التوصل إلى تحقيق السلام الشامل والدائم على كل المسارات المعنية شكل نقطة الانطلاق للمفاوضات السلمية. ولكن سرعان ما رأت القيادة الفلسطينية مع التعثر الذى بدأ يظهر غداة مؤتمر مدريد، والذى كما وصفه وزير الخارجية الأمريكى حينذاك جيمس بيكر بأن أهمية المؤتمر الحقيقية تكمن فى انعقاده، إن المطلوب الذهاب فى اعتماد مقاربة التسوية التدريجية والتى تقوم على سياسة المراحل. سياسة تبدأ بإقامة الحكم الذاتى للسلطة الفلسطينية بشكل تدريجى فى الجغرافيا وفى المسئوليات والصلاحيات حتى قيام الدولة المستقلة، حسب أهداف السلطة الفلسطينية من المفاوضات. وجاء اتفاق أوسلو ٢ فى سبتمبر ١٩٩٥ ليؤكد مجددا على تنظيم ترتيبات الحكم الذاتى وإحالة قضايا الحدود والمياه والمستوطنات واللاجئين إلى مفاوضات الاتفاق الدائم التى بالطبع لم تأتِ. وللتذكير فشلت القمة الثلاثية التى استضافها الرئيس الأمريكى بيل كلينتون فى كامب ديفيد فى يوليو ٢٠٠٠ بمشاركة الرئيس عرفات ورئيس وزراء إسرائيل باراك، لإحياء الاتفاق الذى بدأ بالاحتضار، وتبعتها مفاوضات فلسطينية إسرائيلية فى ديسمبر ٢٠٠٠ لم تقلع أساسا غداة انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الثانية، انتفاضة الأقصى فى سبتمبر ٢٠٠٠.
مقابل إنجاز اتفاقية أوسلو التى كان يفترض أن تهيئ تدريجيا لإزالة الاحتلال، لم توقف سلطات الاحتلال من سياسة إقامة الطرق التى تحاصر القرى الفلسطينية وتربط بين المستوطنات. واستمرت فى سياسة تعزيز الاستيطان، ولو بسرعات مختلفة فى البداية ولكن دون التوقف. كما عززت سيطرتها على الأرض والمياه والفضاء، كما قامت بتقطيع أوصال ما يفترض أن تكون الأراضى التى ستقوم عليها الدولة الفلسطينية. فجرى فصل القدس الشرقية عن الضفة الغربية وكذلك فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية أيضا.
كان واضحا منذ البداية وتأكد مع كل يوم مضى أن هدف إسرائيل لا يتعدى إعطاء سلطات من نوع الحكم الذاتى للفلسطينيين: سلطات محلية، لا يمكن أن تتحول يوما إلى سلطات سيادية، حسب الاستراتيجية الإسرائيلية المعتمدة بشكل ظاهر أو مغطى بعض الشىء بواسطة مقترحات للتفاوض بهدف شراء الوقت وتغيير الوضع القائم على الأرض. الهدف الإسرائيلى نفذ بشكل تدريجى ولو أنه صار مع الوقت ومع تراجع القضية الفلسطينية عن جدول الأولويات الفعلية وليس الكلامية أو الشعاراتية فى المنطقة، أكثر وضوحا فى الخطاب وأكثر حدة فى الممارسة. ثم صار أكثر صراحة ووضوحا وفجاجة مع وصول اليمين الدينى المتشدد إلى السلطة وسياسة التهويد الناشطة على الصعيدين الجغرافى والسكانى التى يتبعها فى الأراضى المحتلة. السياسة التى تعمل أيضا على تغيير طبيعة ودور مؤسسات السلطة فى إسرائيل سواء فى القضاء أو فى مجالات أخرى وفقا للقناعات العقائدية لهذه القوى الدينية الأصولية فى السلطة، الأمر الذى قد يؤدى إلى صدام أهلى داخلى عنيف. كما تعمل السلطة الجديدة لإحداث مزيد من قوانين التمييز العنصرى ضد المواطنين غير اليهود فى الدولة. كلها عوامل تدفع نحو حصول انفجار فى «البيت الإسرائيلى» حول هوية السلطة ودورها كما تهيئ الأرضية من خلال ما أشرنا إليه سابقا لحصول انفجار أو انتفاضة ثالثة قد تختلف فى طبيعتها وسماتها عن الانتفاضتين السابقتين، فى الأراضى الفلسطينية المحتلة.
فى الذكرى الثلاثين لولادة اتفاقية أوسلو، التى لم تعمر فى مسارها المنتظر من أهلها، وممن راهن عليها من الخارج أكثر من سنوات قليلة جدا، نخلص إلى درس أساسى للمستقبل مفاده التالى: أن أى مسار تفاوضى لا يستطيع أن يحقق أهدافه بتحقيق السلام المنشود والعادل إذا لم يستند بشكل مستمر، لتوازن قوى ولو دينامى يخدم الأهداف التى انطلق ذلك المسار لتحقيقها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«اتفاقية أوسلو» دروس وعبر «اتفاقية أوسلو» دروس وعبر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon