توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حرب غزة وحرب لبنان والإقليم

  مصر اليوم -

حرب غزة وحرب لبنان والإقليم

بقلم - ناصيف حتي

سيمضي عامٌ على حربِ الإبادةِ الإسرائيلية ضد غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وقد أُدرجت هذه الحربُ في استراتيجية استنزافٍ إسرائيليةٍ مفتوحة في الزمان، وصارت مفتوحةً في المكان، لتحقيق الأهداف المرتفعةِ السَّقف والمستحيلةِ التحقيق، وقوامُها السَّيطرةُ الأمنيةُ والعسكريةُ على القطاعِ، وإنهاء «حماس» كليّاً.

«الغرق في مستنقع» غزة دفع إسرائيلَ لخفضِ أهدافِها أو تقديمِها في شكلِ مراحل، من دون التَّخلّي عنها، إذ تبدأ بإقامةِ منطقةٍ آمنةٍ كليّاً في شمالِ القطاع خاليةٍ من أيّ وجودٍ فلسطيني فيها. وهذا أيضاً أمرٌ ليس من السَّهل تحقيقُه.

إذا كانتِ السَّنةُ الأولى للحربِ الإسرائيلية عنوانُها غزة، فيبدو أنَّ السَّنةَ الثانيةَ، قبل أن تبدأَ في الزمان صارَ عنوانُها لبنان. المسرح القتالي اللبناني من هذا المنظور يمتدُّ ليشملَ جزءاً غيرَ صغير من سوريا، كما تدلُّ على ذلك العملياتُ العسكريةُ الإسرائيلية المتنوعةُ والمتزايدة هناك. تبادلُ الرسائلِ الرَّدعية مع إيران بشكلٍ مباشر أو غيرِ مباشرٍ يتزايدُ كلَّ يومٍ ممَّا يكرّسُ البعدَ الإقليمي للحرب بأشكالٍ وصيغٍ مختلفة. لا يلغي ذلك بالطَّبع إمكانيةَ قيامِ إسرائيلَ بالهجوم على «أهداف استراتيجية» في إيران مثل مواقع تصنيع أو تخزين المواد النووية لمنع إيرانَ بشكلٍ استباقي من الوصولِ إلى العتبةِ النووية وهي «القدرة على امتلاك رؤوس نووية»، وذلك رغمَ المعارضةِ الأميركية لقيامِ إسرائيلَ بعمليةٍ من هذا النوع تساهمُ في إشعال حريقٍ إقليمي.

من أهمّ دروسِ هذه الحربِ الموسعة وعبرها، والمتصاعدةِ والشديدة التعقيد، فيما يتعلَّق بالأهداف والأطراف المشاركة فيها بشكل مباشر أو أقل من مباشر، أنَّ عنصر الوقت يساهم في التصعيد وفي تعقيد إمكانية التوصل إلى حلول واقعية، وبالطبع يزيد من مخاطر الانزلاق نحو حرب واسعة. ما يزيد من مخاطر الرفض الإسرائيلي لوقف القتال ولو بشكل مرحلي عناصر ثلاثة... أولاً: رهان إسرائيل على أن عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض يعطي قوة دفع كبيرة لإسرائيلَ لتحقيق أهدافها، لكون ترمب الحليفَ الاستراتيجيَّ الكبيرَ لإسرائيل، الذي يمنحها الضوء الأخضر في أي سياسة تريدها في هذا المجال. إدارة ترمب السابقة قدمت الدليل على ذلك. ولا بد من التذكير بأنَّ الإدارة الديمقراطية برئاسة بايدن، فيما لو عادت مع كامالا هاريس لن تكون في موقف خلافي كبير مع حكومة إسرائيل، كما هو الوضع حالياً. ثانياً: أنَّ نتنياهو يود أن يغتنمَ الفرصةَ التي توفرها هذه الحربُ المفتوحة لإقامة نظامٍ إقليمي جديد، يستند إلى نتائج الحرب كما يريدها نتنياهو، وتخدم رؤيته فيما يتعلق بموازينِ القوى في الإقليم والأولويات الإقليمية من منظور إسرائيل كما يكرّر دائماً. ثالثاً يستند نتنياهو في موقفه إلى هيمنة اليمين المتشدد الديني والاستراتيجي الذي ينتمي إليه في السلطة وفي المجتمع الإسرائيلي، لتحقيق أهداف حكومته باستكمال إقامة إسرائيلَ الكبرى، مع التذكير دائماً وتكراراً بأنَّ «حل الدولتين وهم» حسب هذه الرؤية.

صحيح أنَّ صيغاً عديدةً جرى ويجري العمل عليها، وما زالت ترفضها إسرائيل، لوقفِ القتال لفترة معينة، وذلك يبقى بالطَّبع أفضلَ من استمرار التدهور الحاصل وسياسة الإبادة التي تتبعها إسرائيلُ لخلقِ واقع جديد يقوم على رؤيتها للسلام. ولكنَّ ذلك ليس بالحلّ المستدام، بل شراء الوقت لحروب مختلفة في المستقبل القريب أو الأبعد. التسوية ليست في نهاية الأمر عملية تجميل للوضع القائم وتنفيس الاحتقان، وليست وعوداً مفتوحة في الزمان والمكان كما دلَّت تجارب الماضي.

وقف إطلاق النار شرط أكثر من ضروري لإحياء مسار السلام الفعلي والشامل، ومن ثمّ، الدائم من منظور أخلاقي وقانوني دولي، ولكن من منظور واقعي أيضاً لإنقاذ الشرق الأوسط من حريق كبير قد يحصل في أي وقت مع ازدياد نقاط السخونة عدداً ومدة. الحديث عن أي سيناريو في الغد يبدأ بالعمل اليوم، عبر مبادرة عربية إقليمية دولية وعبر مجلس الأمن، لخريطة طريق تبدأ بوقف شامل لإطلاق النار. ولا تغيب القدرة عند الأطراف الدولية الفاعلة لفرض ذلك على إسرائيل إذا ما أرادت.

ثم يجب التوجه لعقد مؤتمر دولي للسلام تشارك فيه الأطراف الدولية الفاعلة كافة، والمعنية بالاستقرار والسلام في المنطقة والقوى الإقليمية المعنية، للتأكيد على إلزام الأطراف المتصارعة وتحديداً إسرائيل، بالمضي في هذا المسار. مسار عنوانه «حل الدولتين» وإنهاء الاحتلال للأراضي العربية المحتلة. مسار يجب أن يرعاه ويواكبه هذا المؤتمر لتحقيق الأهداف المتوخاة منه. مسار ليس بالسهل إطلاقه وأمامه الكثير من المصاعب والمعوقات، ولكنه المسار «الواقعي» الوحيد الذي يوفر الاستقرار الفعلي في الإقليم الشرق أوسطي.

استقرار ليس فقط لمصلحة أهل الإقليم بل لأقاليم الجوار وللقوى الدولية المعنية بالسلم والأمن على هذا الصعيد بسبب الموقع الجغرافي الاستراتيجي للشرق الأوسط. نحن على مفترق طرق الآن. فهل نبقى في نظام فوضى إقليمية وحروب وصراعات، بشكل متقطع، تتغذى ويغذي بعضها البعض الآخر، وتزداد يوماً بعد يوم عنفاً وتعقيداً، أو تنطلق، رغم العوائق الكثيرة والكبيرة رحلة الإنقاذ الوطني والإقليمي التي هي لمصلحة الجميع والتي ما زال يرفضها أصحاب حروب الإبادة الجارية، طالما لا يوجد موقف دولي حازم وصارم في وجههم. مسار طويل ولكن ليس له بديل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب غزة وحرب لبنان والإقليم حرب غزة وحرب لبنان والإقليم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon