توقيت القاهرة المحلي 09:26:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تحديات ومهام أمام القمة العربية المقبلة

  مصر اليوم -

تحديات ومهام أمام القمة العربية المقبلة

بقلم - الدكتور ناصيف حتي

يأتي انعقاد القمة العربية، الأسبوع المقبل، في المملكة العربية السعودية، في لحظة جد مهمة، وأقول مفصلية، في تاريخ الإقليم الشرق أوسطي، للأسباب التالية، أولاً تأتي القمة في «اليوم التالي» لمسارات التفاهمات وتطبيع العلاقات التي انطلقت في المنطقة (السعودي الإيراني، السوري العربي، والسوري التركي، وقبل ذلك التركي العربي). تجري هذه بسرعات وأشكال وصيغ مختلفة تحدد نجاحها عوامل متعددة منها ما تحتله هذه التفاهمات من أولوية عند الأطراف المعنية وما تواجهه من تحديات في البيئة الإقليمية، ومن ترابط وتشابك مباشر وغير مباشر بين مختلف هذه التحديات في الإقليم الشرق أوسطي.

ثانياً، الثقل الإقليمي والدولي للمملكة العربية السعودية، الدولة المضيفة، التي سترأس القمة للعام الذي يلي انعقادها وما يشكله ذلك من قوة دفع وما يحمله أيضاً من عناصر إيجابية على أي عمل أو مبادرة عربية مشتركة تنتج عن القمة.

ثالثاً، السياسة الناشطة والمبادرة والبراغماتية التي تتبعها المملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي. سياسة تهدف كما تعمل على بناء نظام إقليمي مستقر وعلاقات دولية متنوعة ومتوازية ومتوازنة مع القوى الكبرى. علاقات تقوم على تحديد المصالح المشتركة في مجالات مختلفة. أبرز ما دل ويدل على ذلك التطور الكبير الذي شهدته العلاقات السعودية الصينية، وكذلك السعودية الروسية، دون أن يعني أن هذه العلاقات تقوم على حساب العلاقات التاريخية السعودية الأميركية أو السعودية الغربية. فالتعاون ليس شعاراً، بل هو مضامين يجري تعريفها وتحديدها والبناء عليها بين الأطراف المعنية.

نعيش في لحظة تشهد الكثير من التحديات المشتركة في تداعياتها على الأقل على الأمن والاستقرار الإقليمي؛ من القضية الفلسطينية التي تعيش أعلى درجات التوتر المفتوح على كافة الاحتمالات مع السياسة الإسرائيلية الحالية، سياسة اليمين الديني المتشدد، في رؤيتها وسلوكها على الأرض الهادف إلى بناء دولة إسرائيل «من النهر إلى البحر»، وعدم الاعتراف أساساً بوجود شعب فلسطيني له حقوق وطنية شرعية معترف بها دولياً. تحدٍ أو حريق آخر شكلته حرب السودان الجاذبة لصراعات النفوذ في المنطقة، التي تهدد بالتحول إلى حرب استنزاف ممتدة تحمل تداعيات على محيطها القريب أسوة بما هو حاصل في ليبيا، إلى استمرار الانسداد في الأزمة الليبية رغم بعض البوادر الإيجابية الخجولة. وبالطبع تبقى عملية التوصل إلى تسوية كاملة للأزمة اليمنية وإقفال هذا الملف أمراً أكثر من ضروري، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالجهد المطلوب في ظل المستجدات الإيجابية الحاصلة لتسوية «المسألة السورية»، وإقامة الاستقرار والسلام بعد إنهاء الصراع في سوريا وحول سوريا بحروبه المختلفة. يساعد على ذلك كله المناخ الإيجابي الجديد الذي أوجدته مسارات التطبيع الحاصلة.

نتطلع لأن تبلور القمة خطة عمل وخريطة طريق لتعزيز التفاهمات، التي تجري بسرعات مختلفة بسبب خاصية كل مسار من مسار التفاهمات هذه، ومن خلال إسنادها إلى أسس وقواعد تنظم العلاقات بين دول المنطقة. يأتي ذلك من خلال بلورة تفاهم عربي أولاً في القمة ينتج مبادرة عربية تتجه نحو كل من تركيا وإيران لتعزيز المسار التطبيعي الإقليمي بأبعاده المختلفة والبناء على نتائجه بغية إقامة نظام إقليمي جديد من حيث المبادئ والقواعد التي يجب أن تحكم وتنظم العلاقات «الجديدة» في الإقليم.

نتطلع أيضاً لأن تبلور القمة المقبلة استراتيجية تحرك على الصعيد الدولي وتجاه الأطراف الدولية الفاعلة والمؤثرة لوقف السياسة الإسرائيلية الحالية أولاً، والهادفة للإلغاء الكلي لأسس السلام المطلوب والقائم على حل الدولتين. استراتيجية تحرك يجب أن تعمل ثانياً على إعادة إحياء، ولو تدريجي، لعملية التسوية السلمية المعروفة أسسها وأركانها لمنع حدوث الانفجار الكبير الذي يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة وبالتالي مصالح الجميع.

وعلى صعيد آخر، شكل انكشاف العالم العربي، مع أزمة أوكرانيا، على مخاطر الأمن الغذائي صدمة لها إيجابيتها. لقد حان الوقت لأن نفكر باستراتيجية اقتصادية إنتاجية تكاملية، خصوصاً في مجال الزراعة والتصنيع الزراعي. تشارك في هذه الاستراتيجية مختلف الدول العربية التي تمتلك العناصر المختلفة من أرض صالحة إلى قدرات مادية وفنية للاستثمار المنتج. إن التعاون الاقتصادي التكاملي والتدريجي في مختلف القطاعات يبقى مصلحة استراتيجية لكافة دولنا وشعوبنا، إذ يعزز الأمن الوطني لدولنا. ولا بد من التذكير بأن مختلف تجارب التعاون الإقليمي في هذا المجال في العالم تحمل الكثير من الدروس والعبر الإيجابية لبلداننا.

أرى أن تشكل القمة المقبلة موعداً لحوار نقدي، للاستفادة من تجارب الماضي، حول إعادة تأسيس التعاون العربي العربي على قواعد ومصالح واقعية وموضوعية بعيداً عن الشعارات والعناوين الكبرى التي عادة ما ينتهي مفعولها بانتهاء الاجتماع الذي صدرت عنه. فالتعاون المتعدد الأوجه والأبعاد والقائم على المصالح المشتركة والمتكاملة بين أعضاء الأسرة العربية أمر أكثر من ضروري للجميع.

ولا بد أن نكون على مستوى هذا التحدي لبناء مستقبل عربي واعد يقوم على التعاون واحترام التنوع وإدارة الاختلاف متى كان موجوداً وذلك لمصلحة الجميع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحديات ومهام أمام القمة العربية المقبلة تحديات ومهام أمام القمة العربية المقبلة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:26 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد سعد يعلّق على لقائه بويل سميث وابنه
  مصر اليوم - أحمد سعد يعلّق على لقائه بويل سميث وابنه

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon