توقيت القاهرة المحلي 09:03:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تحديات ومهام أمام القمة العربية المقبلة

  مصر اليوم -

تحديات ومهام أمام القمة العربية المقبلة

بقلم - الدكتور ناصيف حتي

يأتي انعقاد القمة العربية، الأسبوع المقبل، في المملكة العربية السعودية، في لحظة جد مهمة، وأقول مفصلية، في تاريخ الإقليم الشرق أوسطي، للأسباب التالية، أولاً تأتي القمة في «اليوم التالي» لمسارات التفاهمات وتطبيع العلاقات التي انطلقت في المنطقة (السعودي الإيراني، السوري العربي، والسوري التركي، وقبل ذلك التركي العربي). تجري هذه بسرعات وأشكال وصيغ مختلفة تحدد نجاحها عوامل متعددة منها ما تحتله هذه التفاهمات من أولوية عند الأطراف المعنية وما تواجهه من تحديات في البيئة الإقليمية، ومن ترابط وتشابك مباشر وغير مباشر بين مختلف هذه التحديات في الإقليم الشرق أوسطي.

ثانياً، الثقل الإقليمي والدولي للمملكة العربية السعودية، الدولة المضيفة، التي سترأس القمة للعام الذي يلي انعقادها وما يشكله ذلك من قوة دفع وما يحمله أيضاً من عناصر إيجابية على أي عمل أو مبادرة عربية مشتركة تنتج عن القمة.

ثالثاً، السياسة الناشطة والمبادرة والبراغماتية التي تتبعها المملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي. سياسة تهدف كما تعمل على بناء نظام إقليمي مستقر وعلاقات دولية متنوعة ومتوازية ومتوازنة مع القوى الكبرى. علاقات تقوم على تحديد المصالح المشتركة في مجالات مختلفة. أبرز ما دل ويدل على ذلك التطور الكبير الذي شهدته العلاقات السعودية الصينية، وكذلك السعودية الروسية، دون أن يعني أن هذه العلاقات تقوم على حساب العلاقات التاريخية السعودية الأميركية أو السعودية الغربية. فالتعاون ليس شعاراً، بل هو مضامين يجري تعريفها وتحديدها والبناء عليها بين الأطراف المعنية.

نعيش في لحظة تشهد الكثير من التحديات المشتركة في تداعياتها على الأقل على الأمن والاستقرار الإقليمي؛ من القضية الفلسطينية التي تعيش أعلى درجات التوتر المفتوح على كافة الاحتمالات مع السياسة الإسرائيلية الحالية، سياسة اليمين الديني المتشدد، في رؤيتها وسلوكها على الأرض الهادف إلى بناء دولة إسرائيل «من النهر إلى البحر»، وعدم الاعتراف أساساً بوجود شعب فلسطيني له حقوق وطنية شرعية معترف بها دولياً. تحدٍ أو حريق آخر شكلته حرب السودان الجاذبة لصراعات النفوذ في المنطقة، التي تهدد بالتحول إلى حرب استنزاف ممتدة تحمل تداعيات على محيطها القريب أسوة بما هو حاصل في ليبيا، إلى استمرار الانسداد في الأزمة الليبية رغم بعض البوادر الإيجابية الخجولة. وبالطبع تبقى عملية التوصل إلى تسوية كاملة للأزمة اليمنية وإقفال هذا الملف أمراً أكثر من ضروري، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالجهد المطلوب في ظل المستجدات الإيجابية الحاصلة لتسوية «المسألة السورية»، وإقامة الاستقرار والسلام بعد إنهاء الصراع في سوريا وحول سوريا بحروبه المختلفة. يساعد على ذلك كله المناخ الإيجابي الجديد الذي أوجدته مسارات التطبيع الحاصلة.

نتطلع لأن تبلور القمة خطة عمل وخريطة طريق لتعزيز التفاهمات، التي تجري بسرعات مختلفة بسبب خاصية كل مسار من مسار التفاهمات هذه، ومن خلال إسنادها إلى أسس وقواعد تنظم العلاقات بين دول المنطقة. يأتي ذلك من خلال بلورة تفاهم عربي أولاً في القمة ينتج مبادرة عربية تتجه نحو كل من تركيا وإيران لتعزيز المسار التطبيعي الإقليمي بأبعاده المختلفة والبناء على نتائجه بغية إقامة نظام إقليمي جديد من حيث المبادئ والقواعد التي يجب أن تحكم وتنظم العلاقات «الجديدة» في الإقليم.

نتطلع أيضاً لأن تبلور القمة المقبلة استراتيجية تحرك على الصعيد الدولي وتجاه الأطراف الدولية الفاعلة والمؤثرة لوقف السياسة الإسرائيلية الحالية أولاً، والهادفة للإلغاء الكلي لأسس السلام المطلوب والقائم على حل الدولتين. استراتيجية تحرك يجب أن تعمل ثانياً على إعادة إحياء، ولو تدريجي، لعملية التسوية السلمية المعروفة أسسها وأركانها لمنع حدوث الانفجار الكبير الذي يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة وبالتالي مصالح الجميع.

وعلى صعيد آخر، شكل انكشاف العالم العربي، مع أزمة أوكرانيا، على مخاطر الأمن الغذائي صدمة لها إيجابيتها. لقد حان الوقت لأن نفكر باستراتيجية اقتصادية إنتاجية تكاملية، خصوصاً في مجال الزراعة والتصنيع الزراعي. تشارك في هذه الاستراتيجية مختلف الدول العربية التي تمتلك العناصر المختلفة من أرض صالحة إلى قدرات مادية وفنية للاستثمار المنتج. إن التعاون الاقتصادي التكاملي والتدريجي في مختلف القطاعات يبقى مصلحة استراتيجية لكافة دولنا وشعوبنا، إذ يعزز الأمن الوطني لدولنا. ولا بد من التذكير بأن مختلف تجارب التعاون الإقليمي في هذا المجال في العالم تحمل الكثير من الدروس والعبر الإيجابية لبلداننا.

أرى أن تشكل القمة المقبلة موعداً لحوار نقدي، للاستفادة من تجارب الماضي، حول إعادة تأسيس التعاون العربي العربي على قواعد ومصالح واقعية وموضوعية بعيداً عن الشعارات والعناوين الكبرى التي عادة ما ينتهي مفعولها بانتهاء الاجتماع الذي صدرت عنه. فالتعاون المتعدد الأوجه والأبعاد والقائم على المصالح المشتركة والمتكاملة بين أعضاء الأسرة العربية أمر أكثر من ضروري للجميع.

ولا بد أن نكون على مستوى هذا التحدي لبناء مستقبل عربي واعد يقوم على التعاون واحترام التنوع وإدارة الاختلاف متى كان موجوداً وذلك لمصلحة الجميع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحديات ومهام أمام القمة العربية المقبلة تحديات ومهام أمام القمة العربية المقبلة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon