توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الذكرى الـ33 لاتفاق الطائف: لبنان إلى أين؟

  مصر اليوم -

الذكرى الـ33 لاتفاق الطائف لبنان إلى أين

بقلم - الدكتور ناصيف حتي

تأتى الذكرى الـ٣٣ لولادة اتفاق الطائف فى خضم أزمة سياسية يعيشها لبنان انعكست فى عدم التوصل إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية التى انتهت فى ٣١ أكتوبر ودخول لبنان فى فراغ رئاسى لا يدرى أحد متى يتم الخروج منه؟. يأتى ذلك ولبنان يعيش فى أسوأ الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية بتداعياتها الخطيرة والمختلفة على الاستقرار المجتمعى وعلى مستقبل الوطن. فراغ رئاسى وحكومة مستقيلة فى وقت لبنان بأمس الحاجة فيه إلى إعادة إنتاج سلطة تطلق وترعى وتقود عملية الإصلاح الشامل المطلوب والمترابط الأبعاد، من المالى إلى الاقتصادى إلى السياسى، لإنقاذ «المركب اللبنانى» من الغرق.
حمل اتفاق الطائف مهمتين: أولا إنهاء الحرب التى انفجرت عام ١٩٧٥ (الحروب اللبنانية وحروب الآخرين عبر لبنان واللبنانيين) عبر تسوية شاملة قامت على تفاهم خارجى (عربى) مدعوما دوليا وفر الغطاء والدعم ودفع وشجع لا بل سهل عملية التوصل إلى الاتفاق أو العقد الوطنى الجديد الذى جاء ليعكس المعطيات الداخلية المختلفة التى استقرت مع الوقت بعد عقود أربعة ونيف من الاستقلال.
طوى الاتفاق صفحة الحرب من جهة؛ حرب الهويات المتقاتلة فى الداخل التى تتغذى على الصراعات الاستراتيجية فى الإقليم. وكان هذا إنجازا كبيرا بحد ذاته من جهة كما أنه فتح صفحة جديدة لتطوير النظام من جهة أخرى.
ثانيا، نص الاتفاق على مجالات مهمة وضرورية للإصلاح منها النزع التدريجى للطائفية دون التخلص منها كليا (العمل على انتخاب مجلس نيابى على أساس وطنى لا طائفى واستحداث مجلس للشيوخ تتمثل فيه جميع العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته فى الأمور المصيرية) بسبب الواقع اللبنانى. لكن لا يعنى ذلك إقفال الباب رسميا أمام المعالجة الجذرية لهذا المرض الذى يفتك دائما بالجسم المجتمعى والسياسى فى لبنان فى مختلف مجالات الحياة الوطنية والذى بقدر ما إن التخلص منه ليس بالأمر المستحيل ولكن دونه الكثير من الصعوبات والعوائق. الأمر الذى يستدعى اللجوء إلى مسار تدرجى. كما أن اتفاق الطائف أكد على أهمية اللامركزية الإدارية وهى مدخل أساسى للإصلاح وللتنمية المناطقية بكل أوجهها.
وحسم الاتفاق أيضا جدل الهوية والانتماء: لبنان دولة عربية ملتزمة بمواثيق جامعة الدول العربية دون تحميل هذا الانتماء أى مفهوم عقائدى أو سياسى أيا كان عنوان ذلك المفهوم فى لحظة معينة فى الإقليم بحيث يجرى توظيفه فى صراعات اللبنانيين والآخرين. الصراعات التى تخدم مصالح دول أخرى على حساب لبنان، فالمطلوب التخلص من دور الملعب لصراعات الآخرين أو صندوق بريد لتبادل الرسائل فى صراعات وخلافات الآخرين.
المطلوب الخروج من لعبة الكراسى الموسيقية للمذهبيات السياسية حول من يمسك بالفعل بالسلطة فى مرحلة معينة أو تحديدا من هو الأول بالفعل بين متساوين بالقانون. الطائف وفر الصيغة التى تسمح بالانتقال نحو ما أشرنا إليه من النزع التدريجى للطائفية. مسار ليس بالسهل ودونه الكثير من العوائق، ولكنه بالممكن والأهم بالضرورى للذهاب نحو بناء الدولة الوطنية وليس دولة تقوم بالفعل على فدرالية طوائفية، كل من أطرافها يملك قدرة ممارسة حق الفيتو دفاعا عن المصالح التى يدافع عنها والتى عادة ما تتغطى أو تغطى بمصلحة الطائفة أو المذهب. وحدها عملية بناء الدولة المدنية فى لبنان؛ دولة التنوع الطائفى والمذهبى فى إطار الوحدة الوطنية. التنوع الذى يغنى ويعزز الوحدة، والوحدة التى تشكل حاضنة للتنوع.
لبنان اليوم أمام مفترق طرق. هل نبقى فى سياسة التسويات الظرفية والهشة والتى تعكس توازنات لحظة معينة فى الداخل وفى الإقليم أم ننخرط فى مسار إصلاحى/إنقاذى طويل أكثر من ضرورى، وليس بالسهل ولكنه ليس بالمستحيل؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الذكرى الـ33 لاتفاق الطائف لبنان إلى أين الذكرى الـ33 لاتفاق الطائف لبنان إلى أين



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon