توقيت القاهرة المحلي 08:50:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الانتخابات الإسرائيلية.. انتفاضة فلسطينية على الطريق

  مصر اليوم -

الانتخابات الإسرائيلية انتفاضة فلسطينية على الطريق

بقلم - الدكتور ناصيف حتي

الانتخابات الإسرائيلية الخامسة خلال السنوات الأربع الأخيرة، إن دلت على شىء، فإنها تشير إلى وجود أزمة سياسية كبيرة فى النظام الحزبى الإسرائيلى: من أهم سمات هذه الأزمة تعدد الأحزاب بعد التراجع المدوى لحزب العمل الذى حكم لسنوات عديدة، فى إطار سقوط اليسار، وكذلك تراجع قوة حزب الليكود اليمينى ولو بشكل أقل من حزب العمل. الحزب الذى كان له أيضا وجود طويل فى السلطة، وذلك لمصلحة صعود قوى للأحزاب الدينية المتشددة. أدى ذلك كله إلى حالة عدم الاستقرار السياسى هذه.

ويرى أكثر من مراقب أن الحكومة التى سيشكلها بنيامين نتنياهو قد لا تعمر طويلا أسوة بسابقاتها. سمتان أساسيتان طبعتا الانتخابات هذه المرة: أولا نسبة المشاركة التى زادت على ٧١ بالمائة وهى الأعلى منذ عام ١٩٩٩. ويدل ذلك على حالة الاستنهاض السياسى عند اليمين الدينى، وثانيا الفوز المدوى لهذا اليمين الدينى المتطرف على حساب اليمين السياسى التقليدى. وللتذكير فإن التحالف الرباعى الذى فاز بـ ٦٤ مقعدا وسمح لنتنياهو بأن يكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، ضم إلى جانب تكتل الليكود الذى يرأسه نتنياهو ثلاثة أحزاب دينية متشددة. فيما فاز اليمين التقليدى الذى شكل الحكومة السابقة (بشكل خاص تحالف رئيس الوزراء السابق لبيد ومعه شريكه فى السلطة بينى جانتس) بـ ٥١ مقعدا. والباقى ذهب إلى أحزاب صغيرة. نتنياهو وجد نفسه أمام مأزق كأن يصبح أسيرا لليمين الدينى المتشدد. لذلك حاول منذ اليوم الأول، إقامة حكومة وحدة وطنية مع لبيد وجانتس. الأمر الذى رفضه الأخيران. هذا الوضع سيدفعه لتشكيل حكومة من التحالف الفائز وهو ما سيضطره لمنح حقيبة الأمن الداخلى إلى إيتمار بن غفير أحد أبرز الرموز الكاهانية (نسبة إلى مائير كاهانا الحاخام الذى يعتبر رمزا للتطرف الدينى فى إسرائيل) كذلك قد يضطر إلى منح وزارة الدفاع لحليف انتخابى آخر وأحد رموز التطرف الشديد بتسلئيل سموتريتش. حكومة من هذا النوع سيكون عنوانها الفعلى المزيد من الاستيطان وشن الحروب ضد الشعب الفلسطينى فى المناطق المحتلة وشرعنة الاحتلال عبر قرارات مختلفة تتخذ فى الكنيست (ضم مناطق جديدة من الضفة الغربية إلى إسرائيل). وفى هذا السياق بدأت إسرائيل بالعمل فى فترة حكومة لبيد على إطلاق مشروع إقامة متنزه استيطانى يربط القدس بالبحر الميت على نحو مليون دونم من الأرض. سيسرع هذا المشروع، فيما لو تم تنفيذه، فى قتل أى إمكانية مستقبلية لإقامة الدولة الفلسطينية فى الضفة الغربية وقطاع غزة، إذ سيؤدى إلى فصل شمال الضفة الغربية ووسطها عن جنوبها كليا.

تنشيط سياسة الاستيطان وتقطيع أوصال الضفة الغربية وتزايد النشاط الهادف إلى تهويد القدس وكذلك الاعتداءات على المسجد الأقصى باسم الأصولية اليهودية وإسقاط أو إلغاء العناصر الرئيسية على الأرض التى يفترض أن تشكل مداميك بناء الدولة الفلسطينية مستقبلا حسب القرارات الدولية ذات الصلة، كلها عناصر تهدف إلى إلغاء أسس الحل السلمى العادل والشامل والواقعى والقائم على الدولتين اللتين تعيشان جنبا إلى جنب (دولتى إسرائيل وفلسطين) والعودة بالنزاع إلى نقطة البداية. نزاع يقوم من طرف إسرائيل باسم الأصولية الدينية أو القومية على العمل على إلغاء الآخر فى هويته وخصوصيته وحقه ككل شعوب العالم فى التعبير، عبر قيام الدولة المستقلة، عن هذا الحق الوطنى.

الاستناد إلى موازين القوى القائمة فى لحظة معينة على الأرض وإلى عقائد دينية ودنيوية تحرم أو تنكر للآخر حقه فى الوجود وفى الحياة كجماعة وطنية، وتستفيد من لحظة دولية وإقليمية سمحت أو ساهمت، لوجود أولويات أخرى ضاغطة، بوضع هذه المسألة على «الرف» لن تنهى هذه المسألة كما علمنا التاريخ. والمعروف من دروس مشابهة فى التاريخ أن هذا النكران والتجاهل لا بد أن يؤدى إلى مزيد من التعقيدات الحاملة لكل أنواع التوترات والحروب والصراعات المختلفة الدرجات والأحجام أيا كان حجم مسرحها. هذا التغييب الذى هو نتيجة التهميش الإقليمى والدولى من جهة وسياسة الإلغاء الإسرائيلية وغياب ميزان قوى ضاغط على الأرض من جهة أخرى كلها عناصر أجلت الانفجار ولكنها لم تلغِ مسبباته مما يعنى أن انتفاضة فلسطينية ثالثة قد تولد فى أى لحظة فى القريب.

كلمة أخيرة: إن أى طرف معنى بقيام استقرار إقليمى بشكل قوى، واحتواء جميع مصادر التوتر التى توظف فى صراعات المنطقة، عليه الانخراط الفعلى وبالتالى الفعال فى إعادة إحياء عملية السلام ولو بشكل تدرجى، مع إعادة التذكير أن الوقت لا يعمل لمصلحة السلام الفعلى كما أشرنا سابقا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتخابات الإسرائيلية انتفاضة فلسطينية على الطريق الانتخابات الإسرائيلية انتفاضة فلسطينية على الطريق



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon