توقيت القاهرة المحلي 00:09:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحُلولُ الجُزئيةُ تَعني المَزيدَ مِنَ الحُروبِ مُستَقبَلًا

  مصر اليوم -

الحُلولُ الجُزئيةُ تَعني المَزيدَ مِنَ الحُروبِ مُستَقبَلًا

الدكتور ناصيف حتّي
بقلم : ناصيف حتّي *

الأسئلةُ والتساؤلاتُ ذاتها ما زالت مطروحةً عندَ كافةِ المَعنيين، من أطرافٍ وقوى دولية وإقليمية، في ما يتعلّقُ بمسارِ التطوُّراتِ والسيناريواتِ المُحتَملة بعدَ عشرةِ شهورٍ ونيِّفٍ من حربِ غزّة، التي تبدو أنها مفتوحةٌ في الزمانِ ولو أنها حتى الآن مُحاصَرةٌ نسبيًا في المكان. سيناريواتٌ تتراوَحُ بين هُدَنٍ مُتقطِّعةٍ ووَقفٍ هشٍّ للقتال، وحَربِ استنزافٍ مُمتدّة أو الذهاب نحوَ حربٍ إقليميةٍ واسعة النطاق ومفتوحة. وإذا كانت الأطرافُ الدولية المؤثِّرة، وفي طليعتها الولايات المتحدة، قادرةً على لَجمِ إسرائيل من استراتيجيةِ توريطِ واشنطن وقوى أُخرى في حربٍ إقليمية تبقى تداعياتها خطيرة ومجهولة سواءَ على أهل الإقليم، أو على الأطرافِ الدولية ذات المصالحِ الحيوية في الإقليم، فإنَّ الأطرافَ الدولية، أو الأطراف الوسيطة بصِيَغٍ مختلفة من دور الوسيط، غير قادرةِ على إيقافِ الحروب الصغيرة في مساحتها، القائمة والمُترابطة بأشكالٍ مختلفة بين ساحاتها. الحروبُ التي تَشهَدُ تغييرًا، أو إسقاطًا تدريجيًا  للعديد من الخطوطِ الحُمر في قواعد اللعبة التي كانت ناظمةً لإدارةِ الصراعِ على الأرض قبل حرب غزة.

أعلنت واشنطن بعد اجتماعِ الدوحة يومَي الخميس والجمعة الماضيين عن بدايةِ رَدمِ الفجوات أو تضييقها. نفحةُ التفاؤل هذه تُراهِنُ على نجاحِ الحراكِ الديبلوماسي الذي انطلقَ مُباشرةً غداة الدوحة ومع وصول وزير الخارجية الأميركى أنتوني بلينكِن إلى إسرائيل الأحد في عمليةِ التحضير لاجتماعِ القاهرة هذا الأسبوع استكمالًا لاجتماِع الدوحة. هناكَ رهانٌ أميركي على النجاح في دفع إسرائيل للتخلّي عن شرطَين لتكريسِ سيطرتها الأمنية والعسكرية الكُلِّية على القطاع. الأوّلُ يتعلّقُ بمَعبَرِ رفح ومحور فيلادلفيا للإمساكِ بالحدود الفلسطينية (غزة) مع مصر. والثاني يتعلّق بالسيطرة على ممرِّ نتساريم، أو شطر غزة إلى قسمَين، الأمرُ الذي يعني السيطرة على الانتقال  بين شمال غزة وجنوبها. رهانٌ يبقى من الصعب أو شبه المستحيل الدفع بحكومة نتنياهو للقبول به إذا لم تَكُن هناك ضغوطات دولية فاعلة وأُخرى على الارض، تُعزّزُ كلٌّ منهما الأُخرى، تفرضُ على إسرائيل القبول بذلك. وبالطبع فإنَّ هذه الشروط الإسرائيلية لا يُمكِنُ للقوى الفلسطينية، وكذلك العربية المَعنية، أو المُنخَرِطة بأشكالٍ مختلفة في التفاوض، القبول بها.

ما يُبعِدُ أيضًا احتمال النجاح في التوصُّلِ إلى هُدنةٍ فعليةٍ كخطوةٍ أولى هو التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية من خلالِ زيادةِ النشاط الاستيطاني لتقطيعِ أوصالِ الضفة الغربية وخَلقِ ظروفٍ ضاغطةٍ وطاردةٍ لأبنائها، إلى جانبِ “سياسةِ” الاعتداءاتِ المُتكرّرة للمستوطنين على المواطنين الفلسطينيين لدفعهم للهجرة القسرية. ويأتي اقتحامُ باحات المسجد الأقصى الثلاثاء الماضي في “ذكرى خراب الهيكل” كمؤشِّرٍ آخر إلى استكمالِ سياسةِ التهويد للضفة الغربية. سياسةٌ تُهيِّئُ، من دون شكّ، لصدامٍ كبيرٍ مُقبلٍ يزيدُ من تعقيداتِ “سياسة الهُدَن” المطروحة، ويكشُفُ هشاشةَ هذه الأخيرة. أضِف أنَّ إسرائيل تَعتَبِرُ أنَّ ملفَّ “أمن شمال إسرائيل” مُنفَصِلٌ كُلِّيًا عن مسألة غزّة، وأنَّ التوصُّلَ إلى اتفاقٍ، في ما لو حصل ذلك، حولَ غزّة لا يعني القبول بالعودة إلى الوَضعِ الذي كان قائمًا من قبل على الجبهة اللبنانية. فمقابل استراتيجية “وحدة الساحات” تنطلقُ إسرائيل من استراتيجية الفصل بين “الساحتين” الفلسطينية واللبنانية. صحيحٌ أنَّ التوصُّلَ إلى هُدنةٍ على الجبهة الفلسطينية، رُغمَ صعوبةِ ذلك كما أشرنا، يُساهِمُ في تخفيضِ الصراعِ على الجبهة اللبنانية، لكنه لا يوقِفُ الصراعَ حسب المفهوم الإسرائيلي. يُطالِبُ لبنان بالتطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن ١٧٠١، ولكن الواقع على الأرض والمُعطَيات القائمة والناظمة للصراع يجعلان من الصعبِ التطبيقِ الكُلّي لهذا القرار ضمن أفقٍ زمنيٍّ معقول. إنَّ ما يُمكِنُ التوصُّل إليه، في ما لو تمَّ التوصُّلُ إلى هُدنةٍ مُطوَّلةٍ تحت عنوان وقف إطلاق نارٍ هشّ على جبهة غزة، تفاهمٌ جديد غير مكتوب يُنظّمهُ ويَضمنهُ “الطرف الثالث” لإدارة الوَضعِ القائم الجديد على الحدود الجنوبية للبنان، أسوةً بما كان قائمًا من قبل.

حانَ الوقتُ تلافيًا لإبقاءِ الصراعِ مفتوحًا وعُرضةً لكافةِ أنواعِ التصعيدِ ذات المخاطر المختلفة على الإقليم كَكُل أن تذهب القوى الدولية الفاعلة من خلال مجلس الأمن الدولي لفَرضِ، نعم لفَرضِ، وَقفٍ شاملٍ لإطلاقِ النار في الحرب الدائرة: الحربُ المُتشابكة جبهاتها والقابلة للتوسّع عموديًا، كما نشهد، وكذلك أفقيًا، والقابلة للتوظيف في لعبة القوى في الإقليم، والتي تحملُ مخاطرَ جمّة على الأمن والسلم الإقليميين. الوقفُ الشامل وغير المشروط لإطلاق النار شرطٌ ضروري وغير كافٍ بالطبع إذ يُفتَرَضُ بعد ذلك التحرُّك الدولي الفاعل لإطلاقِ مسارِ السلام الشامل والدائم والمبني على القرارات الدولية المَعنية والمعروفة، وعلى حلِّ الدولتَين. أمرٌ دونه الكثير من الصعاب ولكنه الوحيد، إذا ما تمَّ تحقيقهُ، يمكن أن يُوَفّرَ الأمنَ والسلمَ والاستقرارَ في جغرافيا استراتيجية أساسية في المنطقة.

*ناصيف حتّي وزير خارجية لبنان السابق

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحُلولُ الجُزئيةُ تَعني المَزيدَ مِنَ الحُروبِ مُستَقبَلًا الحُلولُ الجُزئيةُ تَعني المَزيدَ مِنَ الحُروبِ مُستَقبَلًا



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:38 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

إطلالات مختلفة تناسب قصيرات القامة من وحي منى زكي
  مصر اليوم - إطلالات مختلفة تناسب قصيرات القامة من وحي منى زكي

GMT 23:07 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

أحمد رزق يتعاقد على مسلسل «سيد الناس» رمضان 2025
  مصر اليوم - أحمد رزق يتعاقد على مسلسل «سيد الناس» رمضان 2025

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

دار Blancheur تعلن عن عرض مميز لأزياء المحجبات في لندن

GMT 10:03 2020 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة عمل الفاصوليا البيضاء

GMT 04:45 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الأمن المصري يكشف حقيقة اختطاف فتاة في منطقة "المعادي"

GMT 10:07 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

الصحة: تسجيل 106 إصابات جديدة بـ كورونا و12 وفاة

GMT 11:56 2020 الخميس ,13 آب / أغسطس

7 أشكال غريبة لرفوف الكتب تعرفي عليها

GMT 17:04 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

مستشار الرئاسة التركية ياسين أقطاي يوجه رسالة إلى مصر

GMT 08:00 2019 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سيات أتيكا 2020 في مصر رسميًا

GMT 03:29 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

داليا مصطفى تتعرَّض لعملية نصب وتُحذِّر الفنانين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon