توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحُلولُ الجُزئيةُ تَعني المَزيدَ مِنَ الحُروبِ مُستَقبَلًا

  مصر اليوم -

الحُلولُ الجُزئيةُ تَعني المَزيدَ مِنَ الحُروبِ مُستَقبَلًا

الدكتور ناصيف حتّي
بقلم : ناصيف حتّي *

الأسئلةُ والتساؤلاتُ ذاتها ما زالت مطروحةً عندَ كافةِ المَعنيين، من أطرافٍ وقوى دولية وإقليمية، في ما يتعلّقُ بمسارِ التطوُّراتِ والسيناريواتِ المُحتَملة بعدَ عشرةِ شهورٍ ونيِّفٍ من حربِ غزّة، التي تبدو أنها مفتوحةٌ في الزمانِ ولو أنها حتى الآن مُحاصَرةٌ نسبيًا في المكان. سيناريواتٌ تتراوَحُ بين هُدَنٍ مُتقطِّعةٍ ووَقفٍ هشٍّ للقتال، وحَربِ استنزافٍ مُمتدّة أو الذهاب نحوَ حربٍ إقليميةٍ واسعة النطاق ومفتوحة. وإذا كانت الأطرافُ الدولية المؤثِّرة، وفي طليعتها الولايات المتحدة، قادرةً على لَجمِ إسرائيل من استراتيجيةِ توريطِ واشنطن وقوى أُخرى في حربٍ إقليمية تبقى تداعياتها خطيرة ومجهولة سواءَ على أهل الإقليم، أو على الأطرافِ الدولية ذات المصالحِ الحيوية في الإقليم، فإنَّ الأطرافَ الدولية، أو الأطراف الوسيطة بصِيَغٍ مختلفة من دور الوسيط، غير قادرةِ على إيقافِ الحروب الصغيرة في مساحتها، القائمة والمُترابطة بأشكالٍ مختلفة بين ساحاتها. الحروبُ التي تَشهَدُ تغييرًا، أو إسقاطًا تدريجيًا  للعديد من الخطوطِ الحُمر في قواعد اللعبة التي كانت ناظمةً لإدارةِ الصراعِ على الأرض قبل حرب غزة.

أعلنت واشنطن بعد اجتماعِ الدوحة يومَي الخميس والجمعة الماضيين عن بدايةِ رَدمِ الفجوات أو تضييقها. نفحةُ التفاؤل هذه تُراهِنُ على نجاحِ الحراكِ الديبلوماسي الذي انطلقَ مُباشرةً غداة الدوحة ومع وصول وزير الخارجية الأميركى أنتوني بلينكِن إلى إسرائيل الأحد في عمليةِ التحضير لاجتماعِ القاهرة هذا الأسبوع استكمالًا لاجتماِع الدوحة. هناكَ رهانٌ أميركي على النجاح في دفع إسرائيل للتخلّي عن شرطَين لتكريسِ سيطرتها الأمنية والعسكرية الكُلِّية على القطاع. الأوّلُ يتعلّقُ بمَعبَرِ رفح ومحور فيلادلفيا للإمساكِ بالحدود الفلسطينية (غزة) مع مصر. والثاني يتعلّق بالسيطرة على ممرِّ نتساريم، أو شطر غزة إلى قسمَين، الأمرُ الذي يعني السيطرة على الانتقال  بين شمال غزة وجنوبها. رهانٌ يبقى من الصعب أو شبه المستحيل الدفع بحكومة نتنياهو للقبول به إذا لم تَكُن هناك ضغوطات دولية فاعلة وأُخرى على الارض، تُعزّزُ كلٌّ منهما الأُخرى، تفرضُ على إسرائيل القبول بذلك. وبالطبع فإنَّ هذه الشروط الإسرائيلية لا يُمكِنُ للقوى الفلسطينية، وكذلك العربية المَعنية، أو المُنخَرِطة بأشكالٍ مختلفة في التفاوض، القبول بها.

ما يُبعِدُ أيضًا احتمال النجاح في التوصُّلِ إلى هُدنةٍ فعليةٍ كخطوةٍ أولى هو التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية من خلالِ زيادةِ النشاط الاستيطاني لتقطيعِ أوصالِ الضفة الغربية وخَلقِ ظروفٍ ضاغطةٍ وطاردةٍ لأبنائها، إلى جانبِ “سياسةِ” الاعتداءاتِ المُتكرّرة للمستوطنين على المواطنين الفلسطينيين لدفعهم للهجرة القسرية. ويأتي اقتحامُ باحات المسجد الأقصى الثلاثاء الماضي في “ذكرى خراب الهيكل” كمؤشِّرٍ آخر إلى استكمالِ سياسةِ التهويد للضفة الغربية. سياسةٌ تُهيِّئُ، من دون شكّ، لصدامٍ كبيرٍ مُقبلٍ يزيدُ من تعقيداتِ “سياسة الهُدَن” المطروحة، ويكشُفُ هشاشةَ هذه الأخيرة. أضِف أنَّ إسرائيل تَعتَبِرُ أنَّ ملفَّ “أمن شمال إسرائيل” مُنفَصِلٌ كُلِّيًا عن مسألة غزّة، وأنَّ التوصُّلَ إلى اتفاقٍ، في ما لو حصل ذلك، حولَ غزّة لا يعني القبول بالعودة إلى الوَضعِ الذي كان قائمًا من قبل على الجبهة اللبنانية. فمقابل استراتيجية “وحدة الساحات” تنطلقُ إسرائيل من استراتيجية الفصل بين “الساحتين” الفلسطينية واللبنانية. صحيحٌ أنَّ التوصُّلَ إلى هُدنةٍ على الجبهة الفلسطينية، رُغمَ صعوبةِ ذلك كما أشرنا، يُساهِمُ في تخفيضِ الصراعِ على الجبهة اللبنانية، لكنه لا يوقِفُ الصراعَ حسب المفهوم الإسرائيلي. يُطالِبُ لبنان بالتطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن ١٧٠١، ولكن الواقع على الأرض والمُعطَيات القائمة والناظمة للصراع يجعلان من الصعبِ التطبيقِ الكُلّي لهذا القرار ضمن أفقٍ زمنيٍّ معقول. إنَّ ما يُمكِنُ التوصُّل إليه، في ما لو تمَّ التوصُّلُ إلى هُدنةٍ مُطوَّلةٍ تحت عنوان وقف إطلاق نارٍ هشّ على جبهة غزة، تفاهمٌ جديد غير مكتوب يُنظّمهُ ويَضمنهُ “الطرف الثالث” لإدارة الوَضعِ القائم الجديد على الحدود الجنوبية للبنان، أسوةً بما كان قائمًا من قبل.

حانَ الوقتُ تلافيًا لإبقاءِ الصراعِ مفتوحًا وعُرضةً لكافةِ أنواعِ التصعيدِ ذات المخاطر المختلفة على الإقليم كَكُل أن تذهب القوى الدولية الفاعلة من خلال مجلس الأمن الدولي لفَرضِ، نعم لفَرضِ، وَقفٍ شاملٍ لإطلاقِ النار في الحرب الدائرة: الحربُ المُتشابكة جبهاتها والقابلة للتوسّع عموديًا، كما نشهد، وكذلك أفقيًا، والقابلة للتوظيف في لعبة القوى في الإقليم، والتي تحملُ مخاطرَ جمّة على الأمن والسلم الإقليميين. الوقفُ الشامل وغير المشروط لإطلاق النار شرطٌ ضروري وغير كافٍ بالطبع إذ يُفتَرَضُ بعد ذلك التحرُّك الدولي الفاعل لإطلاقِ مسارِ السلام الشامل والدائم والمبني على القرارات الدولية المَعنية والمعروفة، وعلى حلِّ الدولتَين. أمرٌ دونه الكثير من الصعاب ولكنه الوحيد، إذا ما تمَّ تحقيقهُ، يمكن أن يُوَفّرَ الأمنَ والسلمَ والاستقرارَ في جغرافيا استراتيجية أساسية في المنطقة.

*ناصيف حتّي وزير خارجية لبنان السابق

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحُلولُ الجُزئيةُ تَعني المَزيدَ مِنَ الحُروبِ مُستَقبَلًا الحُلولُ الجُزئيةُ تَعني المَزيدَ مِنَ الحُروبِ مُستَقبَلًا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon