توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان إلى أين؟

  مصر اليوم -

لبنان إلى أين

بقلم - الدكتور ناصيف حتي

حذّر الكثيرون من أن لبنان ذاهب نحو الانهيار الشامل، والتحول إلى «دولة فاشلة» مع السقوط التدريجي منذ سنوات للطبقة المتوسطة والازدياد الحاد في مستوى الفقر في لبنان وكذلك الفجوة الاجتماعية وأيضاً مختلف أوجه عدم المساواة. ويواكب ذلك غياب سياسات اجتماعية هي أكثر من ضرورية لحماية الطبقات الضعيفة. وكان صندوق النقد الدولي قد دعا بعد التوصل إلى ما يُعرف «باتفاق على مستوى الموظفين» مع السلطات اللبنانية إلى ضرورة «اعتماد إصلاحات تقوم على تعزيز الحوكمة والشفافية وإزالة المعوقات من أمام العمالة المولِّدة للنمو وزيادة الإنفاق الاجتماعي والاستثماري». وجاءت هذه ضمن مقترحات أخرى للخروج من النفق المظلم الذي دخله لبنان بسبب غياب السياسات المطلوبة منذ سنوات للإصلاح الهيكلي الشامل. والكل يدرك أن الأزمة المالية ترتبط أساساً بأزمة اقتصادية والحاجة إلى إصلاح المنظومة الاقتصادية والأمر ذاته بالنسبة للحاجة إلى الإصلاح السياسي في دولة تقوم في واقع الأمر أو في الممارسة على فيدرالية من المذهبيات السياسية التي تغذّي وتتغذى على الزبائنية، على حساب دولة المؤسسات؛ التي هي الشرط الضروري لتعزيز المناعة الوطنية وولوج باب التنمية الحقيقية الشاملة.
ويزيد من مخاطر سرعة الانهيار شلل السلطة في ظل الشغور الرئاسي، منذ ثلاث أسابيع، لا ندري متى الخروج منه، إلى جانب وجود حكومة تصريف أعمال، تتولى بالتالي مهام الحد الأدنى المطلوب.
مجمل السيناريوهات المطروحة تتحدث عن أن انتخاب الرئيس لن يكون في القريب العاجل بسبب لعبة الصراع التقليدي حول السلطة التي عادةً ما ترافقها رهانات خارجية كما كانت الحال دائماً في لبنان. وما يزيد من تعقيدات الأزمة واستمرار الفراغ الرئاسي عدم قدرة أيٍّ من طرفَي الصراع السياسي في لبنان على إنجاح مرشحه بسبب الحاجة إلى ثلثي أعضاء المجلس حضوراً لتأمين النصاب القانوني حتى في الدورة الثانية للاقتراع، الأمر شبه المستحيل أن يحصل بسبب توزيع القوى في المجلس النيابي. ومن المنتظر أن يدفع ذلك مع الوقت إلى انتخاب رئيس يعد وسطياً، أي مقبولاً من طرفي المعادلة السياسية وهو ليس بالأمر السهل ولكنه بالطبع ليس مستحيلاً، ومن الضروري حصوله في نهاية المطاف تلافياً للانهيار الكلّي. فلا يمكن من منطلق واقعي وضروري لأي طرف أن يحاول إخراج الآخر من المعادلة السياسية، بالضربة القاضية، عشية الانتخابات المطلوبة.
إن أي تفاهم خارجي، تفاهم الحد الأدنى الممكن لمنع السفينة اللبنانية من الغرق، لمصلحة حصول الانتخابات الرئاسية ووقف عملية السقوط المريع للبنان الذي سيدفع ثمنه الجميع إذا ما حصل أمر ضروري ولكنه غير كافٍ. فحتى يعود لبنان ليقف على رجليه من جديد، هنالك الحاجة إلى بلورة مشروع إصلاح هيكلي شامل. فسياسة المراهم لشراء الوقت لم تعد توفر الحلول المطلوبة للإنقاذ. المطلوب التفاهم على برنامج إصلاحي شامل يعكس الثلاثية التالية: توفر رؤية إصلاحية لبنان في أمسّ الحاجة إليها، وبرنامجاً إصلاحياً شاملاً يلتزم به مختلف المكونات السياسية أياً كانت اتجاهاتها وخلافاتها، وجدولاً زمنياً للتنفيذ. والمطلوب من جميع القوى الصديقة التي تود مساعدة لبنان أن تواكب مسار تنفيذ هذا المشروع. المطلوب أيضاً العمل على بلورة سياسة خارجية تعمل على تعزيز علاقات لبنان بأسرته العربية وكذلك تعزيز علاقاته الدولية ودوره الخارجي. سياسة تقوم على الابتعاد عن سياسة المحاور وتندرج فيما تُعرف بسياسة الحياد الإيجابي، وهو موقف سياسي، وليس وضعاً قانونياً كما تلتبس العملية بالنسبة للكثيرين. فلبنان دولة عربية ومن الدول المؤسسة لجامعة الدول العربية، ولا يمكن أن يكون محايداً في الصراع العربي - الإسرائيلي، بل عليه ما على الآخرين. ولا يحمل وزر أي صراع كأن يكون ساحة لصراع الآخرين أو باسم آخرين. وعلى لبنان إذا ما أراد تعزيز أمنه الوطني بسبب تأثره بقضايا المنطقة، أن يلعب دور الإطفائي أو الوسيط أو المسهل لتسوية الخلافات بين الدول الشقيقة والصديقة في الإقليم مما يعزز من أمنه الوطني. ويكون ذلك بالدعوة والمبادرة والعمل على تسوية الخلافات في الإقليم بغية إدارة العلاقات على أساس القوانين والأعراف الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. فسياسة خارجية تقوم على هذه المبادئ والأعراف والأسس تشكل وعاءً حامياً وحاضناً للاستقرار والازدهار الوطني.
المطلوب تشكيل سلطة في أسرع وقت ممكن من رئيس وحكومة تلتزم بهذا المشروع الإنقاذي الشامل الذي يفترض أن يشكل مرجعية وخريطة مستقبلية للعمل الوطني. مشروع يفترض البناء عليه متى قام وتعزيزه، مع الحكومات اللاحقة لأنه يوفر المناعة الوطنية للبنان؛ التي هي شرط الاستقرار والازدهار. المسؤولية لبنانية أساساً، فهل نكون على مستوى هذا التحدي لإنقاذ المركب اللبناني من الغرق كما نادينا دائماً؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان إلى أين لبنان إلى أين



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon