توقيت القاهرة المحلي 11:54:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القمة الروسية ــ الأفريقية: تحديات مستقبلية

  مصر اليوم -

القمة الروسية ــ الأفريقية تحديات مستقبلية

بقلم - الدكتور ناصيف حتي

انعقدت القمة الروسية - الأفريقية الثانية ما بين 27 و28 يوليو (تموز) في موسكو، بعد القمة الأولى التي انعقدت في سوتشي عام 2019. تهدف دبلوماسية القمة، كما في حالات دولية مشابهة إلى إطلاق وتعزيز مسار استراتيجي للتعاون متعدد الأبعاد بين الطرفين. الأمر الذي يشكل نقلة نوعية في هذه العلاقات مع ما يفترض أن تحمله من نتائج أيضاً على بنية النظام الدولي وعلى العلاقات بين القوى الكبرى والتجمعات الإقليمية المختلفة.

إلى جانب الدعوة لتطوير وتعزيز العلاقات كما هي عادة بيانات القمم الدولية المختلفة، أياً كانت أطرافها والعبرة بالطبع بتحويل القرارات والدعوات إلى سياسات فعلية، أكدت القمة انعقادها الدوري (مرة كل ثلاث سنوات) مما يعطي بعداً واضحاً حول أهمية هذه العلاقات. كما أكدت القمة تعزيز دبلوماسية التعاون بين كل من الاتحاد الأفريقي من جهة، والمنظمتين الفاعلتين (خصوصاً في مجال التعاون الاقتصادي) اللتين تنتمي إليهما روسيا من جهة أخرى، وهما «البريكس» ومنظمة شنغهاي للتعاون. وهو هدف يكتسي أهمية كبرى بالنسبة للاتحاد الأفريقي.

جملة من الملاحظات يجب تأكيدها لتقييم أعمال هذه القمة. ولا بد من الإشارة بداية إلى انخفاض عدد الحضور على مستوى المشاركة الرئاسية من 45 إلى 17 رئيس دولة أفريقية بين القمتين الأولى (2019) والثانية. من الأسباب التي تقف وراء ذلك منها بالطبع أن القمة الثانية انعقدت في ظل لحظة مواجهة كبيرة ومتصاعدة بين روسيا من جهة، والقوى الغربية من جهة أخرى بسبب الحرب في أوكرانيا. وقد يكون كثير من الدول الأفريقية رغم مواقفها المحايدة والمتوازنة من خلال الدعوة عبر المبادرة الأفريقية للتسوية السلمية للحرب الدائرة، لا تريد أن تصنف كما لو أنها انحازت إلى موسكو في الحرب الدائرة. الأمر الذي دفع لتخفيض مستوى المشاركة عند البعض لتلافي استفزاز أو إثارة رد فعل غربي يطول مصالح هذه الدول. من أسباب انخفاض المشاركة أيضاً، تراجع التوقعات الأفريقية فيما يتعلق بالتعاون والتبادل الاقتصادي بين الطرفين. كانت هنالك توقعات في قمة سوتشي أن يصل حجم التجارة بين الطرفين إلى نحو 40 مليار دولار، ولكن لم يتعدَ ذلك 18 مليار دولار. كما أن استثمار روسيا في القارة السمراء لا يتجاوز الواحد في المائة من الاستثمار الخارجي. ولا بد من الإشارة إلى أن الهند تستثمر أكثر بكثير من روسيا في أفريقيا.

الجدير بالذكر أن الدبلوماسية الصينية الناشطة، خصوصاً عبر البوابة الاقتصادية والتنموية في أفريقيا تحظى بمكانة كبرى، إن لم تكن بالأولوية في القارة السمراء في هذا المجال. ويواجه عدد من الدول الأفريقية أزمة غذائية كبرى، لأنها تعتمد بشكل وازن على واردات الحبوب التي انخفضت بشكل كبير وخطير على أمنها الغذائي، بعد وقف العمل من طرف موسكو باتفاقية تصدير الحبوب أو ما عرف بمبادرة البحر الأسود، التي لعبت تركيا الدور الرئيسي في إنتاجها. وقد أصيب عدد من الدول الأفريقية بخيبة أمل بعد أن انتظرت هذه الدول أن تعيد موسكو أعمال تلك الاتفاقية أو توفير وسيلة أخرى لتأمين الاحتياجات الاستراتيجية من الحبوب لها. ولم تكتفِ هذه الدول بالوعود الروسية لتوفير مساعدات بشكل آخر، إذ اعتبرت أنها خرجت فاضية اليدين لغياب موقف روسي كان منتظراً التوصل إليه في قمة موسكو، لمعالجة مسألة أساسية وحيوية بالنسبة لأمنها الغذائي.

على صعيد آخر يبقى لروسيا دور أساسي قامت وتقوم به على الصعيد الاستراتيجي السياسي والأمني والتسليحي. وما تقوم به قوات فاغنر «على الأرض» يندرج في خدمة هذا الدور. وتستفيد موسكو بشكل خاص، مع غياب أي تاريخ استعماري لها في أفريقيا، من ازدياد الخلافات بين القوى الغربية الرئيسية ودول أفريقية مختلفة. وتقدم أزمة النيجر حالياً والتراجع الذي أصاب الدور الفرنسي التاريخي على سبيل المثال، في منطقة الساحل ذات الأهمية الاستراتيجية الكبرى للقوى الغربية، أبرز مثال على الاستفادة من هذه الأوضاع. كما تحتل الطاقة أهمية خاصة في العلاقات الروسية - الأفريقية لما تحمله من فرص لتصدير الغاز الروسي وإقامة شراكات روسية - أفريقية في هذا المجال الاستراتيجي.

الموقع الاستراتيجي لأفريقيا والموارد الطبيعية الكبيرة التي تحتضنها والديموغرافيا الضخمة، خصوصاً الشبابية لديها، وهشاشة البناء الوطني في كثير من دولها؛ كلها تسهم في استدعاء التدخل بأشكال ولأسباب مختلفة، وهي عناصر تعمل مجتمعة على زيادة حدة التنافس بين القوى الكبرى، في عملية بناء النفوذ في القارة السمراء، أياً كانت التسميات أو العناوين التي تحملها هذه العملية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القمة الروسية ــ الأفريقية تحديات مستقبلية القمة الروسية ــ الأفريقية تحديات مستقبلية



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon