بقلم : محمد أمين
من المؤكد أن الرئيس الأمريكى بايدن سوف يدفع ثمن حرب غزة وحده، سواء من رصيده أو من تاريخه ومستقبله السياسى، وهو أضعف الإيمان.. أما الفاتورة القاسية، فقد تكون عمليات فى العمق الأمريكى أو على السفارات الأمريكية فى مختلف دول العالم.. وأذكر هنا ما قاله الرئيس الأسبق بارك أوباما أن الموقف فى غزة قد يؤدى إلى تصلب الموقف الفلسطينى لأجيال قادمة.. وهذه حقيقة فماذا يفعل الإسرائيليون والأمريكان مع الأطفال الذين شاهدوا الدمار فى مناطقهم والشهداء من ذويهم؟!.
هل هذا التصور كان سببا فى التغير «الظاهر» فى الموقف الأمريكى إزاء ما تفعله إسرائيل من تدمير لقطاع غزة؟.. المراقبون لديهم تساؤلات حول هذا التغيير، فهل هو تغيير يعكس تحولا فعليا أو مجرد تحول فى الخطاب استجابة لحالة الإدانة الشعبية، والمظاهرات التى ضربت بعض المناطق فى أمريكا وشلت حركة المواصلات ومحطات المترو الرئيسية؟!.
بالتأكيد المظاهرات الدولية عبر العالم، والداخلية فى أمريكا لأيام عديدة وبكثافة عالية كانت السبب، فضلا عن الموقف فى غزة نفسه وفشل تنفيذ الهجوم البرى حتى الآن وربما وقوع ضباط برتبة كبيرة فى الأسر، غير الموقف الأمريكى، ولا مانع أن يكون للضغوط الدولية والعربية تأثيرها أيضا!.
كل هذا أدى لتغيير الموقف الأمريكى على الأرض.. أضف إلى ذلك التهديد باستخدام سلاح البترول مرة أخرى، خاصة مع دخول فصل الشتاء.. وارتفاع عدد الشهداء.. وكان من أخطاء بايدن أنه ردد مقولة أن إسرائيل لها الحق فى الدفاع عن نفسها، بعد عملية طوفان الأقصى!.
وأعتقد أن المواقف ستتغير أكثر كلما سقط ضباط وجنود آخرون فى الأسر، وصعوبة تحرير الأسرى الذين تحتجزهم الفصائل، والغضب الواضح المتزايد من الدول العربية، ومن الحلفاء الأوروبيين وبعض الأمريكيين فى الداخل، قد دفع فريق بايدن إلى دعوة للتوقف الإنسانى لهجمات إسرائيل والتركيز على إيصال المساعدة للفلسطينيين!.
ويحسب للعرب تحركاتهم لوضع هدنة إنسانية بقرار أممى، وكانوا جميعا صوتا يمكن أن يحسب له حسابه، إلا أننى مازلت لا أعرف تفسيرا واضحا لموقف العراق وتونس من القرار اللذين امتنعا عن التصويت عليه؟.. صحيح أن مصادر عراقية قالت كلاما غير مفهوم، لكن ما حجة تونس التى تقف متظاهرة طوال الليل ثم يقوم مندوبها بالامتناع عن التصويت؟.. هل البعض يكتفى بالتظاهر فقط؟.. هل يتصور هؤلاء أنهم يتظاهرون على الملأ، ويصوتون فى الغرف المغلقة؟.. ألا يعرفون أن الشارع يعرف فى نفس اللحظة، بعد تطور وسائل الاتصال؟.. هل يعتقدون أننا مازلنا فى الستينيات؟!.
وأخيراً، هل أدرك بايدن أن كثيرين من أنصاره قد يتخلون عنه فى الانتخابات القادمة إذا تصاعد تدهور الوضع الإنسانى بشكل خطير؟، وأن ما يحدث فى غزة قد يأتى برد فعل عكسى؟!.. وهل كانت تصريحات أوباما عن تصعيد الموقف وتأثيره على أمريكا لأجيال قادمة، وجدت آذانا صاغية عند بايدن، الذى ربما لا يدفع الثمن وحده؟!.