بقلم - محمد أمين
الآن تستعد الأحزاب المصرية والنقابات لجولة الحوار السياسى المقرر انعقادها قريبًا.. وقرأت أنها بدأت تستقبل مقترحات الأعضاء بشأن الحوار الوطنى.. وأول شىء أحب أن أسجله هنا أن يكون القائمون على الحوار والمشاركون فيه ممن يقبلون ثقافة الاختلاف، ولا يمارسون دور الرقيب منذ البداية.. أيضًا لابد أن يسمحوا للزهور بأن تتفتح وتخرج كل الأفكار، فهى تبقى مجرد أفكار ومقترحات يصح أن يأخذ بها من بيدهم مقاليد الأمور أم لا؟.. فمن الممكن أن تؤدى الأفكار الصغيرة إلى أشياء كبيرة بعد تطويرها!
فلا تمارسوا دور الرقابة من البداية، فهى بالتأكيد ستنتهى إلى فرض رقابة فى نهاية المطاف، أو ستخضع لعملية تنقية وتصفية، وافتحوا النوافذ لكل الأفكار ولا تتعاملوا معها بضيق أفق، واعتبروها أفكارًا وطنية تخرج من مشكاة واحدة على أرضية وطنية، طالما أننا ارتضينا الحوار لكل أبناء الوطن!فحين يتحدث المتحاورون عن الحريات لا يعنى أنهم ينفذون أجندة.. فالمنطقى أنهم مصريون وتم اختيارهم على أساس وطنى، والحريات كانت ومازالت مطلبًا مصريًا وطنيًا، لكل المحبوسين خلف القضبان ما لم يتورطوا فى قضايا إرهابية أو يحملوا السلاح ضد مصر!
وقد تذكرت المهندس يحيى حسين عبدالهادى نموذج الرجل الذى كافح الفساد وطالب بعودة عمر أفندى حتى عاد بحكم محكمة، وقيل إنه الآن أصبح يكسب لأول مرة.. تذكرته عندما قضت المحكمة بحبسه منذ أيام أربع سنوات مع أنه فى السجن منذ عام 2019، ويبدو أن المحكمة أرادت أن تُنهى القصة بالمقاصة ليخرج للحياة، ويغادر قضبان السجن.. فلم يصدر عنه تصريح ولم يكتب بيانًا منذ دخل السجن، وهو معروف باستقامته وصبره وجلده، لأنه ابن المؤسسة العسكرية التى يفتخر بها، ونفتخر بها!
يحيى حسين لم يحمل السلاح فى وجه الوطن وإنما دفاعًا عن الوطن.. وكانت له أفكار جيدة يمكن التعامل معها وكلها أفكار وطنية خالصة، وكنت أتمنى أن يخرج بحكم المحكمة، خاصة أنه لم يتورط ذات يوم فى أجندة خارجية أو تمويل أجنبى.. وهو فى كل أفكاره يجتهد فيصيب أو يجتهد فيخطئ!
وبالتأكيد ستكون قضية المحبوسين واحدة من ملفات الحوار الوطنى.. وقد أبدت الدولة حسن نية وسارعت بالعفو عن كثيرين وأعادت تشكيل لجنة العفو الرئاسى، ما يدل على حسن النوايا، وأنها قررت أن تمهد التربة الوطنية لحوار ناجز ومفيد ومثمر!
وفى الحقيقة فأنا أشعر بكثير من التفاؤل أننا نبدأ الجمهورية الجديدة بفتح الباب أمام الحريات وحقوق الإنسان، وإطلاق سراح المسجونين فى قضايا الرأى والتعبير.. وهو الملف الذى يجب أن تكون له الأولوية الأولى فى الحوار الوطنى، وإتاحة المناخ العام أمام الحوار والنقابات والأحزاب.. لنضع مصر على خريطة الديمقراطية، وندفع البلاد نحو الإنتاج والعمل بروح وطنية تبنى وتعمر وتفتح الباب أمام الجميع للإبداع!
باختصار، لا نريد أن يُفسد أحد فرصة الحوار الوطنى بقيود أو مزايدات، إنها دعوة وطنية جادة ينبغى استثمارها بكل ما نملك، ونتفاعل معها بروح خلاقة محبة للوطن!.