بقلم - محمد أمين
اغتال العدو الصهيونى الصحفية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة بدم بارد، دون حساب للمطبعين العرب.. السؤال: هل خدم التطبيع العربى القضية الفلسطينة، وهى المفترض أنها قضية العرب الأولى والمحورية؟.. وهل خفف التطبيع العربى «الضغط» على فلسطين؟.. أم أن إسرائيل تمادت تحت غطاء التطبيع فى قهر الشعب الأعزل؟.. لقد كانت إسرائيل تخشى الغضب العربى والمظاهرات العربية وتستحى قبل التطبيع.. ولكنها الآن أصبحت أكثر شراسة فى التعامل مع الفلسطينيين وتغولًا فى القدس والمسجد الأقصى، وأصبحت تقتحم الأقصى وتعتقل المصلين من داخل المسجد، لأنها لا تخشى مقاطعة ولا مظاهرات ولا حتى احتمالات الغضب!
الكارثة أن تل أبيب لم تعتذر حتى عن واقعة اغتيال شيرين أبوعاقلة، ولم تقم بإجراء تحقيق فى الحادث الذى تابعه الملايين، كما أن الجزيرة التى كانت تضع أسماء الصحفيين على شريط الأخبار لتطالب بدمائهم لم تفعل ذلك، ولم تطالب بدم شيرين أبوعاقلة، وأخشى أن تذهب الجريمة بلا حساب ولا عقاب، فى ظل صمت عربى مذهل، وفى ظل حالة من التراخى والتودد تجاه العدو الذى أصبح يُلقب أبناؤه بأبناء العم!.. وبقيت فلسطين وحدها تدين جريمة الاحتلال، وتندد به!
وقد كانت إسرائيل «تمثل» زمان أنها تُجرى تحقيقًا وتوقف إطلاق النار، وتوقف قتل المدنيين، عندما كانت تعمل حسابًا للغضب العربى، وكانت مكالمة واحدة من الرئيس الأسبق حسنى مبارك كفيلة بإعطاء تمام بانتهاء العمليات ووقف إطلاق النار!
مهما فعلت إسرائيل ستظل القدس العاصمة الأبدية لفلسطين، وإن راح العشرات فى سبيل هذه القضية، وبالمناسبة فإن شيرين أبوعاقلة ليست أول ضحية ولن تكون الأخيرة، ولكن حظها أن تسقط شهيدة فى زمن التطبيع العربى مع إسرائيل، فى الوقت الذى تنتهج فيه إسرائيل سياسة قتل المدنيين فى القدس بحق أبناء الشعب الفلسطينى ومقدساته وأرضه!
إنها السياسة التى تنتهجها تل أبيب منذ سنوات تجاه الصحفيين بهدف طمس الحقيقة وتزييف الواقع، بالتوازى مع عمليات تطبيع منظمة وممنهجة دون الاحتجاج على ذلك فى وجه المعتدين أبناء العم الجدد.. فهل اكتشفنا هذه العلاقة العائلية هذه الأيام فقط؟!
وأكاد أقول إن إسرائيل لم تحسب حسابًا لكل المهرولين تجاه التطبيع معها، ولم تعتذر حتى لترفع الحرج عنهم، فكأنهم لم يخدموا القضية كما قالوا.. وإنما حاولوا خدمة إسرائيل وحدها بكل أسف!
وتنسى حكومة تل أبيب أن «شيرين» عاشت وترعرعت فى القدس، وإن كان أصلها يرجع إلى بيت لحم.. وتنسى كذلك أن الأجيال التى عاشت فى القدس سوف تموت أيضًا من أجل القدس، دون أن تهنأ إسرائيل بالتطبيع أو تضع أقدامها فى القدس!.. لن تنجح إسرائيل فى محو هوية القدس بقتل كل أبناء القدس.. فالقصة ليست فى بقاء شيرين أو رحيلها، هناك مليون شيرين، فإذا ماتت شيرين فإن فلسطين لن تموت!.