بقلم - محمد أمين
أعجبنى الحوار الذى أجراه نقيب الصحفيين ضياء رشوان مع المناضل السياسى حمدين صباحى منذ أيام.. وهو من عينة الحوار الذى يصح أن يكون أمام بصر الجماعة السياسية، فى إدارة الحوار الوطنى.. معروف أن «صباحى» لديه خبرة سياسية كبيرة، وخاض الانتخابات الرئاسية ويتكلم بالتزام شديد، ويؤمن بأن الحوار هو السبيل الوحيد للتقدم.. وهى معان يجب أن تكون فى الاعتبار.. ولفت نظرى أن صباحى لا يدخل الحوار وهو يضع شروطًا مسبقة، كضمانة لنجاح الحوار وإنما يطلب إجراءات وضوابط لا شروطًا.. والفرق كبير بين الضوابط والشروط!.
وقال «صباحى» إن الحوار يجب أن يكون مفتوحًا لكل من يوافق عليه.. وهى كلمة شاملة جامعة وضرورية لحالة الحوار.. ولا تحتاج إلى كلام كثير أو تفسيرات من أى نوع.. وصباحى هنا لا يستغل الظرف السياسى الذى تمر به البلاد، فلا يفاصل ولا يشترط.. وإنما يطلب ضمانات وضوابط لنجاح الحوار.. وهو ما يعنى أنه ذهب بحسن نية للتحاور ومعه الملفات التى تصنع حوارًا جادًا!.
وقال إن طرفى الحوار هما السلطة والمعارضة، وبالتالى فليس شرطًا ان تشارك جميع الأحزاب والكيانات فى الحوار.. فمثلًا لو كان عندنا 100 حزب ونعرف كيف نشأت هذه الأحزاب، ونعرف توجهاتها.. فليس شرطًا أن تشارك جميعها.. فلا داعى لاستضافة أحزاب الموالاة، وإنما يجب مشاركة أصحاب الرأى المختلف، فلا داعى لاستضافة الأحزاب المشاركة فى السلطة!.
وأعتقد أن رأى صباحى جاد وحريص على نتيجة الحوار وتحقيق الهدف منه، بحيث لا يتحول إلى مكلمة ولا يتحول إلى كلام عن الإنجازات والإشادات بمواقف حكومية.. وأظن أن مشاركة صباحى فى الحوار تعنى أن هناك صفحة جديدة كما أن وجوده فى حد ذاته ضمانة لنجاح الحوار!.
الجديد أن صباحى لا يشترط على السلطة وإنما يشترط على المعارضة، فهو يطالب بتقديم بديل قابل للتنفيذ، وقال إن وظيفة أحزاب المعارضة أن تسعى إلى الحكم عبر تقديم حلول سياسية، وامتلاك سياسات يمكنها حل مشكلات الدولة والسعى لإقناع الناس بها. وهو يؤكد ضمنًا على ضرورة فتح المجال لحراك سياسى يدعم الفكرة، ويقدم أجيالًا جديدة تلعب سياسة وتتحاور ولا تقاطع، بقوله إن «الاختيار الصحيح فى كل حوار هو التحاور لا القطيعة».. وهو كلام عقل لا ينتهز الفرصة، وإنما يدفع فى اتجاه التحاور من أجل مصر!.
وأثمن ما قاله صباحى فى حواره الذكى مع ضياء رشوان.. وأرجو أن يكون فاتحة لحوار وطنى على الشاشة تملأ الفراغ العام والفضاء العام، ونربى أجيالًا تتحاور، فالمؤكد أن صباحى نفسه لم يصل إلى هذه النتيجة من فراغ، وإنما بمشاركات مستمرة وأحزاب تتحاور ومجال يسمح بهذا الحوار!.
وأخيرًا أدعوكم لإعادة مشاهدة هذا الحوار فهو «حوار نموذج»، وأرجو أن يكون موقفى الآن تصحيحًا لمواقف سابقة تجاه السياسى الكبير حمدين صباحى!.