بقلم - محمد أمين
الاتفاق الذى جرى توقيعه بين بريطانيا ورواندا لاستضافة اللاجئين إلى بريطانيا بطرق غير مشروعة يُعتبر غير مسبوق، ومشبوهًا، وضد حقوق الإنسان، ولا يصح أن تصمت عليه الأمم المتحدة والمجتمع الدولى، ولا يجب أن يمر مرور الكرام!.. فكيف يهرب بعض اللاجئين السياسيين من بلادهم إلى بريطانيا، فإذا بهم يجدون أنفسهم وقد تم ترحيلهم إلى رواندا؟.. كيف يحدث ذلك لأول مرة فى التاريخ؟، وهل «جونسون» حر التصرف فى مصائر المهاجرين بقرار منفرد؟.. إنها مأساة، وكارثة حقيقية تلطخ وجه بريطانيا.. ولا يمكن أن يغفرها لـ«جونسون» أحد!.
أفهم أن يردهم إلى بلادهم، وأفهم أن يتم ترحيلهم مرة أخرى من حيث جاءوا، ولو أن ذلك ضد حقوق الإنسان، لكننى لا أفهم أن يتم نقل المهاجرين إلى دول إفريقية أو إلى المستعمرات القديمة.
وقد كنت أتصور أن يستطلع آراء المهاجرين فى الدولة المضيفة، ولكنه لم يفعل، ولم يترك فرصة الاختيار للبحث عن دولة أخرى.. وهى جريمة يجب أن يحاسَب عليها «جونسون».. نعم هناك هجرة غير شرعية وهناك هجرات سابقة غير شرعية، ولكنه يضرب سمعة بريطانيا، فالقصة ليست فى بعض الدولارات، فقد استضافت بريطانيا فى فترات سابقة جماعات تكفيرية، وأصبحت حاضنة لهم بلا حساب، وحين جاء إليها المهاجرون لأسباب سياسية تم ترحيلهم بحجة أن الأعداد كبيرة، دون أن يحصل «جونسون» على موافقة برلمانية بقرار منفرد!.
ولم يكن غريبًا أن ينفجر الرأى العام والدوائر السياسية غضبًا، خصوصًا أن ما حدث لم يسمع به أحد فى الأولين ولا الآخرين.. ولم يكن السبب هو الاطمئنان إلى رواندا، فسجلها فى حقوق الإنسان لا يبعث على الطمأنينة كما قالت بعض الدوائر!.
إن هذا الاتفاق جاء ليغطى على اتهامات «جونسون» بكسر القواعد أثناء الجائحة والتغطية على الغرامات التى يتعين عليه دفعها، والتى تصل إلى عشرة آلاف استرلينى ومطالبات كثيرين بإقالة «جونسون»!.
قد يكون هذا الاتفاق هو القشة التى ستكسر ظهر البعير، خاصة أن هناك مطالبات بالاستقالة من حزب العمال وحزب المحافظين نفسه.. فما حدث يُعتبر تجارة فى البشر أكثر منه توفير فرصة للمهاجرين، وكأنهم وقّعوا لـ«جونسون» على بياض للتصرف فى مصائرهم!.
ولا يمكن لـ«جونسون» أن يتعلل بأى شىء أبدًا ليبرر هذا التصرف المسىء إلى دولة كبرى مثل بريطانيا، فليس هذا هو التصرف المناسب لاستقبال اللاجئين فى العالم.. أى غباء هذا؟. لقد فتح هذا الاتفاق باب الجدل على مصراعيه، وأصبحت بريطانيا دولة طاردة لأصحاب اللجوء السياسى!.
باختصار، هذه سقطة لا تُغتفر أبدًا، ووصمة فى جبين بريطانيا.. ولا يصح أن يكون الحل إرسال اللاجئين إلى مستعمرات قديمة، مقابل حفنة دولارات.. فهم لم يختاروا رواندا ولكنهم اختاروا بريطانيا، وهى تجارة فى البشر لم نسمع بها من قبل.. ولا يمكن قبولها تحت أى سبب من الأسباب!.