بقلم - محمد أمين
هذه رسالة من القارئ حازم راضى، يقول إنها استغاثة لمن يهمه الأمر، وشكوى من مواطن قد أوصدت أمامه كل الأبواب.. يقول فيها:
الكاتب المحترم/ محمد أمين..
أتوجه لسيادتكم بهذه الشكوى، حيث أصبح مجال الشكوى موصدًا، ولم أجد غير نافذتكم الكريمة التى أتمنى أن تتسع لى.
للأسف ونحن بصدد عقد مؤتمر عالمى للمناخ وتأثيراته السيئة، فإننا نجد أن توجه الحكومة أصبح فى الاتجاه المضاد تمامًا.. أصبح يقطع الأشجار ويجرف المسطحات الخضراء التى تقلصت بشكل كبير، خصوصًا فى القاهرة التى أصابتها حمى التطوير.. إننا لا ننكر أن الطرق حدثت بها طفرة لم نحلم بها منذ عقود، ولكن مع السرعة فى الإنجاز فقد حدث أن سقط اللون الأخضر من الحساب.. وقد تحملت منطقتا مصر الجديدة ومدينة نصر بالأخص معظم هذا العبء.. فقد توجهت عين الحكومة نحو المسطحات الخضراء الصغيرة داخل المربعات السكنية لـ(تطويرها).. وبالطبع هذا التطوير يشمل إزالة الأشجار والمناطق الخضراء وإقامة كافيهات وجراجات! سيدى الفاضل، أنت بالطبع تعرف أن هذه الحدائق الصغيرة أصبحت المتنفس الأخير لمدينة تعيش فى أتون الحر والعرق، ولا يجد مواطنوها أى ظلال للحماية من أشعة الشمس الحارقة أو حتى أكسجين للتنفس أو للتنزه والاستمتاع باللون الأخضر الذى اندثر فى السنوات الأخيرة. مرفق لكم صورة من مخطط الحكومة لإزالة مربع أخضر صغير داخل كتلة سكنية لم يشكُ قاطنوها من أى شىء ولم يعانوا سوى من تردى بعض الرصف للشوارع، وهو الأمر السائد فى جميع أنحاء مصر.. ولكنهم فجأة استيقظوا على لافتة تخبرهم بأن هذه المربعات الخضراء التى أمام نافذتهم سوف تتم إزالتها لإقامة جراج وكافيهات.. ليتسلل الإزعاج والعشوائية من الشوارع الرئيسية إلى داخل المربعات السكنية وحتى تحت بيوتنا!
إننى حقًا أتساءل: ونحن فى خضم الدعوة للحوار، أليس من الأوقع والأجدى أن تتحاور الحكومة مع مواطنيها قبل اتخاذ قرار يمس راحة مواطنيها ويقض مضجعهم ليلًا ونهارًا؟! أليس من الأجدى للحكومة أن تستشير متخصصًا فى العمران والتخطيط لتعرف أنها ترتكب جريمة حين تحول هذه المربعات الخضراء الصغيرة داخل الكتل السكنية- وليس على الشوارع الرئيسية أو حدائق عامة كبيرة- إلى جراجات وكافيهات؟! يقينى أن هذا هو الحوار الذى أعرفه والذى يعرفه كل مواطن.. فالمواطن البسيط لا يهمه سوى قضاء حاجات بيته وأولاده، والتى أصبحت عزيزة جدًا هذه الأيام.. لن يهتم بالحوار السياسى أو الاجتماعى أو حتى الاقتصادى الذى يحفل بالكلمات الرنانة مثل النمو أو التضخم أو عجز الميزانية أو فائض الميزان التجارى.. كل هذا غير مهم بالنسبة له.. ولكن إذا جاءه مسؤول فى الحى أو المحافظة وسأله: ماذا تريد تحت بيتك.. أمام عمارتك وفى شارعك؟ فإنه سيُصبح أسعد إنسان فى الوجود لأنه سيشعر بأن الدولة تعمل من أجله.. وتراعى احتياجاته الأساسية التى من ضمنها بعض الحدائق الصغيرة أمام بيته.. ساعتها سيشعر المواطن فعلًا بأنه مصرى وأنه إنسان! إننى أدعو سيادتكم أن توصل صوتنا إلى الحكومة التى تحمل فقط البناء التجارى الهادف للربح على حساب الإنسان.. الإنسان الذى نريده أن يطمح للجمال والرقى وينبذ القبح والعشوائية.. إننى أتمنى أن تقف هذه الحملة المستعرة تجاه كل أخضر، والحفاظ على ما تبقى لنا من حدائق صغيرة لعلها تكون المنجية لنا من لهيب صيف قادم.
وأشكر لكم حسن الاهتمام.