بقلم - محمد أمين
كلما هلّت أيام الامتحانات ظهر الكلام عن الغش كأنهما متلازمان الغش والامتحان.. وخلال الأيام الماضية تم تسريب الامتحانات على صفحات الغش فى وسائل التواصل الاجتماعى دون أن يكون هناك حل من جانب الدولة أو الوزارة.. ورغم ما نكرره كل عام من أن الغش فى الامتحان مُحرَّم ومُنكر، كالغش فى المعاملات، وقد يكون أعظم من الغش فى المعاملات؛ فإن الغش لا يزال مستمرًّا.. وهو يستخدم التكنولوجيا ويتستر بالدين أيضًا!.
والبعض يدخل الامتحان بالموبايل، فيصور ورقة الأسئلة وينقلها لآخرين فى الخارج، ويتم تسريب الامتحانات فى الدقائق الأولى لتتم الإجابة وإرسالها مرة أخرى داخل اللجنة، والحِيَل كثيرة.. الأغرب أن بعض مَن يمارس هذه العادة الكريهة منتقبات يضعن الموبايل تحت الطرحة، فى اشتغالة للمراقبين!.
يحكى أحد طلاب الدراسات العليا أن طالبة منتقبة وضعت الموبايل تحت النقاب، وأبلغت على الطرف الآخر أحد المعيدين بالأسئلة، وتلقّت الإجابة بعد قليل، وكان ذلك بصوت مسموع، ما جعله يثور ويقول كلامًا غير مفهوم، فانتبهت الطالبة وسكتت بعض الوقت، ولم يأخذ المراقب باله.. لأن الطالب لم يكن جادًّا فى الإبلاغ!.
وظلت نصف الوقت تتملّى الإجابة، ثم انصرفت بعد نصف الوقت وهى تشعر بارتياح غريب.. صحيح أنها هى مَن ستدفع الثمن رغم الغش، وستقف عند هذه الخطوة لضعف مستواها وعدم إمكانية اجتياز المراحل التالية، لكنه اغتاظ أنه لم يركز، وضيّع على نفسه وقتًا طويلًا، فلا هو سمع شيئًا، ولا هو كتب أفكاره وإجابته، لكنه قال لكل الدفعة إنها غشّاشة انتقامًا منها على الوقت الذى ضاع منه!.
فكرة المكروه والحرام لا تُخيف البعض، فهو يؤجل كل ذلك إلى يوم القيامة، أما اتخاذ الإجراءات القانونية فهو الأسرع والأنجع، ولكننا لا نفعله.. فمَن يقول حرام، ومَن يقول: «تيجى من حد تانى أو حد غيرى».. لا أحد يُبلغ الإدارة، ولا حتى المراقب نفسه لأنهم سينتظرونه فى الخارج.. وقد رأينا فى العام الماضى قرى كاملة تتظاهر ليغش أبناؤها، وبعضهم حاصر المدرسة، وكاد يعتدى على المعلمة، لولا تدخل الأمن!.
فماذا جرى فى بلادنا؟.. هل نحارب الغش أم نحارب كى نغش؟.. كيف تغيرت المعايير إلى هذا الحد؟.. هل انقلبت القيم، فأصبحنا نضرب المدرسين بدلًا من احترامهم؟.. هل نساعد أبناءنا على الغش أم نساعد المدرسين على ضبط العملية التعليمية؟!.
تحولت مدارسنا إلى مدارس مشاغبين ومدارس غشاشين، بحجة أن الكل يغش وبحجة أنهم لا يشتغلون فى نهاية المطاف.. القصة أن الغشاش لا يعمل، فهذا هو المنطق لأنه سيظهر عند أى اختبار أو «إنترفيو»!.
النصيحة: لا تسمحوا تحت أى ظرف بدخول الموبايلات لجان الامتحانات، ولا تسمحوا بدخول المنتقبات. أصبح النقاب وسيلة من وسائل الغش للأسف.. سواء بتهريب أوراق صغيرة «برشام» أو موبايلات!.. وعلى أى حال، فالغشاش لا يحصل على درجة الامتياز، ولكنه ربما ينجح فقط!.